كيف أعادت “سيف القدس” البوصلة باتجاه “العاصمة”؟

كيف أعادت “سيف القدس” البوصلة باتجاه “العاصمة”؟

عامٌ كامل مرّ على 11 يومًا كانت مفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية ومقاومتها التي صنعت فارقًا هائلاً في عقود الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي والذي تمثّل في معركة “سيف القدس”، تمكنت خلالها المقاومة من تسجيل تجلّيات المرحلة وتثبيت القدس في واجهة القتال.

تلك المعركة شكّلت منصّةً لوحدة الموقف الفلسطيني بشتى نواحيه؛ خصوصًا عسكريًا وسياسيًا، فور أن حازت على مفتاح ساعة الصفر، وذلك لأول مرة في تاريخ ذاك الصراع مع المحتلّ، حيث تمثّل ذلك في أن تكون للمقاومة الكلمة الأولى والأخيرة وصنعت معادلاتٍ جديدة أطاحت من خلالها ما كان يومًا “هيبةً” يتغنّى فيها الكيان الإسرائيلي.

في تلك الأيام الـ11 من مايو الماضي، تمكنت المقاومة من تهشيم صورة قوة “إسرائيل” وتبديد قوة ردعها، فيما فرضت معادلةً جديدة عنونتها بـ”القدس هي محور الصراع” و”صاعق التفجير” في المنطقة ككل.

لا انتصار للاحتلال

فصائل فلسطينية تحدثت معها وكالة “صفا” أجمعت أن تلك المعركة -رغم قسوتها- خلّفت ملامح واضحةً للصراع من خلال إيقان قيادة الكيان أن الثمن الكبير لأي معركة قد تخوضها مع ندّها الفلسطيني يعني الذهاب نحو مغامرةٍ جديدة، وأن تسجيل نقاط انتصار على تلك المقاومة لن يكون سهل المنال مستقبلاً، عدا عن استحالة استعادة هيبة الردع المتآكلة.

وفي ذلك، يقول عضو الأمانة العامة لحركة المجاهدين نائل أبو عودة إن تلك المعركة أوجدت معادلاتٍ جديدة في تاريخ الصراع مع الاحتلال ونصّبت القضية الفلسطينية والقدس قبلةً حاضرةً عربيًا وإسلاميًا.

ويؤكد أبو عودة لـ”صفا” أن ما يمرّ به العالم من انشغالٍ بحروبٍ (أوكرانيا-روسيا) أو حتى موجة التطبيع التي شهدتها دولٌ عربية قبل عامين لن يُفلح في حرف البوصلة أو إضفاء شرعية على الاحتلال.

ويلفت إلى أن “سيف القدس” خلقت رابطًا روحانيًا مهمًا للقدس، من خلال إيجاد نوعٍ من الربط الجغرافي والديموغرافي.

إفشال مخطط ثنائي

في حين، يرى القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين أحمد المدلل أن “إسرائيل” وأمريكا استغلّتا المعركة لإنهاء القضية الفلسطينية؛ إلا أن جولة القتال تلك أفشلت المخطط الثنائي وأعادتها إلى الساحة العالمية مجددًا عندما وحّدت شعبنا وقواه للدفاع عن القدس عبر الإيمان أن ليس لذلك سبيل سوى المقاومة.

ويشير المدلل لوكالة “صفا”، إلى أنه رغم ما جرى من قتل للنساء والأطفال وهدمٍ للمنازل على رؤوس ساكنيها في معركة “سيف القدس”، إلا أن ذلك لم ينلْ من إيمان شعبنا في حقه بالنضال نحو التحرير، لافتًا إلى أن جوهرا الصراع هما القدس ومسجدها المبارك، لذا لم يكن أمام شعبنا ومقاومته التزام الصمت حيال جرائم الاحتلال ومحاولات فرض المتغيرات في المسجد الأقصى.

ويختتم بالقول إن حالة الاشتباك ما زالت قائمة رغم مرور سنةٍ على المعركة وأن تبعاتها ما زالت شاهدةً لا تغيب.

حاضرة دوليًا

من جهته، يؤكد عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية طلال أبو ظريفة أن تلك المعركة التاريخية نالت مكانةً لدى الشعب الفلسطيني بحيث لن تسمح للاحتلال بتنفيذ مساعيه بتهويد المدينة المقدسة وتغييرها طبوغرافيًا أو ديموغرافيًا.

ويوضح لوكالة “صفا”، أن هذه المعركة حملت مرتكزاتٍ استطاعت المقاومة من خلالها إسقاط نظرية الردع الإسرائيلي واستفادة الكيان من سياسة “الأرض المحروقة”.

ويشير إلى أن المقاومة نجحت في إحداث حالةٍ من الإرباك على مستوى كافة أراضي الكيان المحتل وإدخال مدنٍ محتلة جديدة إلى مرمى النار، وصولاً إلى تغيير موقع القضية الفلسطينية من محاولات الإقصاء والتهميش، لتكون حاضرةً في الموازين الدولية.

أما حركة حماس، فيقول الناطق باسمها حازم قاسم إن معركة سيف القدس دشنت مرحلة جديدة مع الاحتلال في حماية المسجد الاقصى والانتصار له وإفشال مخططات الكيان بتقسيمه وما زالت ارتدادات المعركة حاضرة ومفاعيلها مستمرة.

ويلفت قاسم لوكالة “صفا”، إلى أن القدس ستظل محور الصراع مع الاحتلال وبوصلة أمتنا، مؤكدًا أن ذلك يتطلب تجميع كل الطاقات وحشد كل الإمكانيات لنصرتها والمحافظة عليها من مخططات الاحتلال الخبيثة.

القرار للمقاومة

أما الناطق باسم حركة الأحرار ياسر خلف، فيؤكد أن المعركة توّجت مرحلةً جديدة من الصراع مع “إسرائيل” بعد أن انتقل قرار بدء الحرب إلى المقاومة ردًا على عدوان الاحتلال على القدس.

ويشير خلف إلى أن “سيف القدس” أعادت موضعة بوصلة القدس في نصابها ومكانها الصحيحين.

ويلفت إلى أن هذه المعركة صنعت وعيًا جمعيًا فلسطينيًا وإسرائيليًا، من خلال نفي أي فكرة للتعايش بين طرفي الصراع، وإثبات أن الفلسطيني ما زال متمسكٌ بحقه وأرضه، فيما لم تنجح محاولات الوعي الجمعي الإسرائيلي وما تضمنه من ضخ مالي هائل من تهويد المدينة المقدسة.

ويقول الناطق باسم “الأحرار” إن: “سيف القدس كانت سيفًا بتارًا قطع كل مخططات الاحتلال في حي الشيخ جراح ومحاولات المطبعين العرب تسهيل التغيير الديموغرافي لصالح المستوطنين على حساب الوجود العربي في القدس”.

ويضيف أن “إقدام الشباب اليوم على تنفيذ العمليات الفدائية وإيقاع الخسائر في جانب الاحتلال؛ لم يكن سوى ثمرةً من ثمار تلك المعركة التي آتت أُكلها على الفور”.

غزة تلبي النداء

من ناحيته، يقول عضو المجلس الثوري لحركة فتح الانتفاضة عبد المجيد شديد إن 11 يومًا، شن فيها الاحتلال مئات الغارات الجوية وأطلق فيها القذائف المدفعية مستهدفًا منازل المدنيين في قطاع غزة ضمن المعركة لم تحقّق ما أراده الكيان، ويستمرّ في البحث عن صورة للنصر أجمع محللوه العسكريون أنه لن يجدها في غزة.

ويضيف شديد في تصريحه لـ”صفا” أن ما جرى بمثابة رسالة للاحتلال أن كفى عبثًا في القدس، ونحن نقف على أرض صلبة؛ “فالمقاومة لن تبقى مكتوفة الأيدي، وأن هناك ميزان قوىً جديد انطلق من ساحات المسجد الأقصى، وأن سياسة الاستفراد بالقدس لم تعد أمراً مقبولاً؛ لا على المستوى الشعبي ولا بالنسبة للمقاومة”.

ويتابع “كما أنّ غزة كانت عند موقفها الواضح ولبّت نداء القدس، حينما هتفت القدس ونادت، لبت غزة النداء”.

ويشير إلى أن “معادلة ربط غزة بالقدس تعني معادلة المقاومة مع الهوية، وغزة تقف اليوم في مواجهة هذه الغطرسة والمخططات الصهيونية وتكرّس نظرية الارتباط الوطني والسياسي والديني بين كل شبر من أرض فلسطين مع الأقصى”.

صفا

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: