عايش: الحكومة مطالبة باستثمار “المقاطعة” الشعبية لا الغمز فيها

عايش: الحكومة مطالبة باستثمار “المقاطعة” الشعبية لا الغمز فيها

أكد على ضرورة استثمار الحالة الشعبية لدعم الإنتاج الوطني وتحقيق الأمن الغذائي الأردني

عمّان – رائد صبيح

طالب خبيرٌ اقتصاديٌ الحكومة بالكف عن الاستمرار بالغمز في الموقف المشرف للشعب الأردني المطالب بوقف العدوان الغاشم على قطاع غزة، وذلك بصورٍ متعددة وإحداها “المقاطعة” التي هي حقٌ نابعٌ من الحالة الشعورية الشعبية إزاء ما يجري، مشددًا في الوقت ذاته على ضرورة استثمار هذه الحالة الشعبية لدعم الإنتاج المحلي وتطويره ووضع خطة لتحقيق الأمن الغذائي الأردني ومواجهة التحديات التي نتعرض لها اليوم بسبب سياسات الاحتلال المجرم والمواقف الأمريكية الغربية الداعمة له.

وأكد الخبير الاقتصادي حسام عايش في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ ما طرحته الحكومة بالأمس حول التدابير الاقتصادية، جيد لجهة التحوط واتخاذ الإجراءات للتخفيف عن المواطنين وطمأنتهم لوجود السلع الأساسية وتوفرها، وأنّها ستظل في إطارها السائد ولن تتأثر بالتداعيات المختلفة لنتائج الحرب الإجرامية على غزة، ومجريات الأحداث في اليمن.

وقال عايش: عندما نتحدث عن البحر الأحمر ومضيق باب المندب وتأثير ذلك على انسيابية حركة التجارة الدولية، ومنها التجارة الأردنية، التي يفترض أنها لم تتأثر بنتائج ما يحدث حتى الآن، لكن التأثر سيأتي من ارتفاع كلف الشحن وهذا الأمر متعارف عليه، حيث تسارع شركات الشحن للاستفادة من هذه التوترات لرفع كلف الشحن، ناهيك عن كلف التأمين.

ولفت إلى أنّ هذا يؤثر على كلف الأسعار النهائية للسلع المختلفة، بالنظر إلى أنّ أيضًا انتظام حركة الشحن هو بحد ذاته يعتبر تحديًا في هذه الظروف، يمكن أن يخلق خللا في سلاسل التوريد والإمداد وتؤثر على المعروض النهائي من السلح والمنتجات المتاحة في الأسواق العالمية ومنها السوق الأردني.

وتابع بالقول: بالنتيجة، ما يحدث في البحر الأحمر، وما يحدث من تداعيات المستمرة، بسبب الحرب الإجرامية الإسرائيلية  على غزة، لا شك أنّ المواطنين يتعاملون معه باعتبار أنّ هناك وسائل للتعبير عن رأيهم لرفض كل ما يحدث من خلال إمّا المقاطعة، أو تقليل الإنفاق، أو تركيزه على الاحتياجات الأساسية.

واستدرك عايش: ناهيك عن أنّ الكثيرين يشعرون بأنّ الاحتياج للسيولة النقدية في مثل هذه الظروف، يعتبر أمرًا من باب التحوط لما قد يحدث في المستقبل.

وقال عايش: بجميع الأحوال، الإجراءات التي يفترض أنّ رئيس الوزراء تحدث عنها معروفة ويجب أن يكون لدينا مقياسًا لحالات عدم اليقين والاضطراب، سواء كان ذلك للكوارث الطبيعية أو الجوائح، أو الاضطرابات الأمنية والعسكرية، أو إخلالاً لمبدأ السلامة العامة كما تفعل إسرائيل في المنطقة، ناهيك عما تقوم به الولايات المتحدة عمدًا للتأثير على التجارة وحركتها العالمية لاسباب تتعلق بإسرائيل على وجه التحديد وحمايتها من أية تداعيات ربما تؤثر عليها.

ردة فعل الأردنيين بسبب العدوان على غزة

وقال عايش إنّ ما يقوم به المواطنون الأردنيون جاء بنتيجة العدوان الإسرائيلي على غزة، وعدم انتظام حركة التجارة الدولية إلى الأردن عبر باب المندب تقوم به الولايات المتحدة والتحالف الغربي، وبالتالي فإنّ الحكومة مطالبة دائما وفي جميع الحالات التي يشوبها عدم اليقين والمخاوف التي يعبر عنها المواطنون خاصة في انتظام سلع التجارة الداخلية وبالذات ونحن على أبواب رمضان، ان تقوم بما يملي عليها دورها وواجبها في حماية الأوضاع الاقتصادية المحلية والمعيشية الداخلية.

ولفت إلى أنّ هذا يستدعي بعضًا من الإجراءات، منها ما أعلن عنه رئيس الوزراء فيما يتعلق بالأسعار التي ستظل سائدة كما هي حتى بعد نهاية رمضان.

وأشار إلى أنّ مراقبة الأسواق وضبط الأسعار عند مستوياتها السائدة حاليا سيكون واحدا من الأدوات الحكومية في التأثير على الأسعار وإبقائها ضمن حدودها.

وفي سياق متصل، أكد عايش أنّه لا بد من مواجهة ما يحدث عند باب المندب أو على غزة، وبالذات عندما نتحدث عن الوضع الاقتصادي والمعيشي لدول المنطقة المتأثرة بهذه الأحداث، من أن يكون لديها تنسيقا فيما بينها وهذا أمر مهم، هناك سبع دول مشاطئة للبحر الأحمر.

وشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة البحث عن وسائل حماية وتحوط إضافية، وواحدة من أدواتها المخزون الإستراتيجي، والذي تؤكد الحكومة أنه يكفي لعشرة شهور وهذا أمرٌ بالغ الأهمية.

كما لفت إلى أنّه يجب علينا أن يكون لدينا خطط طوارئ ليس بناء على التوجيهات بل بناء على برنامج معدّ ليتمّ العمل عليه فورًا عندما تسوء الأوضاع بالشكل الذي وصلت إليه والتعامل معها بالتدرج إن ذهبت نحو الأسوأ.

هل هناك ما أقلقك في تلميحات الحكومة؟

وفي إجابته على هذا السؤال، قال عايش إنّ الأمر يتعلق بعدد من الأمور، ألا وهي أنّه كان من المفيد أن نكون استباقيين ونتحوط لما يجري وكان يفترض أن نعمل على ذلك منذ بداية الحرب على غزة.

أمّا الأمر الآخر، بالنسبة لعايش، فقال: إنّ الإشارات الضمنية بأن نلتفت إلى أوضاعنا الداخلية، والمصلحة الوطنية لها أولوية وإن كان صحيحا، لكنّها جزء من المصلحة العامّة وليس جزءًا من المصلحة الخاصة للأردن فقط.

وأكد أنّ الدولة الأردنية رسميا وشعبيًا من أوائل من طالب وشدد على ضرورة وقف هذا العدوان، منوها في الوقت ذاته إلى أنّ واحدة من أدوات التأثير لوقف العدوان هي المقاطعة، ولا أحد يجبر أحدًا عليها ولكنّها مشاعر عامّة لدى المواطنين.

تطوير المقاطعة لدعم الإنتاج المحلي

واستدرك عايش بالقول: ناهيك، عن أنّ هذه المقاطعة يجب أن تتحول إلى سياسات عامة داعمة للإنتاج المحلي والسلع المحلية، وأن يكون هناك وقفة حكومية بما يتعلق بالسلع الإستراتيجية التي ربما تتأثر بنتائج الكوارث والاضطرابات والحروب وغيرها، ونستورد القسم الأكبر منها من الخارج.

وقال الخبير الاقتصادي: آن الأوان للتفكير بالأمن الغذائي بمستوياته الحقيقية والفعلية، وهذا ما يتم الحديث عنه منذ سنوات وحتى قبل كورونا، وعلينا أن ندعم المنتجات المحلية التي يمكن أن تكون بديلاً عن المستوردات، بالطبع دون أن نوقف الاستيراد لتصبح خيارات المواطنين والوطن أكثر تنوعًا في مواجهة أية نتائج سلبيات للاضطرابات والقلاقل، أو تداعيات الحروب التي تشنّها إسرائيل تحديدا على المنطقة بدعمٍ أمريكي.

وشدد على أنّه “يجب علينا أن ننوع مصادر السلع والمنتجات حتى لا نكون أسرى لخطوط نقل معينة أو لدول وجهات ربما تؤثر على استقرار السلع في الأسواق”.

ولفت إلى أنّ “الأهم أنه الواقف الأردنية المتخذة، يفترض أنها تكمّل بعضها البعض بما فيها الموقف الشعبي، وعلى هذا الأساس صحيح من المهم الالتفات لأنفسنا، ولكن علينا أن نعبر عن رفضنا لما تقوم به إسرائيل والولايات المتحدة وغيرها”.

وشدد على أنّ هذا التعبير يتم بالطرق السلمية التي تلجأ لها حتى الولايات المتحدة التي فرضت رسومًا جمركية عالية للواردات الصينية، حتى تشجع الأمريكيين على شراء المنتجات المحلية.

وتابع عايش بالقول: وبالتالي يفترض أن نحول الشكل الاحتجاجي من المواطن الأردني الذي يأخذ شكل المقاطعة، إلى سياسات تدعم الإنتاج المحلي وتبني عليه وتطور إمكانيات وقدرات الأردن على مواجهة التحديات التي نمر بها.

تعمّد إطالة أمد الحرب

ونوه عايش إلى أنّ “الإشكالية أنّ العالم اليوم يدفع ثمن انتظام التجارة الدولية، لسبب بسيط جدًا، أنّ الإخوة في اليمن، يقولون أدخلوا الماء والغذاء إلى غزة، والولايات المتحدة والغرب على استعداد لإقامة حرب إضافية تعطل كل التجارة العالمية وحوالي 12% بدلا من إدخال شربة ماء إلى غزة”.

وشدد على أنّ “هذا يعني أنّ هناك تعمدًا في الحرب، وفي إطالتها، واستمرارها، وفي الإبادة الجماعية التي تتعض لها غزة، وهذا يعني أنّ هذه الدول حتى تعفي إسرائيل من القيام بدورها في هذا المجال، وهي التي تقوم بهذا الدور نيابة عنها وتتحمل كلفة ذلك، كرمال أن تبقى إسرائيل هي السيد، وهي المنتصرة دائما”.

ولفت عايش إلى أن “إسرائيل” من الناحية الإجمالية مشهدها لم يعد سيسر هذا الغرب الذي اعتمد عليها لتكون حاملة طائرات متقدمة له، وإذا بها تغرق إلى حدٍ ما وبصورة معنوية.

واستدرك بالقول: قد تعوض إسرائيل خسائرها المالية، لكنها لا يمكن أن تعوض صورتها ومشهدها وهي تقف أمام محكمة العدل الدولية باتهامات الإبادة الجماعية، ودول قليلة في العالم اتهمت بذلك ومنها ألمانيا ودول أخرى.

كيف نحمي اقتصادنا من الضغوط الخارجية؟

وفي إجابته على هذا السؤال قال عايش: القضية الأساسية إذا أردنا أن نخرج من سياق التعرض للضغوط الخارجية في تجارتنا، علينا أن نطور منتجاتنا المحلية وأن نذهب نحو سياسات داعمة للاقتصاد الحقيقي في الزراعة والأمن الغذائي والصناعة وما في حكمها.

وختم حديثه لـ “البوصلة” بالقول: علينا أن نغير في الكثير من سياساتنا وأولوياتنا ومشاريعنا، وأن نعتمد فعلاً على الاقتصاد الحقيقي الموفر لفرص العمل وإمكانيات الصمود والقادر على الإضافة للصادرات، والذي يعوض أيضًا عن كثير مما نستورده من الخارج من سلع ومنتجات يمكن أن نوفرها أردنيا.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: