مجزرة الابراهيمي.. شاهد على الذراع “القذرة” لجيش الاحتلال

مجزرة الابراهيمي.. شاهد على الذراع “القذرة” لجيش الاحتلال

البوصلة – لم يكن سلاح جماعة المستوطنين التي ارتكبت مجزرة الحرم الإبراهيمي قبل 28 عامًا بمعزل عن المستوى السياسي الإسرائيلي، الذي يعتبره الذراع الأيمن في الفتك بالفلسطينيين وممتلكاتهم، بل كانت المجزرة منظمة بتخطيط وتسليح رسمي لهذه الجماعة.

المجزرة التي يُحيي الشعب الفلسطيني ذكراها هذا الأيام، ارتكبت بسلاح فتاك من نوع “رصاص دمدم” اخترق- إلى جانب القنابل- رؤوس المصلين ورقابهم وظهورهم.

وارتكبت مجزرة الحرم الإبراهيمي فجر يوم الجمعة الـ25 من فبراير/ شباط عام 1994 داخل الحرم بمدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، بزعامة المستوطن “باروخ غولدشتاين” الذي وقف خلف أحد أعمدة المسجد وانتظر حتى سجد المصلون وفتح نيران سلاحه الرشاش عليهم، وفي نفس الوقت ساعده آخرون في تعبئة الذخيرة.

واستشهد في المجزرة 29 مصلياً وجرح 15 أخرون، قبل أن ينقض مصلون على غولدشتاين ويقتلوه.

وتعكس المجزرة البشعة خطورة سلاح الجماعات الإرهابية، الذي عملت “إسرائيل” وما زالت على زيادته ودعمه في الضفة والقدس وأراضي الـ48، حتى وصلت هذه الجماعات اليوم إلى أشبه ما يكون بالجيش الرديف لجيش الاحتلال.

وفي عام 2015 قررت “إسرائيل” وبشكل رسمي السماح لمستوطنيها كافة داخل الضفة والقدس بحمل الأسلحة النارية ومنحهم الضوء الأخضر لقتل أي فلسطيني يوجد أمامهم بدمٍ بارد ودون أي عقاب أو مساءلة تحت ذريعة “الشبهات”.

وعلى أثر هذا القرار ازداد عدد المستوطنين المسلحين منهم، ثم أعقبه “تعديل قانون الحصول على سلاح” عام 2018، والذي نص على تخفيض قيود الحصول على سلاح للمستوطنين، وهو ما بسببه أصبح أكثر من 145 ألف مستوطن يعيثون جرائمًا في أراضي الـ48، حسبما يقول الخبير العسكري اللواء المتقاعد يوسف الشرقاوي.

مكمل لسلاح الجيش

ويضيف الشرقاوي، في حديث لوكالة “صفا”، أنه بالرغم من أن جماعات المستوطنين هي ميليشيات في نظر القانون، إلا أن السلاح الذي يحملونه سلاح رسمي إسرائيلي، و”إسرائيل” لا تعتبره فوق القانون.

ويصف سلاح المستوطنين بأنه “مكمل لسلاح الجيش”، وخطورته تكمن في أنه أصبح يهدد الحياة اليومية للفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 67، خاصة وأن هؤلاء المستوطنين مصرح لهم بأن يختلقوا أي حادثة لكي يطلقوا النار على أي فلسطيني ويرتكبوا أي جريمة بأسلحتهم.

ويشير الشرقاوي إلى أن المستوطنين كانوا قبل عام 48 منظمات إرهابية وحّدها “بن غوريون” في الجيش الإسرائيلي، وأصبحت اليوم هذه الجماعات بتسميتها المعروفة.

لذلك فهي “امتداد للجيش الإسرائيلي وليست بمعزل عنه، بل إن نوعية سلاحها هو نفس النوعية التي يحملها الجيش، وأصبح اليوم يستخدمه الطرفان في الإعدامات الميدانية بحق الشعب الفلسطيني”، وفق الخبير العسكري.

وكان يوجد في الضفة الغربية قبل عام 2018 أكثر من 145 ألف إسرائيلي يحوزون تصاريح لحمل السلاح، وهي لا تشمل الجنود وضباط الشرطة وغيرهم ممن يحملون الأسلحة النارية أثناء العمل.

ومنذ قوانين “تسهيل ترخيص السلاح” (بعد 2018) ارتفع عدد المستوطنين الذين يحملون السلاح في المستوطنات والبؤر الاستيطانية إلى نحو 200 ألف مستوطن، حسب إحصائية لمركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني.

تستر من القانون الدولي

ويحذر الخبير العسكري واصف عريقات، في حديث لوكالة “صفا”، من أن سلاح المستوطنين اليوم “أصبح مع كثرته سلاحًا منفلتًا من عقاله أكثر من أي وقت مضى، ولا يضبطه ضابط”.

ويقول: “إسرائيل تستطيع أن تتحرر من القانون الدولي وتتستر من خلال سلاح المستوطنين، إذ يمكن أن تزعم في أي محاكمة على جرائمهم أنهم مدنيون وليسوا عسكريين رسميين في جيشها”.

لكن عريقات يؤكد أن “الحقيقة هي أن هذه الميليشيات امتداد للجيش الإسرائيلي لكن بلباس مدني، في وقت يُمنع فيه الفلسطينيون من حمل سكين فواكه ويُتهمون بتنفيذ عملية إرهابية”.

و”يحمل المستوطنون اليوم أحدث أنواع الرشاشات التي سبق وأن استخدمت ضد الفلسطينيين سواء في مجزرة الحرم الإبراهيمي أو في الطرقات أو الاعتداءات على الممتلكات والبيوت”، كما يؤكد عريقات.

ويحذر من أن “الأوضاع اليوم، مع تصاعد جرائم المستوطنين بسبب تراخيص أسلحتهم وزيادة عدد حامليها، هي الأسوأ والأخطر والأصعب على الشعب الفلسطيني”.

خطر قديم والقادم أخطر

ولا يتوقف الأمر عند حد تعبئة هؤلاء المستوطنين بالسلاح وإنما “بالكراهية والحقد والعنصرية تجاه الفلسطينيين”، وهو ما يجعل استخدام هذا السلاح سهلًا، كما يقول المختص بشأن الاستيطان عبد الهادي حنتش.

ويضيف لوكالة “صفا”، أن “سلاح المستوطنين خطر قديم لكنه متصاعد ومتطور، وصل إلى حد أن تصبح دوريات جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين مشتركة في اقتحام منازل الفلسطينيين وارتكاب الجرائم والإعدامات، وهذا ما تشهده الضفة والقدس اليوم”.

ويؤكد حنتش وجود “قاسم مشترك بين الجيش والمستوطنين، فاقتحاماتهم موفر لها الحماية الكاملة في كل أماكن تواجدهم، بل إن جيش الاحتلال يعرف هويات كل فرد بهذه العصابات سواء ما تسمى تدفيع الثمن أو شبيبة التلال أو غيرها من العصابات المنتشرة”.

وتشمل جرائم المستوطنين المسلحين معظم مدن الضفة الغربية والقدس وأراضي الـ48، إلا أنها تتركز أكثر في البلدة القديمة بالخليل وحوارة وفي نابلس ورام الله والقدس، كما يوضح حنتش.

ويتابع “الخليل أكثر المدن تواجدًا للمستوطنين، وتاريخ مجزرة الحرم الإبراهيمي يعيد نفسه اليوم، فنحن أمام اقتحام مساجد وبيوت وجرائم في الطرقات ووسائل المواصلات”.

ووفق المختص بشأن الاستيطان فإن “التاريخ اليوم يعيد نفسه بذات النهج والأسلوب في الجرائم، لكن بوتيرة أشد وبعدد أكبر، خاصة وأننا أمام واقع لا تخلو فيه منطقة من وجود مستوطنين”.

ويحذر من أن المستوى القضائي أيضًا شريك في جرائم المستوطنين عبر إغلاق ملفات جرائمهم ضد الفلسطينيين تحت بند فاعل مجهول، ما يعطي ضوء أخضر لارتكاب المزيد من الجرائم.

صفا

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: