د.أحمد داود شحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

عندما يصبح دعم المقاومة تهمة

د.أحمد داود شحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

في الأزمنة الرديء أهلها تنقلب الموازين، لقد فني عرب امرئ القيس وعنترة، ومضى عهد حلف الفضول، ومات من مزقوا صحيفة المقاطعة المعلقة في الكعبة، مضى العصر الذي كان العرب يسجدون فيه للأصنام التي لا تضرّ ولا تنفع لكن رسولنا صلى الله عليه وسلم شهد لهم بأنهم كانوا على شيء من الخُلق، ما بعث عليه الصلاة والسلام إلا ليتمّمه “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، فكانت أخلاق العرب تردعهم عن كل ما يشينهم، ومن ذاك أن يسكتوا على الضيم أو أن يضام جارهم فيسلموه لعدوه، أو أن يأكلوا وجيرانهم جوعى، ذلك أوان كان يَعرف أهلُه إغاثة الملهوف وإجارة المطلوب، فمن دخل في جوار قوم أو شخص أمن من خوف عدوه حتى ليسرّ المجير ما يسره ويضره ما يضره.

ضاعت فلسطين في زمان غابت فيه تلكم القيم كلها، فقد جاع أهلها والعرب في شبع، وخاف أهلها والأعراب في ظلّ مهرجاناتهم وأعراسهم يحسبون أنهم آمنون، وليت الأمر توقف هنا، بل لقد بلغ الأمر ببني جلدتنا أن يضيقوا بمن أبت عليه كرامته أن يقبل حكم البغاة أو أن يسلّم لهم قياده وقد احتلوا أرضه وهددوا عرضه، فالتفتَ فإذا هو في الميدان وحده، يعيّر بالفتات من الدعم الذي لا يسمن ولا يغني، ثم يتبع دعمه المزعوم بكيل التهم وتجريم المعتدى عليه وتحميله مسؤولية ما حلّ به عندما قام في الميدان يطلب حقه ويردع عدوه!!

وعندما قامت مجاميع في الأمة تهتف للمقاومة وتدعو إلى نصرتها ضاقت بها أنظمة رأت في رفع علَم فلسطين على أرضها انتهاكا لسيادتها،واستنكرت الهتاف لأبطالها وذِكر مآثرهم وكأنه تحدّ لكبراء الأرض التي يهتف الناس للأبطال فيها، وتبع ذلك مساءلات واتهامات بإثارة الفتنة والنعرات والشغب، وما شاكل ذلك.

ويفوق التصورَ ويثير الاستغراب أن يدبر لمن يدعم قضية المظلومين في فلسطين من التهم ما يُخرِس لسانه ويلهيه بنفسه،خوفا من آثار هذا الدعم المتوقعة في المستقبل، ويذكّرني هذا بصورة المواطن العربي البئيسة وهو يُشغَل برغيف خبزه عن التفكير بعوار سياسات بلاده وانتقادها، وليس الرغيف وحده ما يشغله، بل زحمة الطرق وبؤس تعبيدها، وعلاجه ومشاكل تأمينه حبة دوائه، ومدارسه وأجواؤها، وفاتورة الماء والكهرباء، والقائمة تطول، وهذا شاغل لكل مواطن، أما المواطن المتهم بولائه لأرض الإسراء فهذه كلها تؤرقه كغيره، يضاف إليها حرمانه من الأمن في ظل اتهامات بالعبث بالأمن وقضايا من دخل فيها فقد دخل في لعبة السلم والحية من غير زهر ولا تخطيط طريق.

عندما يصبح دعم المقاومة تهمة يُسعى لتجريم نصير المقاومة في قضايا لا صلة لها بالمقاومة، حتى يصور للناس أنه مدّعٍ، وأنه ليس أهلا لحمل هذا الشرف أصلا ما دام مصدرا من مصادر العبث في الأرض كما يصوّر، ليسقط من أعين العامة فلا يصطفوا خلفه ولا يقفوا جنبه، بل ولا يسلكوا الطريق الذي سلك خشية أن يتهموا بما اتُّهم، وبذلك تعزَل المقاومة بعزل داعميها وتضيق الأرض بما رحبت على كل من تلبّس بتهمة السير في طريق مناصريها.

عندما يصبح دعم المقاومة تهمة يسود الخوَر وينثني العزم وتتحول الأمة إلى خراف تعلف للذبح ويتكرر موسم الأضحية في العام ألف مرة.

عندما تصبح المقاومة ودعمها تهمة يتنفس العدو الصعداء وتصفو له الأجواء، فهل كان يحلم أن تسفل الأمة التي يحتل أرضها إلى هذا الدرَك ليصبح هو المنصور ويصبح المنادي بدحره هو المدحور المقهور.

عندما تصبح المقاومة ودعمها تهمة تجني الأمة على نفسها فيتأخر نصرها وتفقد عزمها وتصبح أضحوكة الأمم، فلقد رُفع العلم الفلسطيني في أمريكا وأوروبا ولم يثر ذلك حفيظة السلطات، وهُتف بدعم فلسطين ورموزها فلم يرَ فيه زعيم أجنبي تحديا لسيادته ولا لإرادته، يحدث هذا في دول كانت تستعمرنا ومواطنوها اليوم ينتصرون لمظلوميتنا، فمتى ننصر أنفسنا من غير “قافية” ولا حتى “وزن” ولا “تفعيلة” ترهقنا ؟!

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts