ليبراسيون: عندما يتنكر إف بي آي بهيئة حماس لمحاصرة رجال مليشيات أميركيين

ليبراسيون: عندما يتنكر إف بي آي بهيئة حماس لمحاصرة رجال مليشيات أميركيين

قالت صحيفة ليبراسيون (Libération) الفرنسية إن اعتقال رجلين من حركة “بوغالو بويز” الأميركية المتطرفة بتهمة “التآمر” مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، كشف عن فراغ قانوني متسع في المعركة الأميركية ضد ما يُسمى بـ”الإرهاب”.

وأوضحت الصحيفة أن البيان الصحفي الصادر عن وزارة العدل الأميركية في أوائل سبتمبر/أيلول الجاري بشأن شخصين من “بوغالو” متهمين بمحاولة تقديم مساعدة مادية لحركة المقاومة الفلسطينية “حماس”، أظهر ازدواجية مجتمع الاستخبارات تماما كمجتمع الحركات المتطرفة.

تصوروا -كما تقول الصحيفة- أن شخصين يعرّفان نفسيهما كرجلين من اليمين المتطرف يعرضان خدماتهما كمرتزقة للإسلاميين، وما يمكن أن يتلو ذلك من انفجارات في المقاهي، إنه أمر مبهم يصعب تصديقه، بل إنه كما يقول نائب المدعي العام جون سي ديميرز “لا يمكن فهم هذه القضية إلا على أنها مثال مقلق للقول المأثور القديم.. عدو عدوي صديقي”.

غير أن قراءة المحضر تكشف في الواقع -كما تقول الصحيفة- عن قصة ملتوية، وتؤكد أن حركة حماس غريبة تماما عن هذا الملف، كما تكشف أكثر من ذلك عن الصعوبات التي تواجهها الحكومة الأميركية في حماية نفسها من الجهات المسلحة التي نزلت إلى الشوارع خلال الفوضى المزدوجة التي زرعها وباء كورونا والانتفاضة ضد العنصرية بسبب سلسلة من أخطاء الشرطة الفادحة.

ففي نهاية شهر مايو/أيار، خلال مظاهرات في أوكلاند بكاليفورنيا، قام أحد المحاربين القدامى في سلاح الجو الأميركي وينتمي إلى حركة بوغالو بويز بمهاجمة ضابطين أمام إحدى المحاكم، مما أسفر عن مقتل أحدهما، على أمل إلقاء اللوم على نشطاء حركة “حياة السود مهمة” التي كانت تتظاهر قريبا من المكان.

المجاهدون

وبسبب هذا الهجوم الذي ارتكبته بوغالو بويز -كما يقول الكاتب- قرر مكتب التحقيقات الفدرالي “إف بي آي” (FBI) إطلاق عملية لمكافحة هذه الحركة، وفي يونيو/حزيران الماضي اتصل “رجل شرق أوسطي” على فيسبوك، بالشخصين المتهمين في قضية “بوغالو”، وهما مايكل سولومون الثلاثيني البدين وبنيامين تيتر “22 عاما”، وهما أقرب إلى جماعات الفوضويين.

وقد قدّم تيتر نفسه، في مقابلة مطولة مع “سي إن إن” أثناء الاشتباكات التي وقعت بعد وفاة جورج فلويد، على أنه عضو فخور بانتمائه إلى بوغالو بويز، ولكنه أيضا يقول إنه “عضو في مجتمع يساري ليس نازيا”، مدعيا أنه موجود في شوارع مينيابوليس “لحماية” النشطاء السود.

وقدّم الرجل الشرق أوسطي نفسه على أنه عضو في حماس، وسرعان ما شارك رجلا المليشيات هذا الشخص المجهول كراهيتهما للحكومة الأميركية والإعلام والسياسيين، حتى إن تيتر أوضح له أن حلمه هو نصب حبل المشنقة أمام الكونغرس لشنق أعضائه، بما في ذلك مختلف الاتجاهات السياسية.

وقال الكاتب إن محاور الرجلين كان مخبرا لمكتب التحقيقات الفدرالي “إف بي آي” (FBI) وليس ناشطا فلسطينيا، وكان يسجل كل شيء، ومع ذلك فإن سولومون وتيتر اشتعلا حماسا، وهما يقترحان عليه تفجير مبان حكومية وإلقاء قنابل يدوية على مراكز الشرطة أو القيام بعمل مستقل لحساب حماس، لجمع الأموال لبناء معسكر تدريب مخصص “للبوجاهدين”، و”الكلمة منحوتة من بوغالو والمجاهدين”.

وقد سلط الثنائي أيضا الضوء على مهاراتهما الحرفية المتعددة، خاصة في مجال الأسلحة والمتفجرات، وعلى أساس ذلك طلب منهما عميل مكتب التحقيقات الفدرالي الذي انتحل عضوية حماس، كاتم صوت مناسبا للبنادق الآلية، موضحا أنه سيستخدم ضد الجنود الأميركيين والإسرائيليين، وقد وقعا في الفخ.

بعد عدة عمليات تسليم ومشاهدة متحمسة لمقطع فيديو لعملاء ملتحين من مكتب التحقيقات الفدرالي وهم يجربون أسلحتهم -كما يقول الكاتب- تم القبض على الاثنين في أواخر أغسطس/آب بتهمة “التآمر، بتقديم دعم مادي وموارد لمنظمة إرهابية أجنبية”.

الإرهاب الداخلي

ويورد تقرير الصحيفة الفرنسية أن مكتب التحقيقات الفدرالي قام بتدبير مئات العمليات من هذا النوع منذ هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، حيث تظاهر رجاله بأنهم أعضاء في القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية لاعتقال الأفراد المتطرفين الذين يعتبرونهم خطرا كإجراء استباقي.

وقد انتقدت بعض المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك هيومن رايتس ووتش هذه الإجراءات، لأنها تميل حسب اعتقادها، إلى استهداف “الأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية أو العقلية والمحتاجين”، بدلا من الصيد الكبير الذي يصعب اصطياده.

والجديد في قضية “بوغالو-حماس” أن هذه هي المرة الأولى التي يطبق فيها مكتب التحقيقات الفدرالي هذا التكتيك على حركة أميركية بحتة، لا علاقة لها بالجهاديين، والسبب هو أنه لا يوجد وصف قانوني في الولايات المتحدة “للإرهاب المحلي” أو “الإرهاب الداخلي”، مما يمنع العملاء الفدراليين من الحصول على أوامر اعتقال أو توجيه الاتهام إلى رجال المليشيات الذين يخططون لشن هجمات لصالح اليمين المتطرف أو أي أيديولوجية مناهضة للنظام.

وقد أوجد هذا الوضع “معايير مزدوجة” مواتية للغاية لهذه الجماعات المسلحة التي عادة ما يفلت أعضاؤها المدانون، بالحصول على أحكام مخففة مرتبطة بأنظمة الأسلحة النارية، كما يوضح الكاتب.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: