عطا: “قانون الطفل” جعل مجتمعنا تحت رحمة “الجهات الخاصة” وخطوطها الساخنة

عطا: “قانون الطفل” جعل مجتمعنا تحت رحمة “الجهات الخاصة” وخطوطها الساخنة

عمّان – البوصلة

حذرت الناشطة الحقوقية المحامية ليلى عطا في تصريحاتها لـ “البوصلة” من أنّ النماذج التي تمّ توزيعها على طلابنا في المدارس من إحدى الجهات الخاصة وما تحتويه من “خطوط ساخنة” تدعو أبناءنا للتواصل معها في حال تعرضهم لأي مشاكل، هي ثمرة وبداية الطريق لتطبيق قانون حقوق الطفل الذي تمّ إقراره مؤخرًا، مؤكدة على أنّ هذا القانون سيجعل المجتمع والدولة بأكملها تحت رحمة وإملاءات هذه الجهات.

وقالت عطا: “إنّ مثل هذه المظاهر والإجراءات كان أمرًا متوقعًا، لا سيما بعد التعديلات القانونية، والموافقة على تعديلات قانون حقوق الطفل”، لافتة إلى أنّ “هذا أمرٌ طبيعي كنّا نعلم جيدًا أنّنا سنصل إليه ولذلك حذرنا منه مرارًا وتكرارًا، ولم نجد لنا أذنًا صاغية في الدولة”.

وأضافت أنّ “ما سينشأ عن هذا القانون هو أمرٌ طبيعيٌ وملاصقٌ له، ولكن الإشكالية الكبرى تكمن في الجهات الخاصة التي تشرف على هذه الإجراءات والتي كما كنّا دائمًا ننادي ونطالب بأن تحذف من نص القانون، ولكنها اليوم ما زالت موجودة ضمن القانون وهي التي ستتابع القضايا المتعلقة بطلابنا وأطفالنا، وليست الدولة والحكومة، التي ستكون خاضعة لإملاءاتها، وسنكون جميعًا تحت رحمتها”.

ولفتت عطا إلى أنّ “أكبر مشكلة سنواجهها في إقرار قانون حقوق الطفل بدأت تظهر النتائج الناشئة عنها”.

المحامية ليلى عطا: لماذا لا تكون وزارة التربية والتعليم وكوادرها الإرشادية هي المسؤولة عن التواصل مع الطلاب في مثل هذه القضايا؟

وتساءلت: هل يستطيع المواطن اليوم أن يحمي طفله، ابتداءً لأنّ الطفل لديه خيالٌ واسع، ولا نعلم ما هي التوجيهات التي ستقدم لأطفالنا من تلك الجهات الخاصة، وبصرف النظر عن الذين يحاولون التخفيف من حدة تخوفاتنا ويسعون للتأكيد على أنّ توجيهات وتعليمات هذه الجهات ستكون في مصلحة الطفل، لكننا في الوقت ذاته لا نضمن توجهات العاملين فيها، ولا نضمن ما هي الأفكار والقناعات التي يحملونها.

وختمت عطا حديثها لـ “البوصلة” بالقول: لذلك لماذا نسمح بتدخل شخص بعيد عن الأسرة وليس موجودًا بداخلها ولا يعلم حقيقة ما يجري داخل الأسرة، ولماذا هو الذي يقدم التوجيهات لهذا الطفل أو ذاك وعلى أي اساس يوجه وضمن أي فكر سيوجه، ولماذا لا تكون الجهات صاحبة العلاقة من وزارة تربية وتعليم وكوادرها الإرشادية والتربوية هي المسؤولة عن مثل هذه الأمور بالتعاون مع الأسرة ذاتها؟

خطوط ولكن بإشرار التربية

بدورها طالبت رئيسة القطاع النسائي في حزب جبهة العمل الإسلامي الدكتور ميسون دراوشة في تصريحاتها لـ “البوصلة” بضرورة فرض رقابة حقيقية على أي جهة خاصة تتواصل مع أطفالنا وأبنائنا الطلبة، مؤكدة استهجانها ورفضها للنماذج التي توزيعها اليوم على الطلاب في المدارس.

ولفتت إلى أنّ معالجة العنف الذي يتعرض له الأطفال سواءً في البيوت أو المدارس لن يكون عبر الخطوط الساخنة التي تجعل أبناءنا الطلبة يتواصلون مع أشخاصٍ لا يعرفونهم ولا يعلمون حقيقية الأفكار والأجندات التي يحملونها، مشددة على ضرورة كشف طبيعة ما سيطرح على أطفالنا من أسئلة وما سيقدم لهم من توجيهات من قبل هذه الجهات التي تسوق نفسها منذ سنوات بشعارات تمكين المرأة والطفل.

وقالت دراوشة إنّ موضوع التواصل مع الأطفال في المدارس بقضايا العنف الأسري أو داخل المداس ليس جديدًا ولكنّه كان ضمن اختصاصات وزارة التربية والتعليم وكوادرها، فكان دائمًا يُطلب منا في المدارس أننا إذا تعرض الأطفال لحالة ولأي نوع من أنواع العنف الاسري أن نقوم بتبليغ التربية والتي بدورها تقوم بإيصال الشكاوى لحماية الأسرة وتتحمّل المدرسة المسؤولية في حال التكتم على أيّ حالة من هذه الحالات، متسائلة في الوقت ذاته: ما الحاجة اليوم لدخول الجهات الخاصة ومؤسسات المجتمع المدني على هذا الخط.

بدورها طالبت مديرة منتدى تدريب المرأة والطفل أميمة الأخرس، بوقفة جادة لوقفة جادة أمام الممارسات العملية التي تتم اليوم لتطبيق ما جاء من تعديلات في قانون حقوق الطفل.

وقالت الأخرس: “إنّ وزارة التربية والتعليم بدأت بتطبيق ما جاء في قانون الطفل وفق آليات ممنهجة، تخدم الأجندات الأممية ولا تراعي ثقافة ودين المجتمع وقيمه وأخلاقه”.

استهجانٌ واسع

ورصدت “البوصلة” استهجانًا واسعًا لمواطنين أردنيين بمواقع التواصل الاجتماعي بسبب توزيع إحدى مؤسسات المجتمع المدني نموذجًا على أبنائهم الطلبة في المدارس يعلن لهم عن “خطٍ سريٍ” للتواصل والمساعدة في حل المشكلات والتحديات التي يواجهونها، مثيرين في الوقت ذاته تساؤلاتٍ حول سبب سماح وزارة التربية والتعليم وهي المعنية بحماية الطلاب وحقوقهم لمثل هذه الجهات بالولوج إلى البيئة التعليمية.

وطالبوا وزارة التربية والتعليم بكشف سبب وجود خط سري مجاني ليتصل الطالب بشخص لا يعرفه من جهة لا يعرف الأهل من يمولها وما هي اهدافها، وليتحدث الطالب لهذه الجهة حول مشاكله وخصوصيات أسرته دون علم الأسرة، وليتلقى من هذه الجهة توجيهات من “خلف ظهر الأسرة”، على حد تعبيرهم.

وتساءل الأهالي في منشوراتهم: “هل هذا فعلا يحمي الطفل وأسرته؟ ام هو انتهاك لولاية الوالدين على أطفالهما ولخصوصية الاسرة؟”.

غياب نقابة المعلمين أضعف دور وزارة التربية

وكان الناطق السابق باسم نقابة المعلمين الأردنيين نور الدين نديم، أكد في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ غياب مؤسسة نقابة المعلمين عن العمل الرقابي والعمل الرعائي الحقوقي للجانب المهني للعاملين وكوادر العاملين في وزارة التربية والتعليم وأبنائنا الطلبة في ميدان التعليم هذا للأسف أضف حتى دور الوزارة الضعيف أصلاً، في أداء دورها الرقابي وممارسة رعايتها للطلاب وتنميتها المهنية لزملائنا المعلمين.

وقال نديم: إنّ أي جهة ليست حكومية سواءً كانت مؤسسات مجتمع مدني أو جمعيات أو مؤسسات دولية أو منظمات دولية تعمل ويُسمح لها بالدخول على الميدان التعليمي والتعامل مباشرة مع أبنائنا الطلبة، هذا يحمل علامة استفهام، لماذا يُسمح لهم ولا يُسمح لغيرهم، ولماذا يتم التعامل بسرية وبصمت ودون الإعلان عن حملة أو مشروع أو مباردة في التعامل مع أبنائنا الطلبة بهذه الطريقة.

وتابع بالقول: إذا كان هناك أخطار تهدد حياة أبنائنا الطلبة أو تهدد جانب رعايتهم الأسرية، وإن كانوا يحتاجون إلى تقديم الحماية والرعاية لهم فالأصل أن تقوم الدولة بهذا الدور، ولا تقوم به منظمات، حتى نعلم هذه المنظمات ومصادر تمويلها والمنح التي تمّ الحصول عليها وما هي الشروط التي تقف وراءها من جهات دولية أو جهات خاصة، وبناءً على ذلك نحن نحكم على هذا الأمر.

وأضاف نديم أنّ الأصل أن تقوم الدولة بواجباتها، فأين دور وزارة التربية والتعليم، والأصل أن تقدم الوزارة خطوط آمنة لأبنائنا الطلبة والمفترض أن لدينا مربي صفوف ولدينا رعاية ومرشد تربوي في كل مدرسة يفترض أنه يرصد هذه الحالات من التهديد والإيذاء النفسي أو الإيذاء البدني.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: