ماذا وراء زيارة “رجل المهمات الصعبة” في حزب الله للإمارات؟

ماذا وراء زيارة “رجل المهمات الصعبة” في حزب الله للإمارات؟

ماذا وراء زيارة "رجل المهمات الصعبة" في حزب الله للإمارات؟

فاجأ خبر زيارة مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله”، وفيق صفا، لدولة الإمارات العربية المتحدة الكثير من المراقبين، نظراً للتوترات والخلافات القائمة بين الحزب ودول الخليج العربي، والتي وصلت إلى حد تصنيف مجلس الوزراء الإماراتي له كـ”منظمة إرهابية” عام 2014.

وخطفت زيارة صفا، التي وصفت بأنها “تاريخية”، إلى الإمارات، يوم 19 مارس الحالي، الأنظار في لبنان، وتصدرت قراءة دلالاتها وأبعادها المشهد السياسي، وطرحت تساؤلات كثيرة حول سرها وسط الأحداث المتصاعدة في المنطقة، خصوصاً منذ العدوان الإسرائيلي على غزة.

وتتزامن هذه الزيارة مع حديث عن وساطة قادتها دمشق لدى الإمارات، استمرت أشهراً؛ من أجل تسهيل إطلاق سراح عناصر “حزب الله”، وفي ظل تأكيدات على أن موضوع الموقوفين هو العنصر الوحيد الذي يقف وراء الزيارة، وأن لا ارتباط لها بأي ملفّ آخر لبناني أو إقليمي، فما سر هذه الزيارة؟

“حزب الله” في الإمارات

تعد زيارة صفا للإمارات هي الأولى التي يقوم بها ممثل كبير للحزب، المدرج ضمن القائمة السوداء، إلى دول الخليج العربي.

لم يتم الإعلان عن الزيارة وتفاصيلها رسمياً فوراً، ليتبين لاحقاً من بيان مقتضب لـ”حزب الله” أن الهدف منها البحث في ملف الموقوفين اللبنانيين السبعة في الإمارات، فيما لم يصدر أي تعليق من الجانب اللبناني أو الإماراتي.

من جانبها، ذكرت قناة “سوريا” المعارضة أن المفاوضات بدأت بوساطة دمشق التي تربطها علاقات وثيقة بحزب الله، والتي أعادت الإمارات علاقاتها الدبلوماسية معها منذ أكثر من 5 سنوات.

وبحسب التلفزيون السوري كان الوسيط في المفاوضات بين الإمارات و”حزب الله” هو رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء حسام لوقا.

فيما نقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصادر قولها إن هذه الزيارة “أتت بعد مسار طويل من المحادثات بدأ منذ حوالي ستة أشهر”، وإن “فتح قنوات التواصل بين الإمارات والحزب أتى بعدَ وساطة من دولة إقليمية”، في إشارة إلى سوريا.

وأكدت أن “الاتصالات التي كانت قائمة أحيطت بسرية تامّة ولم يكن أحد على علم بها ولا حتى حلفاء الحزب في الداخل الذين استوضحوا عن ذلك بعد تسريب الخبر”.

اختيار صفا

وأشارت الصحيفة اللبنانية إلى أن “الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أوكلَ المهمة إلى صفا باعتبارها أمنية بامتياز ولا أبعاد سياسية لها”، مؤكدة أن “ملف الموقوفين هو الملف الوحيد الذي يبحثه صفا في الإمارات ولا علاقة لزيارته بالملف الرئاسي وملف الحرب”.

يُعرف صفا بكونه وسيطاً بين “حزب الله” والمجتمع الدولي وأجهزة الأمن اللبنانية، وفي عام 2019 أُدرج في قوائم عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية، كما أن بعض الأدلة تشير إلى أنه ربما كان متورطاً في تفجير بيروت عام 1983، الذي أودى بحياة مئات العسكريين الأمريكيين والفرنسيين.

وهذا هو أول اتصال رسمي بين الإمارات و”حزب الله” المدرج على قائمة الإرهاب الخليجية، إلا أن توقيت الزيارة عزي إلى المناخ الإيجابي الذي يطبع علاقة إيران بدول الخليج العربي، ما يشي لاحقاً باحتمال فتح حوار بينها والحزب.

وتصنف الدول الست في مجلس التعاون الخليجي حزب الله “جماعة إرهابية” منذ عام 2016، كما فرض المجلس عقوبات عليه في 2013؛ لزجه بعناصره إلى جانب قوات الأسد لقتل السوريين.

انفتاح إماراتي

يرى الباحث في العلاقات الدولية، محمود علوش، أن الانفتاح الإماراتي على حزب الله “ربما يعكس في جانب أساسي كيف أن أبوظبي تسعى أن يكون لها تأثير ودور أكبر فيما يتعلق بالوضع في لبنان”.

ويلفت، في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، إلى أنه “إذا ما أرادت الإمارات أن يكون لها دور أكبر فسيتعين عليها الانفتاح على قوة كحزب الله، لأنه أصبح اليوم له تأثير سياسي كبير في الداخل اللبناني”.

ويشير إلى أن المعلومات التي نشرت حول الزيارة “كانت مرتبطة على ما يبدو بوساطة قام بها رئيس النظام السوري بشار الأسد وتتعلق بمسألة الإفراج عن لبنانيين ينتمون لحزب الله معتقلين في الإمارات منذ فترة”.

وأضاف: “فيما يبدو أنه انفتاح إماراتي على حزب الله ينعكس بدرجة أساسية أن يكون لها تأثير أكبر وعلاقات على مختلف القوى السياسية الفاعلة في لبنان”.

وفيما إن كانت الزيارة لها أيضاً ارتباط بالحرب في غزة، يعتقد علوش “بصعوبة ربط هذه الزيارة بالحرب؛ لأنها منفصلة إلى حد معين، فضلاً عن أن الإمارات ليس لديها القدرة على التواصل مع حزب الله في مسار الحرب”.

ويجدد تأكيده أن هذه الزيارة جاءت “نتيجة الوساطة والتفاهمات التي قامت بها دمشق بين أبوظبي وحزب الله في الآونة الأخيرة”.

“حزب الله” والإمارات

يذكر أنه خلال السنوات الماضية، قامت الإمارات بإيقاف العديد من اللبنانيين، معظمهم من الطائفة الشيعية، بتهم تتعلق بالتعامل مع “حزب الله”.

ففي مارس من العام الماضي، أوقفت 10 لبنانيين قبل أن تفرج عنهم بعد شهرين، بعد وفاة أحدهم، وهو غازي عز الدين.

كما سبق للإمارات أن أوقفت 8 لبنانيين في عام 2018، بتهمة “التواصل مع حزب الله”، وفي مايو من العام 2019 أصدرت محكمة إماراتية الحكم عليهم، منهم 3 أشخاص بالسجن لفترات طويلة (شخص واحد حُكم بالمؤبد و2 بالسجن لعشرة أعوام).

لكن الإمارات عادت وأفرجت، في يونيو 2019، عن 3 لبنانيين كانوا من ضمن الموقوفين، قبل أن يجري ترحيلهم إلى لبنان، وفي عام 2021 أفضت جهود الوساطة التي قادها مدير عام الأمن العام اللبناني السابق عباس إبراهيم عن إطلاق 11 موقوفاً.

وتجاوزت أبوظبي ردود الفعل العدائية لـ”حزب الله” تجاه دول الخليج في سنوات ماضية، وسعت إلى الانفتاح الإيجابي على لبنان من خلال رفع الحظر المؤقت على منح تأشيرات دخول للمواطنين اللبنانيين، وهو حظر نجم عن أنشطة وصفت بالتخريبية للحزب في الإمارات ودول خليجية أخرى، بالإضافة إلى دراسة إعادة فتح سفارتها في بيروت.

الخليج أونلاين

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: