لماذا تريد “صفقة القرن” التخلص من “المثلث”؟

لماذا تريد “صفقة القرن” التخلص من “المثلث”؟

تنص وثيقة “صفقة القرن” في صفحة رقم 13 على ضم منطقة قرى ومدن المثلث في الداخل الفلسطيني المحتل إلى نفوذ السلطة الفلسطينية أو ما تسمى “الدولة الفلسطينية” المستقبلية، وهي الخطة التي أعادت الإدارة الأمريكية فيها ترسيم الحدود المتفق عليها دوليًا، عبر دعم “إسرائيل” في ضم أجزاء من الضفة، بما فيها المستوطنات والأغوار وشمال البحر الميت، مقابل التنازل عن المثلث.

ولم يأت اختيار الولايات المتحدة و”إسرائيل” لمنطقة المثلث من أجل نقلها إلى السيادة الفلسطينية من فراغ أو لمجرد تبادل الأراضي؛ فهي تعتبر أهل مناطق المثلث شوكة في حلق عددها السكاني ووضعها الديمغرافي، كما أكدت قيادات في الداخل الفلسطيني المحتل.

ونصت الخطة على نقل أهل المثلث في قرع وعرعرة وباقة الغربية وأم الفحم وقلنسوة والطيبة وكفر قاسم والطيرة وكفر برا وجلجولية، لسيادة الدولة الفلسطينية المستقبلية، فيما استثنت قريتي جت وقرى زيمر لموقعهما الاستراتيجي والجغرافي المرتفع المطل على الساحل من الجهة الغربية وعلى الضفة من الجهة الشرقية.

“يوجعونها ديموغرافيًا”

وقال نائب رئيس الحركة الإسلامية الشمالية القيادي كمال الخطيب لوكالة “صفا”: “أولًا علينا أن نعلم أن هذه المناطق واردة في اتفاقية رودس بين الكيان الإسرائيلي والدول العربية عام 1949 التي وُقعت بعد النكبة مباشرة، لكن كون الحديث عنها يتكرر في كل مرحلة يتم الحديث فيها عن تسوية، فإنه من الواضح جدًا أن إسرائيل تُريد أن تتخلص من أكثر من 500 ألف فلسطيني في أراضي الـ48 بينهم أهل المثلث”.

الاتفاقية التي أشار إليها الخطيب وقعتها “إسرائيل” مع الأردن في فبراير عام الـ49 ضمن ما يُسمى بهدنة عام 1948، ونص الجزء الخاص بها في حينه على تبادل نقل السلطة في الأراضي التي تم احتلالها، إذ “تنازل” الكيان الإسرائيلي عن منطقة الخليل، فيما تنازلت الأردن عن منطقة وادى عارة ومنطقة المثلث.

وأضاف الخطيب “المليون ونصف مليون فلسطيني في الداخل المحتل شوكة توجع إسرائيل في العدد السكاني، ولذلك فهي تريد من تحويل هذه المنطقة تحديدًا إلى السيادة الفلسطينية سلخ فلسطينيي الداخل ونقل جزء لا يتجزأ من أهل أراضي الـ48 إلى سيادة السلطة الفلسطينية في الضفة”.

وشدد الخطيب على أن “الشيء الذي يجب على إسرائيل أن تعلمه أن ذلك غير وارد ولن يمر بقرار من الشعب الفلسطيني حتى لو كان الثمن حياته”.

لما سيرفض أهل المثلث؟

وأكد الخطيب أن رفض الفلسطينيين في الـ48 نقل هذه المناطق ليس لأنهم لا يريدون أن يكونوا جزءًا من أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة، أو أنهم يرغبون في الاستمرار بوجودهم في “إسرائيل” كأفضلية اقتصادية.

وتابع “أبدًا ليس كذلك كما يريد البعض أن يُروج، وإنما لأننا نعتبر أنفسنا مؤتمنين على هذا الجزء من الوطن الفلسطيني، كما أهل الضفة مؤتمنين على أرضها وأهل القدس أيضًا مؤتمنين على أرضها”.

وأشار إلى أن اختيار “إسرائيل” للمثلث يمكن أن يكون له اعتبارات أخرى كون أهل هذه المناطق لهم ميزة في أنهم ينتمون للتيار الإسلامي وعصاة عليها، واستدرك “لكن ورغم إمكانية هذا الاعتبار إلا أن البعد الجغرافي هو الأهم في طرح الاستغناء عن هذه الأراضي تحديدًا”.

المثلث و”قانون القومية”

من جانبه، قال القيادي الفحماوي والنائب الأسبق بالكنيست الإسرائيلي عفو إغبارية: “إن اختيار إسرائيل لهذه المنطقة جاء لأنها محاذية أكثر لمناطق السلطة الفلسطينية، إضافة لذلك فإن المثلث تاريخيًا ضُمت في معاهدة رودس عام الـ 49”.

ونوه في حديث لوكالة “صفا” إلى أن “إسرائيل” طلبت من الدول العربية وتحديدًا الأردن، وقتها، ربط الشمال بالجنوب لأسباب أمنية، فكانت هذه المناطق “المثلث” الطريق الرابط بينهما.

وأضاف إغبارية “منذ أوسلو إلى اليوم لا تبت إسرائيل في ممتلكات هذه المناطق، واليوم تريد التخلص منها مقابل بديل في شرقي نهر الأردن وأراضٍ في النقب”.

وحذر إغبارية من أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن ما يُسمى بـ”قانون القومية” الذي أقرته “إسرائيل” العام الماضي سبق هذه الصفقة، وهو عمليًا يُحضّر لما بعد بعدها.

وأشار إلى أن “إسرائيل تحضّر للتخلص من 280 ألف إلى 300 ألف نسمة هم سكان المثلث، ومن ثم التخلص من البقية الباقية من الفلسطينيين بأراضي الـ48”.

ولفت إلى أن “إسرائيل” تعتبر أنها ستتخلص من سكان المثلث بتبادل الأراضي ونقل سيادتهم للسلطة الفلسطينية، أما البقية الباقية بالمدن الساحلية والنقب والجليل، فهي أمام خيارين: أولهما الإبادة الجماعية وهذا أمر غير ممكن، بالتالي يبقى خيار تطبيق “الترانسفير” الذي يعني ترحيل الفلسطينيين.

وأضاف “هذه مجموعة من العمليات والإجراءات التي قامت بها الميليشيات الصهيونية، ومن بعدها حكومة “إسرائيل”، أو بمعنى أوضح التخلص من أكبر عدد ممكن من السكان غير اليهود في أراضٍ تريد أن تضمها إلى الدولة الإسرائيلية، وذلك بهدف الحفاظ على يهودية الدولة”.

وتابع “هذه الخطة قابلة للتنفيذ لأن قانون القومية (يهودية الدولة) ينص على أنه لن يكون هناك أي حقوق لأي مواطن غير اليهودي، وهو ما تطبقه منذ وضعت هذا القانون على أهل الـ48”.

و”قانون القومية” أو قانون “الدولة القومية لليهود في إسرائيل” هو قانون أساسي إسرائيلي يُعرِّف “إسرائيل” بأنها دولة قومية للشعب اليهودي، وأقرّه الكنيست الإسرائيلي في 19 يوليو 2018.

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يوم 28 يناير/ كانون ثاني عن “صفقة القرن” لتصفية القضية الفلسطينية، والتي تلقى رفضًا فلسطينيًا ودوليًا واسعًا.
صفا

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: