لماذا يبقى إعلامنا متخلفًا ومسكونًا بالخوف (شاهد)

لماذا يبقى إعلامنا متخلفًا ومسكونًا بالخوف (شاهد)

عمّان – البوصلة

أكد أستاذ الشريعة الإسلامية الدكتور أحمد الشحروري أنّ الإعلام الرسمي والأهلي اليوم مطالبٌ بأن يكون على قدر المسؤولية والمستوى وأن لا يبقى مسكونًا بالخوف والرهبة من الرأي والرأي الآخر، محذرًا من أنّ استمرار هذا الأمر سيبقي إعلامنا أضحوكة ومتخلفًا عن ركب التطور.

وقال الشحروري في حلقة جديدة من سلسلة “رمضان يجمعنا” التي تبث “البوصلة” حلقاتها على مدار أيام الشهر الفضيل إنّ إعلام الرأي الواحد الذي لا يقبل إلا لونًا واحدًا يفقد مصداقيته على الصعيد السياسي والاقتصادي والشرعي.

وشدد على ضرورة أن نمتلك في بلدنا منصات إعلامية حرة نصنعها بأيدينا ونديرها بأنفسنا وتقودها الكفاءات القادرة المجيدة لفنون الإعلام واللغة، محذرًا من استمرارنا في “أسر” منصات التواصل التي يمتلكها غيرنا ويفرضون علينا سياساتهم الظالمة ويحرمونا من حق التعبير فيها والدفاع عن حقوقنا.

إعلامنا دون المستوى

وقال الشحروري: أنا في الحقيقة متألم من الإعلام المعاصر وخاصة الإعلام المحلي لأنه دون المستوى سواءً كان حكوميًا أو أهليًا.

وأضاف، تعلمون أنّ عدوّنا يعنى بالإعلام بشكلٍ جنوني وأكبر دور الإعلام من صحف وتلفزيونات بيد عدوك المحتل لأرضك، سواءً كان في أمريكا أو فلسطين وأينما ذهبت اليهود يضعون أيديهم على الإعلام.

وتساءل قائلا: فلماذا نظل متخلفين في ركب الإعلام، وسأتعرض لبعض الأسباب الواهية التي تقف وراء تخلفنا في هذا المجال.

وتابع حديثه: النقطة الأولى، وسائل الإعلام الرسمية والكفاءة، فهي مسكونة بالخوف ولا تريد أن تفتح أبوابها لمن تسمّيهم المعارضة، ولمن لا ترضى عن خط سيرهم، ولمن لا تثق بأنهم سيتكلمون بلسانها.

وشدد على أن هذا ليس إعلامًا، ولا يعود إعلامًا حينما أفتح وسيلة الإعلام لكي لا يسمع النّاس إلا رأيًا واحدًا ولا يروا إلا لونًا سياسيًا واحدًا.

وقال: هذا ليس إعلامًا، هذا أضحوكة، وحتى حينما تجري بعض المقابلات يسأل السؤال وتوضع الإجابة على لسان المسؤول عن الموضوع، المواطن، وحين يجرون لقاءً في الشارع: كيف الأمور، تنتظر أن يقلك الأمور (زفت) كله تمام يا شيخ ونحن بنشكر المسؤول، ويصبح هذا الخطاب ممجوجًا وثقيلاً على آذانهم.

واستدرك الشحروري بالقول: ليس لأنهم لا يحبون مدح المسؤول، ولكن لأنهم يرون كثيرًا من الأمور ليست كما يجب، وليست تمام، ولكنّهم يريدون أن يسمعوا من الناس “كله تمام”.

ونوه إلى أن هذا يفقد الإعلام مصداقيته على الصعيد السياسي والصعيد الاقتصادي والصعيد الشرعي.

وأضاف بالقول: نحن الآن في رمضان، ويؤسفني أن كثيرًا من أداء الإعلام الرسمي والنشاط الشرعي يؤتى بالصف الثاني والثالث والرابع من المتحدثين فلا يقيموا أساسًا من أسس الإعلام في حديثه، مع أنّ البلد مليئة بالكفاءات، والناس تستمع إلينا من كل حدبٍ وصوب، بالملايين، فلماذا نجعلهم يعتقدون أنّ الأردن ليس فيها أكفاء، وليس فيها من يستطيعون الخروج للإعلام ويخاطبون الناس ويحترمون عقولهم.

منصات الإعلام الحرة

 وعبر عن أسفه أسارى لـ “فيسبوك”، إذا استخدمنا مصطلحًا لا يعجب إدارة فيسبوك فيعاقبنا بالحبس لمدد متفاوتة لأنه لا يريد إيذاء اصحابه.

وأضاف، نحن قومٌ احتلت أرضنا وانتهك عرضنا ونريد أن نتكلم كلامًا فيه بعض الإنصاف لقضيتنا، وإن أردنا الحديث عن الصهاينة واليهود يجب أن تكون الكلمة متقطعة حتى لا يممسك علينا ممسك، وهذا يقودنا لسؤال: اين تجار المسلمين واقتصاديو المسلمين.

وشدد بالقول: نريد منصات إعلامية حرة نصنعها بأيدينا ونديرها بأنفسنا، ولا يتقوّى علينا فيها أحد، وهكذا نريد أن تكون منصاتنا لأنفسنا ونربيها ونجعل لها الجمهور، ثمّ نستغني عن كل منصة تريد منا أن نتكلم بالسنتي والشبر.

أزمة اللغة في الإعلام

وقال: الإعلام واللغة، مما أنتقده في الإعلام الرسمي والإعلام الأهلي، أنّ من أسفٍ إذا اراد أن يتكلم جملة في اللغة العربية فإنّه يقضّ مضجع سيبويه في قبره، ويقرقع عظامه في قبره، ولا يتكلم جملة واحدة سليمة من الأخطاء.

وقال الشحروري: أنا لا أدعي وأنا إعلامي بسيط على قدري، ولا أدعي أنني لا أخطئ، وفرقٌ كبيرٌ بين من يخطئ مرغمًا لأن الإنسان ضعيف في ذاته فيخطئ خطأ أو خطأئين وبين من لا يفوت جملة واحدة إلا وفيها كذى خطأ.

ووجه رسالة للإعلاميين: فلنتعب على أنفسنا ولتكن اللغة سليقتنا، فلا بأس ببعض الكلمات العامية الدارجة ليفهم علينا العوام، ويفهم علينا قليلو الثقافة فليس هناك مشكلة، لكن لا يكون كلامنا اللغوي العربي الفصيح أن لا يكون “فاضحًا” يؤذي الآذان السليمة، فاللغة ضحية في إعلامنا من أسف.

قبول النقد

مشكلتنا في الإعلاميين أننا نرفض الانتقاد عمليًا، فهو ممكن يحترمك ويخجل منك، وأنا مارست الانتقاد للإعلام الرسمي والإعلام الأهلي وفي كل الأحوال الجميع يحترمني ويقول لي شكرًا، لكن ليس عنده استعداد ليغيّر.

وقال الشحروري: انتقدت في برامج الإذاعة الحكومية ولم يغيروا، وانتقدت في برامج الإذاعة والتلفزيون الأهلية، ولم يغيروا، متسائلا: لماذا نرفض الانتقاد، فلنستمع للناس ونناقش ملحوظاتهم لأنّ هذا يثري عملنا.

ونوه بالقول: لكن ما دمنا نضع نفسنا في قالب معين ستبقى المشكلة هي المشكلة والضعف الإعلامي سيظل هو الضعف الإعلامي.

وأشار إلى أن “مسؤولًا إعلاميًا كبيرًا في بلدي، يقول أنا مسؤول شكلي، وهم يفعلون ما يريديون، وأنا أوقع، فماذا نقول نحن، وهذه المشكلة”.

الإعلام الحر

واضاف، هذا يقودنا إلى أنّه لا يجوز أن يكون الإعلام أمنيًا لأنه يكون مرتجفًا ويجب أن يسمح للرأي والرأي الآخر، ولا تخف من المعارضة، لانها ليست قادمة من “هونولولو”، وعلى العكس هي تزيدك قوة وتزيد رأيك رجاحة.

واستدرك: لنكن بلادًا حرة يحترم فيها الرأي والرأي الآخر لأنّ هذا يعضدنا جميعًا ويفيدنا جميعا، وينشر لنا الخير جميعًا.

وقال: نرفض مبدأ إعلام الردح، ونحن لا نقول نريد إعلامًا حرًا أي إعلام الردح، لا نحن نريد إعلامًا واعيًا مستنيراً يستخدم الرقم والمعلومة الراجحة والصحيحة، ولا يستخدم الردح ولا الشتم، ولا تخريب مجاديف الآخرين، بل إعلام منطقي موضوعي يعتمد على المعلومة الصحيحة.

وختم الشحروري بالقول: كلما كان الإعلامي صادقًا ويلامس هموم الناس، كان أكثر قربًا من النجاح والقبول عند الله ثم عند الناس، يا رب ارزقنا إعلامًا فيه الخير والبركة والفائدة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: