لماذا اغتالت “إسرائيل” مقاومي نابلس بهذه الطريقة؟

لماذا اغتالت “إسرائيل” مقاومي نابلس بهذه الطريقة؟

البوصلة – على طريقة العصابات وفي وضح النهار بقلب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، تحركت قوة خاصة من جيش الاحتلال الإسرائيلي لاغتيال وتصفية ثلاثة عناصر من المقاومة الفلسطينية بطريقة بشعة، حيث أمطرتهم بـ نحو 80 رصاصة من مسافة صفر جعلت من الصعب التعرف على أحدهم من فداحة المشهد.

ثوانٍ معدودة، خسرت فيها نابلس ثلاثة من أقمارها هم أدهم مبروكة ومحمد الدخيل وأشرف مبسلط، بعد أن أرّقوا أذرع الاحتلال الاستخبارية والعسكرية والأمنية.

وقالت المصادر العبرية إن الحديث يدور عن عملية مزدوجة شارك بها جهاز “الشاباك” ووحدة “اليمام”، وتم تنفيذها بناءً على معلومات استخبارية دقيقة عن مكان هؤلاء المقاومين الذين تتهمهم بتنفيذ عمليات إطلاق نار باتجاه القوات الإسرائيلية والمستوطنين.

وفي تفاصيل العملية اصطدمت سيارة ركاب كانت ممتلئة بالقوات الإسرائيلية بعد أن دخلت بكل سهولة لمنطقة “المخفية” قلب مدينة نابلس رفقة سيارة أخرى بداخلها قوة أخرى من وحدات “اليمام” وسط انتشار القناصة الإسرائيليين فوق أسطح بعض المنازل في تلك المنطقة.

واصطدمت سيارة القوة الخاصة بشكل متعمد بسيارة المقاومين وأمطروها من مسافة قريبة بوابل من الرصاص المتواصل وخلال ثواني معدودة تم تصفية الشبان الثلاثة داخل السيارة وانسحبت القوة الإسرائيلية من المكان بكل سهولة دون مقاومة أو تدخل من أجهزة الأمن الفلسطينية القريبة من المكان.

وذكرت مصادر أمنية فلسطينية أن عملية الاغتيال بنابلس والتي طالت عناصر للمقاومة يتبعون لكتائب شهداء الأقصى أشعلت حالة من التوتر والغضب في الضفة الغربية المحتلة ضد الاحتلال والسلطة مما سيمهد لعمليات انتقامية من المقاومة الفلسطينية وسيكون لكتائب الأقصى نصيب منها.

ويرجح مختصون بالشأن الإسرائيلي أن هذه العملية لم تكن لتنجح بدون المعلومات الدقيقة والتنسيق مع أجهزة أمن السلطة، وأن تنفيذها بهذا التوقيت وبهذا المكان بهدف إرسال رسائل في أكثر من اتجاه ولتحقيق مآرب أمنية وسياسية.

علاقة السلطة بالاغتيال

الباحث في الشأن الإسرائيلي راسم عبيدات لم يستبعد في قراءته لتفاصيل عملية الاغتيال الوحشية وجود تنسيق مسبق مع أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، أو “غض الطرف “على الأقل من هذه الأجهزة أثناء تنفيذ العملية.

وقال عبيدات لـ “صفا” إن تصنيف مكان العملية – منطقة A –، ووفق الاتفاقات الموقعة بين السلطة وسلطات الاحتلال وفق مبدأ “المطاردة الساخنة” لا يمكن أن يتم هذا العمل إلا وفق تنسيق مسبق بين الطرفين.

واعتبر أن دخول قوة الاغتيال الإسرائيلية بهذا العدد وبهذه السهولة وانتشار القناصة في المنطقة في وضح النهار وعلى مقربة من مقار أمنية تتبع السلطة دون رد أو مقاومة يضع علامات استفهام حول دور أجهزة أمن السلطة التي استنفرت بعد العملية لإزالة رايات المقاومة من جنازة الشهداء، “وكأن عداء هذه الأجهزة مع المقاومة وليس مع الاحتلال”.

وأضاف ” القوة المنفذة قطعت بسهولة ما يزيد عن 3 كيلو مترات لعمق المدينة بمركبات عمومية فلسطينية دون أن يعترضها أحد، وخرجت بسهولة أيضا بعد أن فضح أمرها وتنفيذها لجريمة بشعة على الرغم من قربها من جامعة النجاح المكان التي تتواجد به قوى الأمن الفلسطينية بكثرة والتي لم تحرك ساكنا”.

ووفق عبيدات، فإن سلطات الاحتلال لا تعير السلطة أي أهمية وأدخلتها في حرج من خلال توقيت تنفيذ العملية خلال عقد المجلس المركزي ومن حيث مكان العملية بالقرب من مقار وتواجد أجهزتها الأمنية.

وتابع “إذا صح ّ الحديث أن عملية الاغتيال نفذت رغم طلب من السلطة بتأجيلها لما بعد عقد جلسات المجلس المركزي، فإن هذا الحديث يدلل على مدى ارتباط وتعاون هذه السلطة مع الاحتلال “.

ووفق مصادر إعلامية إسرائيلية فإن صور الشهداء الثلاثة وأجسادهم الممزقة نظرا للعدد الكثيف من الطلقات النارية التي أطلقتها قوة الاغتيال صوبهم وانتشارها في الأوساط الفلسطينية يزيد احتمالية تفجر الوضاع بالضفة الغربية .

وتضيف هذه المصادر “الحادث فريد من نوعه من حيث الجهة المُستهدفة – كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح- يضع السلطة وحركة فتح في موقف مُحرج من ناحية أن السلطة منزعجة من عودة التنظيم لتنفيذ عمليات ومن ناحية أخرى حادث الاغتيال يسبب لها حرجا شديدا “.

ترميم قوة الردع الإسرائيلية

ويبدو أن تنفيذ العملية بهذه الطريقة البشعة التي أثارت حفيظة وغضب الفلسطينيين كانت بمثابة رسالة في اتجاهين، أولهما أن ” إسرائيل” شعرت بفقدان قوة الردع أمام الشباب المقاوم في الضفة الغربية، وفق الباحث والمختص بالشأن الإسرائيلي عماد عواد .

ورأى الباحث عواد خلال حديثه لـ “صفا” أن عملية الاغتيال في نابلس بوحشيتها وجرأتها تحاول فيها “إسرائيل” إعادة ترميم صورة قوة الردع.

أما الاتجاه الثاني وفق عواد، أن الحكومة الإسرائيلية لم تعد تثق بقدرات السلطة الأمنية على ردع المقاومة بالضفة، “وبالتالي ذهبت بنفسها بهذا الاتجاه”.

وأضاف “علاوة على ذلك هناك سبب داخلي نتيجة حالة السخط الكبير من أداء جيش الاحتلال وتراجع شعبيته، ولذلك ذهبت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لترميم هذه الصورة من خلال تنفيذ عملية دموية يدفع ثمنها الفلسطيني”.

وتابع ” أيضا هناك مطالب للجيش الإسرائيلي بزيادة رواتبه وميزانيته، وبالتالي يحتاج لشيء لدفع نقاش جاد بهذا الاتجاه للمستوى السياسي”.

أما سياسيا، ووفق المختص عواد فإن رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت أراد أن يثبت للجمهور الإسرائيلي وللمستوطنين من خلال هذه العملية أنه يميني رغم أن حكومته من مركز الوسط واليسار، “وبالتالي هو يضطر بين الفينة والأخرى لممارسة أبشع صورة ممكنة لإثبات ذلك”.

ومؤخرًا تصاعدت عمليات المقاومة الفلسطينية في أنحاء الضفة الغربية المحتلة، وبشكل يومي بات جنود الاحتلال والمستوطنين يتعرضون لهجمات مسلحة أو رشقا بالزجاجات الحارقة والحجارة في أنحاء الضفة.

صفا

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: