ماذا يعني إعلان “شخص غير مرغوب فيه” دبلوماسياً؟

ماذا يعني إعلان “شخص غير مرغوب فيه” دبلوماسياً؟

البوصلة – يُعتبر مصطلح “شخص غير مرغوب فيه”، والأصل باللاتينية Persona Non Grata، عرفاً دبلوماسياً يعني أن الشخص أو الدبلوماسي الأجنبي أصبح محظوراً دخوله أو بقاؤه في الدولة التي تعتمده، عقوبة له على تصرفاته الشخصية حين يرتكب جريمة قانونية لا يمكن أن يعاقَب عليها بسبب حصانته الدبلوماسية.

كما تُعَدّ هذه الخطوة أحد أقوى أشكال الإدانة الدبلوماسية التي يمكن للدولة أن تتخذها، إما لتسجيل موقف سياسي معيَّن وإما للتعبير عن غضبها تجاه أشخاص أو دول أخرى تصرفت تصرفات غير مقبولة، حسب وصف الدولة المستضيفة.

وفي الوقت الذي تتنوع به أشكال الاحتجاج الدبلوماسي، من رسائل الاحتجاج مروراً باستدعاء السفراء للتشاور ووصولاً إلى خفض التمثيل الدبلوماسي، تُعتبر خطوة إعلان السفير “شخصاً غير مرغوب فية” الخطوة الأخيرة قبل قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين أو تخفيضها إلى أدنى المستويات.

اتفاقية فيينا

تُعتبر اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية بمثابة معاهدة دولية تحدّد الإجراءات والأُطر للعلاقات القنصلية بين الدول ذات السيادة، بجانب تقنينها عديداً من الممارسات القنصلية التي نشأت من أعراف الدولة والاتفاقيات الثنائية المختلفة بين الدول على مر الزمن.

كما توضح الاتفاقية الوظائف والحقوق والحصانات الممنوحة للموظفين القنصليين ومكاتبهم، وكذلك حقوق وواجبات “الدول المستقبلة” حيث مقر القنصل، و”الدول المرسلة” التي يمثّلها القنصل، فضلاً عن أمور أخرى مثل الحصانة الدبلوماسية وقطع العلاقات.

واعتُمدت المعاهدة في 24 أبريل/نيسان 1963 بعد مؤتمر الأمم المتحدة للعلاقات القنصلية في فيينا عاصمة النمسا، فيما دخلت حيز التنفيذ منذ عام 1967، وصدّقَت عليها 181 دولة.

وتحتوي المعاهدة على 79 مادة، بجانب ديباجة الاتفاقية التي تنصّ على أن القانون الدولي العرفي يستمرّ في التطبيق على الأمور التي لم تتناولها الاتفاقية.

كما تشمل المعاهدة أحكاماً هامة، أبرزها ما جاء في المادة 5 التي تسرد 13 وظيفة للقنصل، والمادة 23 التي تنصّ على أنه يجوز للدولة المضيفة في أي وقت ولأي سبب إعلان عضو معين من الموظفين القنصليين شخصاً غير مرغوب فيه، وأنه على الدولة المرسلة استدعاء هذا الشخص في غضون فترة زمنية معقولة، وإلا فقد يخسر هذا الشخص حصانته القنصلية.

كيف يُعلَن السفير شخصاً غير مرغوب فيه؟

تتنوع الأسباب التي تقود الدول إلى اتخاذ مثل هذه الخطوة، ما بين الإدلاء بتصريحات غير ودية، والتدخل في الشؤون الداخلية، والتجسس، وتنفيذ أعمال إجرامية، أو في حالة التدهور الحادّ في العلاقات بين البلدين، أو رداً على قرار مماثل اتخذته دولة ما بحقّ سفير الدولة.

وعملاً بالمادة 9 من اتفاقية فيينا التي تنصّ على اللوائح في العلاقات الدولية، والمادة 23 التي تنظّم الشؤون القنصلية، يحقّ لأي دولة بلا حاجة إلى تبرير قرارها، إعلان أي سفير على أراضيها “شخصاً غير مرغوب فيه”.

في أعقاب ذلك يُستدعى الشخصَ غير المرغوب فيه مرة أخرى بلدُه، إذا رفض الشخص مغادرة البلاد في غضون فترة زمنية معقولة، يحقّ للبلد المعنيّ عدم الاعتراف بالحصانة القنصلية لهذا المسؤول.

ويُعتبر إعلان “شخص غير مرغوب فيه” إجراءً نادراً جداً في الأعراف الدبلوماسية، لأن الدولة الأخرى ستتخذ أيضاً قراراً في نفس الاتجاه وفقاً لمبدأ المعاملة بالمثل المعرف باسم Tit for Tat.

أبرز أمثلة طرد الدبلوماسيين

– عام 2008 أعلن الرئيس البوليفي إيفو موراليس أن السفير الأمريكي فيليب غولدبرغ شخص غير مرغوب فيه، مدّعياً أن الإدارة الأمريكية كانت تتآمر ضده.

– عام 2011 أعلنت الولايات المتحدة أن سفير الإكوادور لديها لويس غاليغوس، الذي منح جوليان أسانج الذي كان رئيس الفريق الذي أعلن فضيحة ويكيليكس للعالم عام 2011، حق اللجوء، شخصاً غير مرغوب فيه، وطُلب منه مغادرة البلاد بسبب الموقف المتصلب للإدارة الإكوادورية.

– عام 2012 أعلنت دولة إسرائيل أن الكاتب الألماني غونتر غراس شخص غير مرغوب فيه بسبب قصائده التي تنتقد وتتهم إسرائيل بمعاملة الفلسطينيين بنفس طريقة النازيين مع اليهود.

– عام 2016 قررت الولايات المتحدة طرد 35 شخصية روسية غير مرغوب فيها لتدخُّل مزعوم في الانتخابات الرئاسية من خلال القرصنة.

– عام 2019 أعلنت فنزويلا أن السفير الألماني في كاراكاس دانيال كرينر، شخص غير مرغوب فيه على أساس أنه تدخل في الشؤون الداخلية للدولة.

– عام 2021 أعلنت موسكو طرد 20 دوبلوماسياً من السفارة التشيكية بعد أن اعتبرتهم “أشخاصاً غير مرغوب فيهم”، رداً على طرد التشيك 18 دبلوماسيّاً روسيّاً اتُّهموا بالضلوع في حادثة أسفرت عن قتل شخصين عام 2014.

من جانبها، أعلنت تركيا أن ثلاثة دبلوماسيين “أشخاص غير مرغوب فيهم” في السنوات الـ50 الماضية، هم السفير الليبي عام 1986، ووكيل السفارة السورية عام 1986، بالإضافة إلى السفير الإيراني عام 1989.

كما أعلنت تركيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 أن سفير مصر في أنقرة “شخص غير مرغوب فيه”، بعد أن أعلنت مصر أن السفير التركي بالقاهرة “شخص غير مرغوب فيه”، وخفضت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلى مستوى القائم بالأعمال.

TRT عربي

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: