“قانون الجرائم الإلكترونية” يثير مخاوف الأردنيين ومطالبات بنشره للحوار العام

“قانون الجرائم الإلكترونية” يثير مخاوف الأردنيين ومطالبات بنشره للحوار العام

عضو مجلس نقابة الصحفيين خالد القضاة لـ “البوصلة”:

طريقة الحكومة بالتعامل مع تعديل قانون الجرائم الإلكترونية ستجعل الناس ترفضه قبل أن يرى النور

يجب أن يضع القانون حدًا فاصلاً ما بين الجريمة الإلكترونية وحرية التعبير

تطبيق “التربية الإعلامية” علاج طويل الأمد لخطاب الكراهية والجرائم الإلكترونية

لا يجوز أن يساوي القانون بين المنتج الإعلامي والصحفي بغيره ممّا ينشر بمواقع التواصل

ندعو مجلس النواب لنشر القانون مباشرة بعد استلامه من الحكومة لإثارة نقاشٍ عامٍ حوله

قانون حق الحصول على المعلومة هو الأولى بالاستعجال

عمّان – رائد صبيح

على الرغم من ترقب الشارع الأردني للجلسة الاستثنائية التي سيعقدها مجلس النواب الأحد القادم، وما سيتم طرحه خلالها من قوانين مثيرة للجدل وعلى رأسها المشروع المعدل لقانون الجرائم الإلكترونية، إلا أنّه لا أحد يعلم حتى اللحظة ما في جعبة الحكومة حول هذا القانون تحديدًا ما يرفع من حدة الجدل والتخوفات حول الحقوق والحريات العامّة.

البوصلة” حاورت عضو مجلس نقابة الصحفيين خالد القضاة حول هذه القضية، وناقشته في المخاوف التي يبديها الشارع الأردني من معدل قانون الجرائم الإلكترونية، فأكّد على مطالبته بالتأنّي قبل إطلاق الأحكام على قانون وتشريعات لم توضع أمام نواب الشعب بعد، ولم تناقش الحكومة فيها أي نقابة ولم تعرضها للتشاور على أحد.

التأنّي قبل إطلاق الأحكام

لكنّ القضاة أكد على جملةٍ من المبادئ العامّة التي تطالب الحكومة ومجلس النواب بالإسراع بطرح مشروع القانون المعدل للجرائم الإلكترونية للحوار العام، حتى يتمكن الجميع من مناقشته وتبديد المخاوف إزاءه وطرح الملاحظات والتعديلات التي تضمن صون الحقوق والحريات العامّة.

وقال القضاة: كلنا مقرون بأنّ الجرائم ازدادت وطرق ارتكابها، لكن الوسيلة اختلفت عبر الوسائل الإلكترونية اليوم، ونحن نتحدث عن الاحتيال والابتزاز وعن بيع غير قانوني ونتحدث عن سرقة المحتوى والتلاعب المالي وكل هذه الأشياء.

خالد القضاة: طريقة تعامل الحكومة مع “قانون الجرائم الإلكترونية” ستجعل الشارع الأردني يرفضه قبل أن يرى النّور

وأضاف، نحن لا ننتقد التعديلات القانونية بشأن مثل هذه الجرائم بل على العكس نحن نشد على أيدي كل من يريد توفير الحماية المجتمعية بكل مستوياتها وتجنيب المواطنين التعرض لوسائل الاحتيال عبير المواقع الإلكترونية وما يتبعها من كل الجرائم بما فيها الابتزاز والبيع غير المرخص وتجارة المخدرات واستغلال الأطفال والقصر والترويج لكل ما هو مرفوض في مجتمعنا.

واستدرك القضاة بالقول: لكن في المقابل نرى أنه يجب أن يكون هناك عزل ما بين هذه القضايا وقضايا حرية التعبير، فلا يتم معالجة هذه المسألة من خلال قانون الجرائم الإلكترونية، بل يجب الاستناد لقوانين أخرى.

حماية أمن المعلومات والمجتمع

ولفت إلى ضرورة أنه يجب أن يعود هذا القانون لأصله في حماية أمن المعلومات وحماية المجتمع من أيّ جرائم ممكن أن ترتكب عبر هذه الأداة.

وأوضح أنّ “التخوف دائمًا يحدث من مناطق الالتقاء ما بين هذه الجرائم وقضايا حرية التعبير”.

وقال القضاة: نحن نخشى أن ترد في القانون عبارة مثل “اغتيال الشخصية”، وعبارة (جرائم الكراهية)، من يقوم بتعريف مثل هذه العبارات.

وتساءل: هل نحن بحاجة لتعديل قانون الجرائم الإلكترونية، نعم نحن بحاجة لتعديل قانون الجرائم الإلكترونية، ونتحدث عن ازدياد استخدام هذه الأدوات.

واستدرك بالقول: لكن نحن نتطلع لوجود حدود فاصلة واضحة المعالم، بين حرية التعبير وقضايا الجرائم الإلكترونية.

وأضاف القضاة بالقول: لذلك كنّا نقول دائمًا: إنّه يجب أن يكون هناك قانون واضح للإعلام، ويحمل مبادئ عامة، تنص على صون حرية  التعبير للمواطنين، وأنّ لهم الحق في إبداء الرأي والتعبير بما كفله الدستور لهم، ويمنع فيه توقيف أي شخص بناء على إبداء رأيه.

وشدد على أنّه يجب أن يكون هناك حماية للمؤسسات الإعلامية والصحفية بقيادة الحوار العام في مثل هذه القضايا، ولا يتم مساواة المنتج الصحفي على أنه يقاس بمثل كل ما ينتج في مواقع التواصل الاجتماعي، ولذلك يجب أن تعود الأمور إلى أصلهأ، لافتًا إلى أنّ نشرة مادة إخبارية في صحيفة فهي تحاسب على نشرها في الإعلام ولا تحاسب على أنها منتج بمواقع التواصل الاجتماعي، ولذلك يجب أن يتم العودة بها للأصل ومحاسبتها على قانون المطبوعات والنشر.

القانون لم يطرح للحوار العام

وعبر القضاة عن أسفه من أنه حتى هذه اللحظة ما زال القانون غير واضح، ولم يصل حتى اللحظة لنقابة الصحفيين ولا أي نقابة غيرها، الأمر الذي سينعكس سلبًا على رأي الشارع الأردني حوله.

وأشار إلى أنّ الحالة الاجتماعية العامّة وفرت بيئة لكثير من الجهات والمجتمع التي أصبحت رافضة للقانون قبل أن تراه.

وقال القضاة: نحن يجب أن نتروى قليلاً وندعو الحكومة لنشر نص هذا القانون للرأي العام حتى يتم إجراء حوار عام حوله، ونحن متأكدون أن الناس ستذهب نحو الاتجاه للموافقة على جزء كبير منه، ولكن سيكون لها ملاحظات على القضايا المتصلة بحرية التعبير.

ولفت إلى أنّه إذا الحكومة لم تقم بنشره، فنحن ندعو مجلس النواب أن ينشره كاملاً بعد أن يصل للمجلس من الحكومة، حتى يصبح الحوار بنّاء، ويتم تجاوز الخلاف على بعض القضايا التي سيدور حولها الجدل، لكن ستجد أن الأغلبية مع 70-80% من القانون.

وأضاف القضاة: لكن سيكون لنا ملاحظات على بعض المصطلحات الفضفاضة وكيف يمكن أن يتمّ ضبطها، والقضية الأخرى وجود مناطق فاصلة ما بين حرية التعبير والجرائم الإلكترونية.

قضايا السبّ والشتم ليست حرية تعبير

وشدد على القول: نحن نقر تمامًا أنّ قضايا السبّ والشتم والتشهير ليست حرية تعبير على الإطلاق، ولا يجوز التعامل مع هذه التجاوزات على أنّها حرية تعبير.

وتابع القضاة، نحن نتحدث هناك عن شخص أبدى انتقادًا لأي شخصية عامة، أو رئيس حكومة، لا يجوز أن نخشى من التفسير المتعدد لهذا النقد سواء كان صادرًا من جهات إعلامية أو من مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال القضاة: في المئوية الثانية يجب أن نذهب بسن القوانين على مبدأ حقوق الأردنيين بالأساس وليس واجباتهم، بمعنى كنا دائمًا ننادي أنه قبل أن تعدل القوانين يجب إيجاد بيئة تشريعية تعرف حقوق الأردنيين، وأول حق يجب أن يكون حق حصولهم على المعلومات.

قانون حق الحصول على المعلومة والتربية الإعلامية

وقال القضاة: إنّ القانون الأولى بالتطبيق وأن يأخذ صفة الاستعجال بالدورة الاستثنائية قانون الحصول على المعلومات، وإن تمّ إقراره بشكلٍ جيد لن يسمح بالإشاعات ولا خطاب الكراهية، وغيرها من الأسباب التي أدت للمطالبة بقانون الجرائم الإلكترونية.

ولفت إلى أنّ الأمر الآخر المهم، أنه يجب إشاعة مبدأ التربية الإعلامية، ولا نريدها أن تكون كما تراها الحكومة اليوم في فنادق الخمس نجوم فقط في الدورات والمؤتمرات، بل يجب أن تنزل إلى الواقع ويكون هناك برنامج وطني شامل تذهب باتجاه التعامل مع هذه المسألة.

وشدد على أنّ التربية الإعلامية تكمن فائدتها بأنّها تدعو المجتمع لرفض أي سلوكيات غريبة عنه، فمن يضع خطاب كراهية عبر مواقع التواصل سواء كان متعلقًا بالجنس أو العرق أو اللون أو الدين، لنتأكد تمامًا أنّ المجتمع سيواجه مثل ذلك السلوك بتعليقاته الرافضة له.

وقال القضاة: لذلك علينا تدريب المجتمع وتعليمه منذ الصغر على التفريق بين حرية التعبير وخطاب الكراهية، وليس هناك من أداة فعّالة لكشف مثل هذه الخطابات مثل التربية الإعلامية.

وأكد على أنّ “أفضل شيء أن يقوم المجتمع نفسه برفض الجرائم التي يعاقب عليها القانون، وكثيرًا رأينا حالات كثيرة عندما يتم وضع منشور بمواقع التواصل، نجد أن تعليقات أبناء المجتمع نفسه ترفض هذا الخطاب والمنشور إن كان يرتكب تجاوزات، وهذا العقاب الرادع من قبل المجتمع”.

وأوضح أنه إن قام أحد بتجاوز المنطق والمعقول من خلال خطاب كراهية يهدف لمصالح شخصية أو خوض حروب جدلية وغيرها، نريد أن تكون تعليقات الناس هي التي تعاقب مثل هذا الخطاب ابتداءً وتجرمه، وهذا دور التربية الإعلامية بتقديم علاج طويل الأمد.    

واستدرك القضاة بالقول: لكن في العادة قوانين الجرائم الإلكترونية تعاقب وتجرم ولكن لا تضع الحلول، وندعو الحكومة لنشر هذا القانون وفتح باب الحوار.

ولفت إلى أنّه إذا أصرت الحكومة على التكتم على القانون، والدورة الاستثنائية ستبدأ الأحد القادم، فهذا يعني أن القانون بصيغته النهائية أصبح جاهزًا.

وفي ختام تصريحاته لـ “البوصلة” دعا القضاة مجلس النواب عند استلامه لهذا القانون وقبل القراءة الأولى له، أن ينشره للحوار وإجراء نقاشٍ عامٍ حوله، وبالتأكيد سيوافق المجتمع عليه مع بعض الملاحظات على مفردات القانون وكلٌ بحسب اختصاصه، وعلى بعض المواد الواردة فيه، محذرًا في الوقت ذاته من أنّ “استمرار الحكومة في التعامل مع تعديلات القانون بهذه الطريقة ستدفع الناس لرفضه قبل أن يرى النور”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: