لم يكن أحد من الأصدقاء أو الأعداء يتوقع ما أنجزت المقاومة في الميدان من نصر واضح في غزة والضفة على السواء منذ كان الطوفان، فانطلاقته بحد ذاتها كانت كرامة من كرامات مقاومة حاربها العرب والعجم وحاصروها ليخنقونها، ولكنها شبّت عن الطوق فأخزتهم جميعا.
في الميدان مقاوم حافي القدمين عالي الهمة، فهو لا يستمد قوته من بسطار عسكري ولا من قيافة تصلح للتصوير ولكن من قلب حيّ وذهن وقّاد وعزيمة لا تُستَنزف.
في الميدان جمهور الغزيين وأهل الضفة يقدمون أولادهم وأموالهم رخيصة فداء تراب أرضهم وقدسية قضيتهم، ومشيخة الأعراب تلهو وتلعب.
في الميدان أجهزة إعلام عبرية القلب والشعور عربية العنوان همها أن تصور أفرادا من هنا وهناك يتأففون ويشتكون، وهم لا يعبّرون إلا عن حالات متناثرة نَزَعت إلى ضعفها البشري.
ففي الميدان أهل نور شمس يمرّغون أنف المستعربين في التراب، وقريبا يسقط الحجاب عمن شكلوا لهم أرضية غادرة مكّنوهم فيها من رقاب شبابنا الثائرين في وجه العمالة الرخيصة.
في الميدان يقف النتن حائرا وهو يعلن قرب انتهاء عملية رفح بعد أن زادت قناعته بأنه يحارب خصما ما زال لديه الكثير من وسائل تركيعه بَرّا بوعيد أبي عبيدة بأن يأتي راكعا صاغرا.
في الميدان يقسم المجاهدون بألا يضعوا سلاحهم حتى يلقوا ربهم شهداء، فمن يملك أن يثني شاريا للموت بائعا لحياة الذل والاستكانة عن أن يبلغ مرامه ؟
وغدا في الميدان سيفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء، ورجاؤنا أن يكون جند فلسطين ممن شاء الله أن ينصرهم.
(البوصلة)