ما دلالات إصرار السيسي على الحديث عن الرئيس مرسي مؤخرا؟

ما دلالات إصرار السيسي على الحديث عن الرئيس مرسي مؤخرا؟

يواصل رئيس النظام في مصر، عبد الفتاح السيسي، حديثه عن الرئيس الراحل محمد مرسي في مناسبات عدة وقريبة وسط تغير ملحوظ في خطابه؛ إذ ترحم عليه، وأكد أنه لم يتآمر عليه، وقال، إنه لم ينزع عنه صفته كرئيس ولم يصفه بالرئيس المعزول.

وخلال احتفالية أقامها صباح عيد الفطر، وحضرها ممثلو مسلسل “الاختيار 3” المثير للجدل عن فترة ما قبل الانقلاب العسكري منتصف 2013، زعم السيسي أنه كان “حريصا” على عدم وصف الرئيس الراحل محمد مرسي، بـ”الرئيس المعزول”.

 وأشار إلى أنه حرص على ذلك خلال إعلانه بيان الانقلاب 3 تموز/يوليو 2013، والذي عزل به مرسي وسيطر به على حكم البلاد، مضيفا: “كنا حريصين على أننا لا نسقط ولا يحدث تصادم خلال ثورة 30 يونيو وبيان 3 يوليو”.

والثلاثاء 26 نيسان/أبريل الماضي، دعا السيسي لإجراء حوار مع القوى السياسية “دون استثناء”، نافيا خيانته أو تآمره على الرئيس مرسي.

وفي تعليقه على ما جاء بمسلسل “الاختيار 3” خلال حفل “إفطار الأسرة المصرية” الذي شارك فيه معارضون للمرة الأولى، قال السيسي إن “ما جاء في مسلسل (الاختيار) حقيقي، ووثق تلك الفترة، ولم يكن هناك تآمر أو خيانة ضد الرئيس الراحل محمد مرسي”.

المثير بجانب دعوة السيسي للحوار واستقباله معارضين من التيار المدني أنه ترحم لأول مرة على الرئيس مرسي في موقف مثير للجدل والتكهنات بشأن هدفه من ذلك الأمر.

وقال السيسي إنه “وقف مع الرئيس مرسي رحمه الله على اعتبار أنه يقف مع مصر والشعب المصري، ولو تآمر عليه فكأنه تآمر على مصر ومستقبل وحياة 100 مليون مصري”.

توالي حديث السيسي عن الرئيس مرسي، يأتي بعد وفاة الأخير بنحو 3 سنوات، إذ توفي أول رئيس شرعي منتخب ديمقراطيا داخل قفص محاكمته بنوبة قلبية وفق تقرير السلطات المصرية في 17 تموز/يونيو 2019، بعد 6 سنوات قضاها في الحبس الانفرادي منذ أن عزله السيسي 3 يوليو/ تموز 2013.

تكرار ذكر السيسي لاسم الرئيس مرسي رغم وفاته منذ 3 سنوات، وتتابع الأمر خلال 6 أيام، وإصراره على ذلك أمام الإعلام وفي مناسبتين دينيتين مرتبطتين بصيام رمضان وعيد الفطر؛ جميعه يدفع للتساؤل عن أسباب ذلك التوجه.

كما أن تغير لهجة وخطاب السيسي وحديثه الحاني الرفيق عن الرئيس الراحل ولأول مرة بهذه الصورة يثير التساؤل عن احتمالات وجود شعور بالذنب لديه تجاه الرئيس مرسي، ويريد السيسي أن يتخلص منه، وفق مراقبين.

لكن وعلى الجانب الآخر، يرى البعض أن الأمر لا يعدو محاولة منه للفت الأنظار عن أزمات نظامه السياسية والاقتصادية والمالية التي ترصدها مؤسسات دولية عديدة، وأنه بذكر مرسي دائما يعيد الشعب لأزمة كانت قبل 9 سنوات ويستكمل ما بدأه “الاختيار 3” من أكاذيب وخداع ويؤكد عليها بنفسه.

ويعاني الاقتصاد المصري من هزة عنيفة منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية 24 شباط/فبراير الماضي، إلا أن إحدى أهم الشهادات الخطيرة أطلقها صندوق النقد الدولي قبل أيام.

وفي 20 نيسان/أبريل الماضي، أكدت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، أن الاقتصاد المصري في تدهور، وأن البلد بحاجة للاستقرار ماليا مع استكمال الإصلاحات، قائلة: إن “الصندوق كان لديه تجربة ناجحة مع مصر، لكن الآن ظروفها تزداد سوءا”.

“رسائل للخارج”

وفي تعليقه، قال السياسي المصري محمد سودان، إن “ذكر السيسي للشهيد الدكتور محمد مرسي، بهذا الأدب في الحديث عنه وهو الأمر غير المعهود وغير المتوقع منه؛ هو محاولة للمراوغة وتشويه للتاريخ”.

مسؤول لجنة العلاقات الخارجية بحزب “الحرية والعدالة” الحاكم سابقا (2012- 2013)، أضاف لـ”عربي21″: “خاصة أنه دون أن يقصد في الاختيار 3، أوضح أنه تآمر على الرئيس مرسي”، مبينا أن “هذه الكلمات المعسولة لم ينطق بها قط عن الرئيس منذ أن انقلب عليه”.

وأكد أن “السيسي، ظن بهذه الكلمات أنه سيبرئ نفسه أمام الرأي العام المصري والعالمي بكل جرائمه التي ارتكبها في حق الرئيس مرسي، أو في حق الشعب المصري قاطبة، ويحيل هذه الجرائم لغيره من العسكر أو الشرطة أو حتى القضاء”.

وتابع سودان: “لكن هيهات، فدائما السيسي يتخيل أنه يتحدث إلى شعب لا يعي ولا يفهم ولا يدري”، موضحا أن “الشعب المصري إلا المنتفعين لا يطيقونه ولا يصدقونه في أي كلام ووعود يقولها”.

وخلص السياسي المصري للقول إن السيسي بذكره الناعم لمرسي، “يرسل رسائل للخارج أنه شخص حنون رفيق بشعبه ولا يظلم منهم أحدا، وأن من يدعي وجود انتهاك لحقوق الإنسان بمصر لهي إشاعات وأكاذيب مغرضة وافتراءات على الرئيس الحنون على شعبه”.

“لفت الأنظار”

وفي رؤيته، قال السياسي والحقوقي المصري عمرو عبد الهادي، إن “السيسي لا يشعر بالذنب فالسيسي جرائمه التي ارتكبها هي جرائم مستمرة ولا تسقط بالتقادم، لأنها جرائم حرب”.

وفي حديثه لـ”عربي21″، أضاف: “ولكن السيسي، يعلم جيدا أنه محاصر من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، وتضرر جدا من تغيير إدارة بنيامين نتنياهو الأقوى في المنطقة، ويدرك أن نفتالي بينيت رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي الحالي لم يعد يستطيع مساعدته مثل نتنياهو”.

 وتابع: “كما أن المعونة الأمريكية لمصر المقررة من ٢٠٢١ لم يصرف منها نحو 150 مليون دولار، والمعونة المقررة عن ٢٠٢٢ لم يُصرف منها دولار واحد للآن”.

وأوضح عبد الهادي، أنه “لذلك يحاول السيسي لفت الأنظار عن أزماته الداخلية الطاحنة، كما أن مسلسل (الاختيار 3) فضحه فضيحة كبيرة لفشله، وهذا ظهر جليا من تصريحاته رغم محاولة الرأي العام تصدير أن المسلسل ناجح لكن بتصريحاته أثبت فشل المسلسل”.

وأكد أنه ولأن “المقصود من (الاختيار3) لم يصل إلى مبتغاه فإنه يحاول إحياءه بأي طريقة كانت، حتى يلفت نظر المصريين إليه ويلهيهم عن مشاكل قوت يومهم اليومية، كما أن تأخر قرض صندوق النقد والتصريحات السلبية للصندوق جعلته يفقد توازنه”.

“يكذب كما يتنفس”

وعن تأكيد السيسي أنه لم يذكر في بيان “3 يوليو” عزل الرئيس مرسي، أشار السياسي والحقوقي المصري أسامة رشدي، إلى أن الرئيس مرسي يشكل عقدة لدى السيسي.

وعبر “تويتر” قال: “الرجل غارس في لحظة خيانته، ولم يتمكن من تجاوز هلوساته وضلالاته، ويصر على احتكار الرواية والحقيقة عن علاقته بالرئيس مرسي وخيرت الشاطر”.

(عربي21)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: