متى يجب على الوكيل دفع قيمة البضاعة التالفة لأصحابها؟

متى يجب على الوكيل دفع قيمة البضاعة التالفة لأصحابها؟

رصد – البوصلة

أكدت دائرة الإفتاء في إجابتها على سؤالٍ موجهٍ لها حول الحكم الشرعي لمن توكل بتسليم بضائع معينةٍ في وقتٍ محددٍ، ولكنّه لم يستطع الوفاء بوكالته بسبب ظروفٍ خارجة عن إرادته مثل الزلزال وغيرها، الأمر الذي أدى لتلف هذه البضائع، وهل يجب عليه أن يقدم التعويض لأصحابها في هذه الحالة، أنّ “الوكيل أمينٌ لا يضمن إلا في حالة التعدي أو التقصير”.

وجاء في السؤال، بحسب ما رصدت “البوصلة“: أمتلك شركة لشحن البضائع من اسطنبول إلى عمان، وأشحن البضائع منذ سنوات وفق آلية معينة، حيث يتم استلام البضائع نيابة عن أصحابها ويتم تسليمها لشركة الملاحة التي بدورها تنقلها إلى الأردن، قمت بتسليم البضائع مؤخراً لشركة الشحن يوم 24/ 2، ومن المفترض شحنها يوم 28/ 2، لكن تأخر الشحن لغاية 2/ 6، والبضاعة في الميناء، ونتيجة للزلزال الذي حصل تلفت البضاعة، فهل عليّ الضمان؟

وكانت إجابة دائرة الإفتاء أنّ الأصل الشرعي أن الوكيل أمين لا يضمن إلا بالتعدي أو التقصير، فإن حصل منه تعدّ أو تقصير تصبح يده يد ضمان، فيضمن ما يحصل من ضرر؛ قال الإمام الشربيني الشافعي رحمه الله: “الوكيل -ولو بِجُعْل- أمينٌ فيما يقبضه لموكله، وفيما يصرفه من مال موكله عنه، ولا يضمن ما تلف في يده من مال موكله إلا بالتفريط في حقه، كسائر الأمناء” [الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع 2/ 321].

وأضافت الدائرة في إجابتها: وعليه؛ فإذا قامت كلٌّ من شركة الشحن وشركة الملاحة بكل الإجراءات وفق الأصول المتعارف عليها، ولم يحصل أي تقصير أو إهمال أو تأخر في تنفيذ ما هو مطلوب منها، وتلفت البضاعة بسبب الكوارث الطبيعية كالزلازل، فلا ضمان على أي طرف في هذه الحالة.

واستدركت الفتوى بالقول: أما إذا وقع أي تقصير من أي طرف من الأطراف المكلفة بشحن البضاعة ونقلها إلى أصحابها فيتحمل الطرف المقصر المسؤولية في هذه الحالة، ويضمن قيمة البضاعة لأصحابها، وتحديد مسؤولية أي طرف يتطلب تشكيل لجانٍ تدقق في الإجراءات التي تمت لشحن البضاعة حتى وقت تلفها. والله تعالى أعلم.

ما هو التعدي والتفريط؟

والوكيل لا يضمن إلا في حال التعدي، أو التفريط، والتعدي معناه فعل ما لا يجوز، والتفريط معناه ترك ما يجب.

قال ابن قدامة في الكافي: والوكيل أمين لا ضمان عليه فيما تلف تحت يده، بغير تفريط.

وقال الإمام النووي في باب الوديعة من روضة الطالبين: الحكم الثاني: أنها أمانة، فلا يضمن إلا عند التقصير، وأسباب التقصير تسعة….. ومنها: التضييع ـ وذكر له صورًا، منها: ‌ضيع ‌بالنسيان، ضمن على الأصح، ويؤيده نص الشافعي في عيون المسائل أنه لو أودعه إناء من قوارير، فأخذه المودع بيده، ليحرزه في منزله، فأصابه شيء من غير فعله فانكسر، لم يضمن، ولو أصابه بفعله مخطئا، أو عامدا قبل أن يصل إلى البيت، أو بعدما وصله، فهو ضامن، والخطأ، والنسيان يجريان مجرى واحدا؛ ولأنهم قالوا: لو انتفع بوديعة، ثم ادعى غلطا، وقال: ظننته ملكي، لا يصدق، مع أنه احتمال قريب، فدل على أن الغلط لا يدفع الضمان.

صفة يد الوكيل

وفي كتاب الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله، يذكر أنّ يد الوكيل على ما وكّل فيه يد أمانة، فلا يضمن إلا بالتعدِّي، حتى ولو كانت الوكالة بجُعْل، لأن الوكيل نائب عن الموكِّل في التصرّف فيما تحت يده، فكانت يده كيده، فكما ان المالك لا يضمن ما تلف في يده من ملكه فكذلك وكيله.

كما ورد فيه أيضًا أنّ الوكالة إرفاق وتعاون من الوكيل، والضمان ينافي ذلك وينفّر عنه، ويجعل الناس يمتنعون عنها، فيكون في ذلك حرج، فإذا تعدَى – كأن استعمل ما وكل ببيعه او شرائه، او ضاع منه ولم يدر كيف ضاع، او وضعه في مكان ثم نسيه، او خالف الموكل – فإنه يضمن في ذلك كله.

 (البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: