لماذا تصرّ الحكومة على سياساتها المنحازة ضد الفقراء برفض رفع الحد الأدنى للأجور؟

لماذا تصرّ الحكومة على سياساتها المنحازة ضد الفقراء برفض رفع الحد الأدنى للأجور؟

الحكومة: بحث الحد الأدنى للأجور بداية العام القادم

المرصد العمّالي: عدم رفع مستويات الأجور يُشكّل تكريسا لسلسلة السياسات المنحازة ضد مصالح العمّال الفقراء

الخبير الاقتصادي موسى الصبيحي: رفع الحد الأدنى للأجور استحقاق قانوني

عمّان – البوصلة

في الوقت الذي تتواصل فيه المطالبات بضرورة رفع الحد الأدنى للأجور بما يتناسب مع المستوى المعيشي والظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهها المواطنون اليوم، تصر الحكومة على أنّه لا نقاش لهذا الأمر قبل بداية العام القادم 2025 الأمر الذي من شأنه أن يتسبب بمزيد من الأعباء والصعوبات على الأسر الأردنية ذات الدخل المحدود والأقل حظًا في ظل ارتفاعات متواصلة للأسعار، فيما يرى مراقبون في هذا الإصرار الحكومي انحيازًا وتكريسا لسياسات ضد مصالح العمّال الأردنيين الفقراء.

وقالت وزيرة العمل ناديا الروابدة، الثلاثاء، إن آخر قرار صدر من اللجنة الثلاثية في شباط 2023 قررت فيه الإبقاء على الحد الأدنى للأجور عند (260) ديناراً للأعوام 2023-2024، على أن يتم بحث الحد الأدنى للأجور من قبل اللجنة مع بداية الأيام العشرة الأولى من عام 2025 لإعادة احتسابه بحيث يتم زيادة الحد الأدنى للأجور والبالغ حالياً 260 دينار بإضافة نسب التضخم للسنوات 2022-2024.

وكان المرصد العمالي الأردني، طالب في بيانٍ سابقٍ، وصل “البوصلة” بضرورة رفع مستويات الأجور أكان بالنسبة للقطاع الخاص أو العام بما يتناسب مع المستوى المعيشي في الأردن.

من جانبه أكد الخبير الاقتصادي موسى الصبيحي فيما وصفه بـ “المناقشة الهادئة للحكومة حول ضرورة رفع الحد الأدنى للأجور”، بأنّ رفع الحد الأدنى للأجور هو استحقاقٌ قانوني بموجب الفقرة “ب” من المادة “52” من قانون العمل، كنقطة أولى من عشر نقاط وضعها على طاولة الحكومة.

وقال الصبيحي إنّ الحكومة الحالية تصرّ على عدم رفع الحد الأدنى للأجور بالرغم من أنه، “استحقاق قانوني بموجب الفقرة “ب” من المادة “52” من قانون العمل”.

كما لفت الصبيحي في نقطته الثانية إلى أنّ هذا الأمر، إنفاذ لقرار سابق اتخذته اللجنة الثلاثية لشؤون العمل مطلع عام 2020 ووافقت عليه الحكومة السابقة وتم نشره في الجريدة الرسمية، فقد اتخذت اللجنة الثلاثية لشؤون العمل قراراً مُلزِماً بتاريخ 24-2-2020 وتم نشره في الجريدة الرسمية ( العدد رقم 5687 تاريخ 31-12-2020) ومضمونه رفع الحد الأدنى للأجور من (220) ديناراً إلى (260) ديناراً اعتباراً من مطلع عام 2021، على أن يتم ربط الحد الأدنى المشار إليه وهو (260) ديناراً بزيادة سنوية مساوية لنسبة التضخم التي تسجّل في المملكة لسنة سابقة وذلك للسنوات: 2022,  2023,  2024 علماً بأنه لم تتم الزيادة لعام 2022 بسبب تداعيات جائحة، كما تراجعت الحكومة عن القرار للعامين 2023 و 2024، وبالتالي ليس هناك من ضمانات لعدم تراجع أي حكومة قادمة عن قرار الحكومة الحالية برفع الحد الأدنى مطلع عام 2025 القادم بما يعادل نسب التضخم التراكمية للأعوام 2022- 2024..!.

وشدد على أنّ هذا الأمر “متوافق مع رؤية التحديث الاقتصادي التي دعت إلى رفع دخل المواطن الأردني بنسبة 3% سنوياً”.

ولفت إلى أنّه يفيد أكثر من (150) ألف عامل أردني لا زالوا مشتركين بالضمان على راتب الحد الأدنى الحالي البالغ (260) ديناراً، وثمة عدد قريب منهم إن لم يكن أكثر من العمال الأردنيين العاملين في الكثير من القطاعات برواتب الحد الأدنى للأجور وما هو أقل منها وغير مشمولين بالضمان، ومن ضمنهم جزء كبير من العاملين في القطاع غير المنظم.

وشدد الصبيحي على أنّ “رفع الحد الأدنى للأجور” من شأنه أن يفيد المركز المالي للضمان الاجتماعي، ويرفع من الإيرادات التأمينية لمؤسسة الضمان، ويدعم النشاط الاستثماري لأموال الضمان مما بفيد الاقتصاد الوطني ويعزز النمو الاقتصادي ويفتح المزيد من فرص العمل للمواطن.

كما نوه إلى أنّه يفيد كل عامل أردني مشترك بالضمان واقترب من إكمال شروط استحقاق راتب تقاعد الشيخوخة والمبكر، وكذلك كل مَنْ يمر بحالة من حالات استحقاق أي من رواتب وتعويضات الاعتلال الطبيعي أو الناشىء عن إصابة العمل، وهي منافع تعتمد على مقدار الأجر الخاضع لاقتطاعات الضمان.

وأكد الصبيحي أنّ رفع الحد الأدنى للأجور يضخ المزيد من الأموال في الاقتصاد من خلال زيادة إنفاق العمال ذوي الحد الأدنى للأجور وعائلاتهم على الأساسيات، فيرفع من مستوى إنفاقهم الاستهلاكي، مما يستفيد معه البائع والصانع والزارع.

ولفت إلى أنّ مثل هذه القرار يعد تنفيذًا للتوجيهات الملكية المتكررة للحكومات بتحسين معيشة المواطن، ورفع الحد الأدنى للأجور يشكّل دعامة لذلك ولو بأقل درجات الممكن.

ونوه الصبيحي إلى انّ من شأن هكذا قرار أن يحفز العمال الأردنيين على الانتقال من العمل في القطاعات غير المنظمة إلى القطاعات المنظّمة لكي يحظوْا بالحماية والحقوق المنصوص عليها بالتشريعات ومنها الحد الأدنى للأجور.

وفي ختام الفوائد التي عددها الصبيحي لرفع الحد الأدنى للأجور أنّه يحد من الفقر ويخفف من غلوائه بين الأردنيين، ويحفّز على العمل وهو ما دعت إليه الاستراتيجبة الوطنية للحماية الاجتماعية للأعوام 2019-2025 من خلال محور تمكين ومحور توفير فرص عمل لائقة للأردنيين.

ووجه الصبيحي رسالة لصنّاع القرار في نهاية حديثه: هل تستطيع الحكومة الموقرة أن تناقش النقاط العشر المذكورة أعلاه أو تتجاهلها، وتصرّ على عدم رفع الحد الأدنى للأجور.؟!

المرصد العمّالي يطالب برفع الأجور

طالب المرصد العمالي الأردني بضرورة رفع مستويات الأجور أكان بالنسبة للقطاع الخاص أو العام بما يتناسب مع المستوى المعيشي في الأردن.

وفي بيان أصدره المرصد، الأحد، قال إن معدلات التضخّم (أسعار السلع والخدمات) في ارتفاعات متتالية، إذ سجّلت أخيرا ارتفاعا في عام 2023 بنسبة 2.08 بالمئة مقارنة مع عام 2022، وفقا لدائرة الإحصاءات العامة، فيما مستويات الأجور على حالها أكان بالنسبة للحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص (البالغ 260 دينارا) أو حتى الأجور في القطاع العام وبخاصة علاوة غلاء المعيشة الشهرية البالغة 135 دينارا، التي لم تزد منذ نحو 10 سنوات، ما رتّب أعباءاً كبيرة على المستهلكين.

ونبّه المرصد في البيان إلى أن هناك احتمالات لمواصلة الارتفاع في معدلات التضخّم خلال الفترة المقبلة، جرّاء العدوان الصهيوني المستمر على قطاع غزة، وتداعيات الاضطرابات في البحر الأحمر وباب المندب.

ورأى المرصد أنه في ضوء توجيهات رئيس الوزراء بشر الخصاونة للوزراء المعنيين باتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة ارتفاعات الأسعار المتوقعة، يُفترض إعادة النظر بالأجور ورفعها، بما يُمكّن المواطنين من استيعاب آثار تلك الارتفاعات وتخفيف الأعباء عنهم.

وأوضح أن الفقرة (ب) من المادة 52 من قانون العمل نصّت على الأخذ بالاعتبار مؤشرات تكاليف المعيشة التي تُصدرها الجهات الرسمية المختصة عند تحديد الحد الأدنى للأجور من قبل اللجنة الثلاثية لشؤون العمل، إلا أن ذلك لم يُطبّق.

إذ أن الحكومة تراجعت في كانون الثاني من العام الماضي عن تطبيق قرار اللجنة الثلاثية برفع الحد الأدنى للأجور تلقائيا وفق معدلات التضخم المعلنة من قبل دائرة الإحصاءات العامة، وقررت عدم رفعه حتى عام 2025.

وأكد المرصد أن انخفاض مستويات الأجور يُعد من أبرز التحديات التي يواجهها العاملون في سوق العمل الأردني، إذ أن هناك قطاعات واسعة من العاملين يتقاضون أجورا شهرية تقل عن الحد الأدنى المعمول به في قانون العمل، إضافة إلى الأجور المتدنية التي يحصّلها غالبية العاملين في الاقتصاد غير المنظم.

ولفت إلى أن عدم رفع مستويات الأجور يُشكّل تكريسا لسلسلة من السياسات المنحازة ضد مصالح العاملين الفقراء، وتعبيرا عن خيارات اقتصادية غير اجتماعية تخدم مصالح فئة محدودة من المجتمع.

كما يتعارض مع ركائز رؤية التحديث الاقتصادي التي أعلنت عنها الحكومة عام 2022، وبخاصة ركيزة تحسين جودة الحياة التي تتضمن توفير العناصر الضرورية لحياة كريمة، وفق المرصد الذي أكد أن زيادة مستويات الأجور هي من أهم العناصر التي تحقق مستوى معيشي لائق للمواطنين.

ونبّه المرصد إلى أن بقاء الأجور على حالها من شأنه أن يوسّع من قاعدة الفقر ويعمق التفاوت الاجتماعي واللامساواة الاقتصادية، ويُضعف فرص تمتع المواطنين بحقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية، ويهدد الاستقرار الوطني بأبعاده المختلفة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: