كيف يقرأ مراقبون مشروع “البقرات الخمس” لبناء الهيكل في القدس؟

كيف يقرأ مراقبون مشروع “البقرات الخمس” لبناء الهيكل في القدس؟

البوصلة – رصد

كشفت القناة 12 العبرية، السبت الماضي، في تقرير مصور، النقاب عن وجود تنسيق وتعاون بين العديد من وزارات الاحتلال لرصد ميزانيات وبذل الجهود من أجل تنفيذ رؤية ترميم “الهيكل” المزعوم في ساحات المسجد الأقصى الشريف.

ووفقًا للقناة، يعلق مؤيدو تحقيق الرؤية لبناء “الهيكل” المزعوم آمالهم على “5 بقرات حمراء” تم اختيارها بعناية حسب الشروط التي تنص عليها الكتب اليهودية، حيث تم جلبها على متن طائرة من ولاية تكساس الأميركية، وأكدت القناة أن وزارة حكومية لدى الاحتلال رصدت ميزانية لاستيراد البقرات الخمس وتربيتها.

وقبيل بناء “الهيكل”، تزعم التعاليم التوراتية بوجوب حرق البقرة الحمراء على جبل الزيتون، ومن ثّم نثر رمادها قبالة الأقصى إيذانا ببدء طقوس إقامة “الهيكل الثالث” والتجهيز لصعود ملايين اليهود إلى المسجد الأقصى أو جبل الهيكل بالتسمية التوراتية. 

وبحسب مراقبين، فإن ذلك يعكس تنامي هذه المعتقدات التوراتية وتوجه المجتمع الإسرائيلي نحو التطرف الديني والمعتقدات التوراتية لبناء “الهيكل الثالث” المزعوم مكان قبة الصخرة، حيث تتوافق الأحزاب اليهودية المشاركة بالائتلاف الحكومي على ضرورة تنفيذ فكر بناء “الهيكل” الأمر الذي أدى لتسارع رصد الميزانيات الخاصة بالتجهيزات بغية تحقيق هذا الهدف.

ويحدث هذا كله رغم أن المعتقد الديني التوراتي للتيار الحريدي يحظر على اليهود الصعود إلى “جبل الهيكل (اقتحام الأقصى)” حتى تحقيق شرط نزول “المسيح المنقذ” ليأذَن لليهود بذلك بعد تحقيق شرط “الطهارة” من “النجاسة الكبرى” إذ تتطلب الطهارة -وفق معتقدهم- ذبح بقرات حمراء وحرقها قبالة المسجد الأقصى، وخلط بعضها بالمياه ليتطهر اليهود، ثم نثر ما تبقى من رمادها قبالة الأقصى، وهو ما يتناقض مع معتقدات تيار الصهيونية الدينية الجديد الذي يعتبر شريكا أساسيا في الحكومة الحالية.

رسم تجسدي لـ"الهيكل" الثالث" مكان قبة الصخرة ( فيسبوك صفحات التواصل لمنظمات الهيكل)

رسم يجسد ما يسمى”الهيكل” الثالث” الذي تدعو منظمات يهودية لإقامته بالحرم القدسي (مواقع التواصل)

حول ذلك، يقول الباحث والمتخصص في شؤون القدس عبد الله معروف، إن الأخبار حول البقرات الخمس لم تكن مفاجئة في الحقيقة، لأن البحث عن البقرة الحمراء، لم تكن مسألة حديثة بل يعمل عليها منذ سنوات. 

وأضاف معروف في تصريحات صحيفة رصدتها “البوصلة“، “قبل 15 عامًا، جاؤوا ببقرة حمراء، قالوا إنه تم تربيتها في النقب المحتل، إلا أن الحاخامات حينها اعترضوا عليها، لأن البقرة ظهرت فيها شعرات سوداء.” 

وأشار معروف إلى أنه: “لا يستبعد أن هذه البقرات التي جلبوها من تكساس تم هندستها جينيًا أو تهيأتها لإقناع المستوطن الحريدي بها، وفي حال تمكن هذه الجماعات من اقناع التيار الحريدي من جدوى ما تقوم به حاليا فإنه بنذر بخطر كبير في المسجد الأقصى حيث ستفتح الباب للملايين من التيار الحريدي لاقتحام المسجد الأقصى”

ويبين معروف أن هدف الفكرة هو إشعال المنطقة بالكامل عبر توسيع مساحة المقتنعين بفكرة اقتحام المسجد الأقصى حيث نعلم أن الجماعات المتطرفة في الوقت الحالي لا تستطيع أن تجمع أكثر من ألفين ومئتين مستوطن. 

وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد الباحث بالشؤون اليهودية والصهيونية والسياسية الدكتور صالح لطفي أن المؤسسة الإسرائيلية بمختلف أذرعها، وفي ظل الظروف الفلسطينية والإقليمية الراهنة، تسعى إلى تحقيق أسطورة بناء “الهيكل الثالث” المزعوم، لافتا إلى أن حكومة نتنياهو بات لديها اعتقاد كبير بأن الفرصة مواتية لتحقيق نظرية “المخلص” وفق الفكر الصهيوني الديني المتجدد، لتحل هذه النظرية محل المعتقد التوراتي “نزول المسيح المنقذ” الذي يؤمن به التيار الحريدي.

وفي الوقت الذي يدعو فيه تيار الصهيونية الدينية الجديدة إلى عدم انتظار نزول “المسيح المنقذ” لبناء “الهيكل الثالث” المزعوم، لا يزال التيار الحريدي يحظر اقتحام المسجد الأقصى (الصعود إلى جبل الهيكل) ويطالب بالتريث حتى نزول “المسيح المنقذ” لتخليص الشعب اليهودي، وليأذن لهم بناء الهيكل المزعوم، وفق ما يؤكده لطفي.

ورغم تباين المواقف حول توقيت بناء “الهيكل الثالث” المزعوم، يضيف لطفي “إن جميع أحزاب الائتلاف الحكومي، وبضمنها حزب الليكود، تتفق فيما بينها على ضرورة مواصلة التحضيرات والتجهيزات لبناء الهيكل، وتجهيز لباس الكهنة، وتربية البقرة الحمراء، وتعزيز مكانة الحاخام الأكبر”.

ويعتقد أن المجتمع الإسرائيلي يتجه منذ سنوات نحو التطرف الديني بمواقفه وليس التطرف السياسي فقط، إذ باتت فكرة “الهيكل المزعوم” متجذرة حتى لدى شرائح واسعة من تيار العلمانيين والليبراليين الإسرائيليين، وكذلك بين أوساط ما يسمى “اليسار الصهيوني اليهودي”.

اهتمام مربي الأبقار اليهود بتربية ذوات اللون الأحمر تمهيدا لبناء “الهيكل” المزعوم

من جانبه، يقول الخبير في تاريخ القدس والأقصى جمال عمرو إن موضوع البقرات ليس مستغربا على الاطلاق، وهم عادة يضفون شيئًا اسطوري على معتقداتهم، حيث يجلبون البقرة، ومن ثم حرقها في جبل الزيتون قبالة الأقصى، وهناك “يتطهرون” ويقولون إنهم سيأتون باليهود من كل العالم، ثم يذهبوا إلى هيكلهم المزعوم تحت المسجد الأقصى، وأنهم سيقومون قدس الأقداس أمام المسجد الأقصى ويدخل الحاخام الأكبر.  

وأشار عمرو في تصريحات لقدس الاخبارية، أن التيار الديني يقوم بكل التحضيرات لهذه المشروع من معهد الهيكل الذي أقاموه، والآنية التي سيغسلون أيديهم بها، والمستوطنين الفتية الذين يتدربون على هذا اليوم، والأعلام، وجهزوا لهذا أزياء وتدريبات خاصة، وأذاعوا أفلام حول مشروع البقرة. 

ولفت إلى أن هذا المشروع يأتي استكمالًا لمشاريع البنية التحتية في القدس، والتي تسير خطوة بخطوة، حيث نشاهد بنية تحتية من نوعٍ اخر، بحفر64 حفرية في محيط الأقصى وتحته، وهذه الحفريات صنعت مدينة كاملها اسمها مدينة أو قرية داوود، تحتوي على 101 كنيس يهودي.

وأكدعمرو على أن هذه المشاريع تكون رؤية تلمودية لجعل القدس عاصمة يهودية وتلمودية خالصة، إضافة إلى مشاريع الاستيطان التي ضخت 250  ألف مستوطن في الشطر الشرقي من القدس. 

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: