د.أحمد داود شحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

في العشر الأواخر دروس من الطوفان (٣)

د.أحمد داود شحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

** الطوفان  لا تعجزه الجبال: –

طوفان الأقصى يذكّرنا بذلك الطوفان العظيم الذي كان بطله واحدا من أولي العزم من الرسل، فنبي الله نوح عليه السلام من الأنبياء الذين لاقوا من أقوامهم العنت، ففي تسعمئة وخمسين سنة عتا قومه وتجبروا ولم يؤمن به إلا آحاد من الناس، حتى أمره ربه أن يصنع السفينة، وأطلق سبحانه طوفانا أخذ في طريقه كل من أبى أن يركب سفينة النجاة مع نبيهم نوح، وكان الحوار القرآني المؤثر بين نوح وابنه الكافر المعاند الذي ظن أن لجوءه إلى الجبل سيعصمه من الماء، فكان النداء المنبعث من سنن الله التي لا تتخلف : “قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم”، وهل يرحم الله من أصرّ على سلوك سبيل المكابرين؟!

لقد جاء طوفان الأقصى ليأخذ في طريقه أتباع دين محرّف صنعوه بأيديهم وافتروا على يعقوب عليه السلام أنهم أتباعه فسموا دولة عدوانهم باسمه افتراء عليه، ونشروا الخراب في كل بقعة وصلتها أقدامهم أو امتدت إليها عيونهم، فإذا بطوفان الأقصى يأتي ليكون مقدمة نهايتهم وباعث فشل مشروعهم، ولا عجب أن يكون هذا الطوفان مكلفا، فإن زمن المعجزات قد مضى وصار لكل إنجاز ثمن يجب أن يدفع، ولا تكون التحلية إلا من بعد التخلية، فخلاص الأمة من أدرانها يتطلب فداء يقدم من النفس والمال، فإذا اتخذ الله من عباده شهداء جعلهم قنطرة الفتح المبين، وقد أثنى الله على كل عناصر البناء في الأمة من فني منهم ومن بقي، فقال سبحانه : “مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ رِجَالٌ صَدَقُوا۟ مَا عَـٰهَدُوا۟ ٱللَّهَ عَلَیۡهِۖ فَمِنۡهُم مَّن قَضَىٰ نَحۡبَهُۥ وَمِنۡهُم مَّن یَنتَظِرُۖ وَمَا بَدَّلُوا۟ تَبۡدِیيلا”، والصدق شيمة المؤمنين، والثبات خلق فيهم “وما بدلوا تبديلا”، ولا تزال سفينة نوح ماثلة في ذاكرة التاريخ محملة بالهدى وأهله، وما يزال السفهاء يفكرون باللجوء إلى الجبل، في أدق إثبات على أن أنهم في غياب عن منطق التاريخ وسنن الوجود، والعبرة فيمن يثبت حتى تستوي السفينة على الجودي فيكون في جملة ركابها السالمين .

●وفي المحصلة نستطيع أن نجد علاقة موضوعية بين طوفان نوح وطوفان الأقصى :

 ▪︎ فكل منهما انبعث نقمة على الباطل وانتصارا للحق .

 ▪︎ وكل منهما تفعيل لسنن الله في عدم مجاملة الباطل أيا كان حال أهله قوة أو ضعفا .

 ▪︎ وكل من طوفان نوح وطوفان الأقصى تغيير لحال طال امتداد ظله، ولسان حالهما أن الدوام للحق مهما طالت إقامة الباطل وامتد أثره، وإن ما بعد الطوفان بذلك ليس كما قبله، فقد غير طوفان نوح وجه الأرض، وسيكون لطوفان الأقصى أثر يغير معادلة الصراع في المنطقة كلها، ويدفع الدول والقوى إلى تبني مواقف تتناسب مع الجو الذي تمليه نتائج هذا الطوفان، ويرجى أن تجلب الخير وتنصف أهله بإذن الله.

▪︎ الضمانة الوحيدة للنجاة من أثر الطوفان هي البعد عن موالاة الظالمين، والبراءة من صنيعهم وعدم الركون إلى صفهم .

والطوفان آخر الدواء، فإنه مكلف، لكن هذه الكلفة هي في المحصلة خير يدفع شرا، ومِن رَحِمِها يخرج النور الذي سيطرد الظلمة والعدل الذي يطرد الظلم، “وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون”.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts