كتاب يطالبون الحكومة بتحركٍ عاجلٍ: أزمة الإضراب لم تنتهِ ورسائل الأردنيين لم تصلْ

كتاب يطالبون الحكومة بتحركٍ عاجلٍ: أزمة الإضراب لم تنتهِ ورسائل الأردنيين لم تصلْ

رصد – البوصلة

تتواصل الانتقادات الحادة للطريقة “الاستخفافية” التي ما زالت تتعامل معها الحكومة مع الإضرابات المتعلقة بسائقي الشاحنات والاحتجاجات المتزامنة للمطالبة بخفض أسعار المحروقات، فيما يتواصل المشهد وآثاره الجانبية المؤلمة دون تقديم حلول حقيقية مرضية لـ “الشارع الأردني المحتقن والغاضب”.

وتناول كتابٌ أردنيون الحدث الكبير المتمثل بالإضراب وما ترافق معه من خطواتٍ حكوميةٍ ما زالت خجولة ولا تصل إلى حد “إطفاء” شرارة الاحتجاجات أو “تبريد” الغضب الحاد الذي أظهره الأردنيون خلال الأيام الماضية، بالنقد والتحليل ودعوة الحكومة للإسراع على خطوات حقيقية “تنفس الاحتقان الشعبي” الذي وصل مستوياتٍ بالغة الخطورة.

تجاهل المظلومية الشعبية يعمّق الأزمة

ورأت الكاتبة الأردنية لميس أندوني أنّ المشهد المستجد منذ أيام في الأردن لم يبدأ بالإضرابات، بل هي سلسلة أحداث كان سببها الرئيس تجاهل الحكومات المتلاحقة، وصنّاع القرار، المظلومية الشعبية، أي إفلاس سياسي يرافقه استهتار بمعاناة الناس وتحذيرات ونصائح من عدة جهات، جرى التعامل معها وكأنها تهديد للوطن، فيما استمرّت اتفاقيات التطبيع مع العدو الصهيوني، وشاهد الأردني، بأمّ عينه، عملية ربط مصادر الطاقة بمن يهدد الشعب فلسطيني وأمن الأردن، من اتفاقية خط الغاز “الإسرائيلي”، المسروق من الفلسطينيين، إلى تبادل المياه المحلاة مع الطاقة المولّدة في صحراء وادي عربة، إلى إنشاء “بوابة الأردن” لتكون معبر التجارة والصناعة بين الكيان الصهيوني والعالم والعربي، من دون أن تأبه الحكومات باعتراض الأردنيين وتدهور وضعهم المعيشي والخوف من فقدان أمانهم.

ولفت أندوني في مقالتها بصحيفة “العربي الجديد” بأنّ الغريب أن معظم المسؤولين يتعاملون باستخفافٍ مع المظلومية الشعبية، هناك انسلاخ مخيف عن الواقع، وهناك تخلٍّ عن المسؤوليات، فماذا يفعل رئيس الوزراء أو الوزراء إذا كان تبرير بعضهم أنه “ليس باليد حيلة”؟! هذا استهتار وعدم احترام للموقع وللذات. وماذا يفعل المستشارون في الديوان الملكي؟ وما فائدة لجان التحديث السياسي والاقتصادي، والإداري، وورشات العمل، وما قبلها وما بعدها؟ يبدو أن هناك قراراً بفرض إجراءات اقتصادية قاسية على الأردنيين حتى لا تواجه الحكومات المشكلات الجذرية، لأن النخبة، التي تتقلص في حجمها وتزداد في نفوذها، تُقدّم مصالحها على مصالح باقي الأردن.

وختمت أندوني بالقول: من الواضح أن هناك رسالة واضحة تزداد علوّاً في صوتها، لكنها لم تصل، والهوّة بين الدولة والشعب تزداد نتيجة فقدان الثقة. نعم؛ القبضة الأمنية ممكنة، لكنها ليست حلّاً، بل إشعال نار لم نرَ إلا شذراتٍ منها.

انتهى الإضراب ولم تنته الأزمة

بدوره قال الكاتب عبدالله المجالي: ربما يكون إضراب الشاحنات قد انتهى، لكن من المؤكد أن الأزمة الحقيقية لم تنته بعد.

ولفت في مقالته بصحيفة “السبيل” بالقول: تخطئ الحكومة إن “مدت رجليها”، واعتقدت أنها استطاعت التعامل مع أزمة الإضراب بانتهائه، فالجميع يعلم كيف انتهى الإضراب نهاية دراماتيكية لم يكن أحد يتمناها.

وتابع حديثه: كثيرون وجهوا سهام النقد والنقد الحاد للتعامل الحكومي، وخصوصا رئيس الحكومة، حيث تركت الأزمة تتفاعل وتتفاقم إلى أن وصلت إلى ما لا يحمد عقباه.

واستدرك المجالي بالقول: بل إن دلالة انتهاء الإضراب بتلك الصورة لا يصب في صالح الحكومة، بل عزز الصورة السلبية عنها، كما عزز عدم الثقة بقدرتها على مواجهة الأزمات.   

وشدد أنّه على أصحاب القرار أن يدرسوا بعناية لماذا اكتسب إضراب أصحاب الشاحنات هذا الزخم والانتشار في الشارع بسرعة قياسية، رغم أن السبب بسيط ولا تخطئه العين، حيث لامست مطالب المضربين هموم شرائح واسعة جدا من الشعب، وذكرتهم بأوضاعهم الاقتصادية الطاحنة.

وقال المجالي: على أصحاب القرار أن يعوا أن الفجوة تزداد بين الشعب ومؤسسات الدولة، وأن الاعتماد على معادلة الاستقرار والأمن قد لا تنفع مع زيادة الضغوطات الاقتصادية.

وختم مقالته بالقول: قد يكون إضراب الشاحنات قد انتهى، لكن الأسباب التي أدت إلى تصاعده لا زالت موجودة، ويمكن أن تشتعل على شكل أزمة أخرى، ونرجو حينها أن تكون هناك حكومة تحظى بثقة الناس قادرة على مواجهتها.

مراجعة سريعة ضرورية

في المقابل أكد الكاتب حسين الرواشدة في مقالته بصحيفة الدستور على عددٍ من الدروس التي يجب أن يستفيد منها الأردنيون رسميًا وشعبيًا من قصة الإضراب، ومن أههمّها أنه مقابل هشاشة اغلبية النخب والوسائط السياسية، مازال الأردنيون يتمتعون بقدر عال من العافية والحكمة، والوطنية العالية، صحيح داخل المجتمع يوجد أزمة واحتقانات وحالة من اليأس، وفجوة ثقة تتسع مع مؤسسات الدولة، ويوجد هواجس ومصالح تبدو أحيانا متضاربة، لكن الأهم من ذلك أن فرصة الاستثمار في وعي المجتمع وحيويته وعقلانيته متاحة تماما، لو أراد المسؤولون ذلك، وهي فرصة ثمينة لتجاوز هذه الأزمة وغيرها، فصورة الأردنيين، كما عكست تفاصيل الإضراب، وما جرى بعده من تداعيات، تؤكد أن معدن الأردنيين أصيل، ونخوتهم حاضرة، وانتماءهم لبلدهم غير قابل للمزاودة، المشكلة أن البعض لا يريد أن يلتقط ذلك، بل ويفعل عكس ما هو مطلوب.

ويلفت الرواشدة إلى انّ من الدروس المهمة أيضًا: أن إدارة الأزمة تشبه تماما إدارة الدولة، أو هي صورة مصغره عنها، المقاربة هنا بين ما فعلنا على امتداد السنوات الماضية في إدارة الشأن العام، وبين ما فعلنا خلال الأسبوعين المنصرفين في إدارة الإضراب واجبة وضرورية، لكي نفهم ونصحح مساراتنا، لا أريد أن استعرض أين أخطأنا ؟ هذا يعرفه الجميع، أريد أن أقول، فقط : لابد أن نراجع كل ما فعلنا بأنفسنا وبلدنا، وإلا فإننا سنراكم أخطاءنا، ونعجز في لحظة حرجة عن مواجهة مشكلاتنا وأزماتنا، وعندئذ سنصطدم، لا سمح الله، بالجدار.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: