ما دلالات نشر الهند لقوات بحرية في المنطقة؟

ما دلالات نشر الهند لقوات بحرية في المنطقة؟

ما دلالات نشر الهند لقوات بحرية في المنطقة؟

وسط تصاعد هجمات جماعة الحوثية اليمنية في البحر الأحمر وخليج عدن، دخلت الهند بشكل هادئ للمرة الأولى عسكرياً في المنطقة، في تطور يحمل دلالات هامة على مختلف الصعد.

ونشرت الهند قوات بحرية لمكافحة القرصنة بالقرب من البحر الأحمر وبحر العرب، في خطوة فسرت على أنها ضمن مساعيها لتعزيز حضورها على الساحة الدولية، ولتحقيق توازن مع البحرية الصينية.

ويرتبط بحر العرب بالبحر الأحمر من خلال خليج عدن عبر مضيق باب المندب، ويصل من جهة الشمال الغربي بدول الخليج العربي عبر خليج عمان، وهو ما يجعل انتشار القوات الهندية بهذا الحجم لافتاً بالنسبة لدول الخليج التي ترتبط بعلاقات وثيقة معها.

انتشار لافت

ويعتبر الانتشار الهندي العسكري هو الأكبر في تاريخ المنطقة، إذ بحسب مسؤولين هنود فإن لديها حالياً سفينتين حربيتين في خليج عدن، وما لا يقل عن 10 سفن في شمال وغرب بحر العرب، إلى جانب طائرات استطلاع.

كما نشرت الهند، في فبراير الماضي، ما لا يقل عن 12 سفينة حربية قرب البحر الأحمر لحماية الملاحة من القراصنة، وقامت بالتحقيق مع أكثر من 250 سفينة وزورقاً، وذلك بشكل منفصل عن قوة المهام التي تقودها الولايات المتحدة هناك.

ووفق وكالة “رويترز”، ساعدت البحرية الهندية أربع سفن على الأقل تعرض ثلاث منها لهجوم من المتمردين الحوثيين في اليمن.

وفي 26 يناير الماضي، ساعدت المدمرة الهندية المحملة بصواريخ موجهة “فيساخاباتنام” طاقم ناقلة ترفع علم جزر مارشال في مكافحة حريق على متنها بعد أن أُصيبت بصاروخ في خليج عدن.

وفي يناير أيضاً، استجابت المدمرة الهندية لنداء استغاثة من السفينة التجارية “جينكو بيكاردي” المملوكة للولايات المتحدة عقب هجوم بطائرة مسيرة في خليج عدن أيضاً.

صد أم استعراض!

وبحسب صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، فإن الانتشار الصيني في المنطقة بمعزل عن الدخول في التحالف الذي تقوده واشنطن هناك يأتي ضمن مساعيها منذ فترة طويلة إلى إظهار استقلالها عن تأثير القوى الكبرى في تعاملاتها في السياسة الخارجية.

مسؤولون أمريكيون اعتبروا، في تصريحات للصحيفة، أنه “رغم عدم انضمام الهند للولايات المتحدة بصفة رسمية، فإن عملياتها البحرية تعكس التعاون المتزايد معها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لمواجهة الصين”.

كما أوضحوا أنه “من شأن صفقة الهند المرتقبة مع الولايات المتحدة لشراء 31 طائرة بدون طيار من طراز (بريداتور)، نصفها مخصص للبحرية، والتي تبلغ قيمتها 3 مليارات دولار، أن تعمل على تعزيز قدرات الهند لمواجهة التوسع والنفوذ الصيني”.

وتساءلت الصحيفة عن دوافع نشر الهند لقوات بحرية، وما إذا كانت لصد هجمات الحوثي أم مجرد استعراض لنفوذها على اعتبار أنها تمتلك علاقات متميزة مع إيران الراعية للجماعة اليمنية المتمردة.

وتنقل الصحيفة عن الباحث في مؤسسة “أوبزرفر” للأبحاث، هارش بانت، قوله: إن “انضمام نيودلهي إلى تحالف تقوده الولايات المتحدة يعني النظر إلى الصراع من خلال منظور واشنطن التي ترى أن ما يحصل تحريض إيراني، وهو الأمر الذي قد لا تحبذه الهند”.

لكن المحلل العسكري إسماعيل أيوب يرى أن الهند “بدأت الآن البحث عن الفضاء الجيوسياسي، ولذلك نشرت قطعات عسكرية، سواء في بحر العرب أو بالمحيط الهندي أو الخليج العربي”.

وأوضح في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أن “لدى الهند أطماعاً وطموحات، ولديها فائض قوة، ولذلك فإن انخراطها مع الدول الغربية في نشر القوات العسكرية يشكل تحدياً لدول المنطقة”.

وسبق أن أكد وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جيشانكار، في فبراير الماضي، أن قدرة بلاده المتنامية ومصالحها وسمعتها تستدعي مساعدتها في المواقف الصعبة، مضيفاً أنها “لن تعتبر دولة مسؤولة عندما تحدث أشياء سيئة في الدول المحيطة بها وتتصرف وكأنها ليس لها علاقة بذلك”.

تعميق علاقاتها

وترتبط الهند بعلاقات وثيقة مع دول منطقة غرب آسيا، لا سيما الهند ودول الخليج العربي، من بوابة الاقتصاد بالدرجة الأولى، والذي كان مدخلاً حيوياً لإقامة علاقات عسكرية حيوية.

ومن أبرز أوجه التعاون العسكري الخليجي الهندي التمارين العسكرية المشتركة، وآخرها في أغسطس الماضي، حيث شاركت سفينتان من البحرية الهندية في التمرين “زايد تالوار” مع البحرية الإماراتية، وبثلاث سفن عسكرية في تمرين مع الكويت، في أكتوبر 2022، وفي أغسطس 2021، في تدريب مشترك مع السعودية قطر لتطوير وتبادل القدرات الخبرات.

ويشير المحلل العسكري والاستراتيجي علي الذهب إلى أن الشواغل الأمنية التي أحدثتها مليشيا الحوثي في البحر الأحمر وخليج عدن “حفزت نسبياً” الهند للتوسع عسكرياً في المنطقة.

وأوضح في حديثه لـ”الخليج أونلاين” أن تلك الهجمات “وفرت غطاء لمضاعفة التنافس والحضور العسكري البحري العائم والثابت في الجغرافيا المائية في المنطقة لكثير من الدول الكبرى والمتحالفة معها مثل الهند”.

لكنه في الوقت ذاته يرى أن التوسع الهندي “لم يكن وليد اللحظة؛ لأنه جاء مصاحباً للتوسع الصيني على المستويين التجاري والعسكري”، مشيراً إلى أنه “لوحظ هذا التنافس من خلال قيام الصين بالتعاون مع باكستان بتشغيل ميناء جوادر عام 2013، وتشغيل الطريق التجاري البري الذي يضمن تدفق سلاسل الإمداد من جوادر وحتى قلب الصين”.

ويلفت إلى أن “فتح سلطنة عُمان المجال للصين للاستثمار عبر منطقة الدقم، ساهم في مضاعفة الهند لقواتها في المنطقة المقابلة لليمن والخليج”، مضيفاً: “الأمر بدأ فعلياً منذ 3 سنوات من خلال الدعم الأمريكي البريطاني للهند حليفتهما كون الصين عدوة الدول الثلاث”.

وأضاف: “أي منافس للصين هو حليف للدولتين، ولذلك دعمتا الهند في كثير من قضايا التسليح النووي، والتوسع في النشاط التجاري نكاية بالصين أو لإضعاف موقفها”.

كما يشير إلى أن الهند “تنظر للمجال البحري غرب المحيط الهندي على أنه مجال حيوي لها، خصوصاً أن لدى الصين والهند قضايا شائكة سياسية على الحدود، وتنافساً جيو سياسياً مرتبطاً بقضايا الاقتصاد والأمن الصلب والتجارة الدولية والدور التاريخي لكل منهما في المنطقة”.

الخليج أونلاين

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: