مستشارة تربوية لـ “البوصلة”: علينا الاعتذار للغة العربية بيومها العالمي وإعادتها لمكانتها

مستشارة تربوية لـ “البوصلة”: علينا الاعتذار للغة العربية بيومها العالمي وإعادتها لمكانتها

عمّان – رائد صبيح

قالت المستشارة التربوية بشرى عربيات في تصريحاتها لـ “البوصلة” إنّ علينا الاعتذار للغة العربية بيومها العالمي بسبب “عقوق أبنائها”، معبرة عن أسفها الشديد من أنّ الاحتفال باللغة العربية في الثامن عشر من شهر كانون الأول في كل عام ما هو إلا ضغطٌ على جرحٍ ينزف، ويتسع ويمكن أن لا يلتئم”.

وأضافت عربيات بالقول:  يصادف الثامن عشر من شهر كانون الأول في كل عام، اليوم العالمي للغة العربية، وإنني أتساءل لماذا؟ لماذا يكون هناك يوماً عالمياً للغتنا العربية؟ تُرى هل بلغ عقوق أبناء اللغة العربية إلى درجة أن يتم التذكير بها مرةً واحدةً في العام؟! تماماً كما هو يوم الأم في الحادي والعشرين من آذار!! هل بلغ عقوق الأبناء إلى درجةٍ لا يتذكروا أمهاتهم فيها سوى في هذا اليوم؟! فإذا كان هذا هو الوضع فعلياً فهذه مصيبة كبرى!

وأوضحت: “إذا قمنا بعقد مقارنة اللغة العربية مع اللغات الأخرى – بمختلف أنواعها – لا نجد أن هناك يوماً للإحتفال بلغاتٍ أخرى، فلماذا اللغة العربية؟ أرى أن الإجابة الوحيدة والمقنعة، تكمن في ابتعاد أبناءها عن تعلُّم اللغة كما يجب أن يكون، فجاء هذا اليوم معذرةً من اللغة العربية، لكنه عذرٌ غير مقبول!”.

المستشارة بشرى عربيات: علينا إعادة النظر في منظومة التعليم والسلوك والتربية لأن اللغة جزء لا يتجزأ من هوية الإنسان

وتابعت المستشارة التربوية بالقول: منذ سنواتٍ عديدة وليست بالبعيدة، تمَّ تغريب الطلبة في كثيرٍ من المدارس، وعبر كثيرٍ من البرامج، وداخل الأسرة أيضاً، حيثُ انتشرت فكرة – التحضُّر – من خلال التحدث باللغة الإنجليزية مع الأطفال في البيوت، والمدرسة، وكأنَّ اللغة العربية وصمة عار وتخلُّف!.

وأضافت بالقول: إنّ هذه الفكرة سادت في المجتمع لترى كثيراً من الطلبة لا يستطيعون القراءة والكتابة وهم في مراحل دراسية متقدمة، والأسباب معروفة بدءاً من البيت، حيثُ ترى أولياء الأمور يتباهون بقدرة أبنائهم من التحدث باللغة الإنجليزية بدلاً من العربية، مروراً بالمدارس التي أهملت – بكل ما تعني الكلمة من معنى – تدريس اللغة العربية، حتى إنَّ بعض المدارس لا تقوم بتدريس كتب اللغة العربية المقررة من وزارة التربية والتعليم، بحجة تدريس البرامج الأجنبية، مع العلم بوجود مناهج  لغة عربية خاصة بهذه البرامج – تضعها المدرسة –  تُرهق الطلبة بسبب درجة الصعوبة وعدم الفهم.

وتساءلت، كيف يمكن للطالب أن يفهم ما يقرأ – هذا إن تمكَّنَ من القراءة أصلاً – وهو لم يتدرب منذ الطفولة على التعامل مع اللغة العربية قراءةً وكتابةً !! انتهاءً بما يصدر عن وزارة التربية من تصريحات تشيرُ إلى وجود ضعف كبير في أداء الطلبة في مباحث اللغة العربية والرياضيات بعد جائحة كورونا، وكأنه لم يكن هناك ضعف قبل ذلك!!، وهنا يجدر القول أن فهم أسئلة الرياضيات يحتاج إلى فهم وتمكُّن في اللغة العربية، ذلك لأن فهم السؤال هو جزء كبير من المقدرة على الحل

وقالت عربيات: لستً متخصصة باللغة العربية، لكني أتفاجأ عندما تكتبُ معلمة اللغة العربية في إحدى المدارس تعليقاً على ورقة امتحان أحد الطلبة تقول فيه ( يكتبُ بلغةٍ عاميَّة ) !!! وهذه هي المرة الأولى التي أسمع فيها بوجود ” لغةٍ عاميَّة “!! وفي المقابل يكتب أحد معلمي التربية الإسلامية في إحدى المدارس ملاحظة للبحث عن ( خصائص وصفات أحد الصحابة ) !!! إذ كما تعلمنا أن الخصائص تُذكر للتعبير عن عناصر كيميائية مثلاً أو خصائص الماء، وغيرها، لكن لا يمكن أن نطلب من الطلبة البحث عن خصائص شخص!! تُرى ما هي خصائص هذا الأستاذ؟؟!!

“أضف إلى ذلك، الضعف الواضح في الإملاء والكتابة باللغة العربية، فترى خطوطاً مضطربة وتعبيرات مشوَّهة بين كثير من أبنائنا الطلبة في مراحل دراسية متقدمة، وعلى أبواب التخرج من المدرسة، أليس هذا يشيرُ إلى ضعف واضح في تدريس اللغة العربية؟ إنه كذلك فعلاً، ناهيك عن كثرة أعداد فريق تأليف كتب اللغة العربية لمختلف المراحل، والنتيجة كتيِّبات مختزلة يتم بثها وتدريسها – بل تدريس جزءاً منها لعدم إلتزام كثير من المدارس والمعلمين بالمنهاج -، أرى أن عدد المؤلفين لا يعمل على زيادة النفع والفائدة من هذه الكتب، بل هي عملية تنفيع لأشخاص يُقال أنهم مؤلفين!”، على حد وصفها.

وتحدثت عربيات لـ “البوصلة” عن فكرة برنامج إذاعي حملَ عنوان: ” العربيَّة، بين الأسرةِ والمدرسة” قبل سنوات، وعند بدء التحضير في تسجيل عددٍ من الحلقات مع معلمين ومعلمات ومشرفين وأولياء أمور، لم ير هذا البرنامج النور بسبب الضعف الواضح بين فئة المعلمين والمشرفين الذين شاركوا آنذاك.

واستدركت بالقول: للأسف كثيرةٌ هي الأخطاء اللغوية الصادرة عنهم بعد ما لا يقل عن سبعة عشرة عاماً في تدريس اللغة العربية، وهذا يشير إلى أن هذه الفئة مسؤولة بشكلٍ أو بآخر عن الضعف اللغوي بين أبناء هذا الجيل!

وشددت عربيات قائلة: لستُ ضد تعليم وتعلُّم لغات مختلفة، لكن يجب أن لا يكون ذلك على حساب اللغة العربية، لذلك علينا إعادة النظر في منظومة التعليم والسلوك والتربية، لأن اللغة هي جزء لا يتجزأ من هوية الإنسان!

وفي ختام حديثها لـ “البوصلة” قالت عربيات: خلاصة الأمر، أودُّ أن أعتذر للغتي العربية بسبب عقوق أبنائها، وأقولُ لكل من يحتفل بهذا اليوم أنَّ هذا مجرد ضغط على جرحٍ ينزف منذ سنوات، وهذا الضغط سوف يزيد من إتساع الجرح، ولن يلتئم!! لكن ما يثلجُ الصدر أن اللغة العربية ستبقى اللغة التي تتصدر على جميع اللغات العالمية، ذلكً لأنها لغة القرآن الكريم، فلعلَّ هناك من يدرك ذلك!

يذكر أن وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي، عزمي محافظة، كشف في تصريحاتٍ صحفية سابقة أنّ هناك “دراستين توصلتا إلى أن هناك ضعف كبير بأداء الطلبة في مادتي اللغة العربية والرياضيات تفاقمت بعد جائحة كورونا”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: