مصلحة بايدن ونتنياهو بمواصلة الإبادة بغزة.. “مباحثات الهدنة” شراءٌ للوقت

مصلحة بايدن ونتنياهو بمواصلة الإبادة بغزة.. “مباحثات الهدنة” شراءٌ للوقت

عمّان – البوصلة

مع مرور ما يزيد من 150 يومًا على العدوان المتواصل على قطاع غزة، تتوجه الأنظار للمباحثات الجارية في القاهرة بين الوسطاء والفلسطينيين للوصول إلى صفقة قبيل شهر رمضان، فيما يغيب الطرف الصهيوني عن هذه المباحثات في سبيل فرض مزيد من الضغوط ليحصل نتنياهو “المتعنّت” على أكبر قدر ممّا يريد وبأقل ثمن ممكن، الامر المرفوض جملة وتفصيلاً من غزة وأهلها، فيما يواصل “بايدن” من جهة ونتنياهو من جهة أخرى السعي برفع فاتورة الدم الفلسطيني وصولاً لمصالحهما الشخصية في  الانتخابات الأمريكية وتثبيت حكومة الحرب الصهيونية وتماسكها، وإن كانت بعض التصريحات الأمريكية هنا وهناك تظهر بعكس ذلك لكن التجارب أثبتت أنّ الإدارة الأمريكية تمنح العدوان على غزة ضوءًا أخضر وشيكًا مفتوحًا من الدعم حتى آخر رمق لتحقيق أهدافها المزعومة.

بايدن والأهداف الشخصية

من جانبه يرى الكاتب عبدالله المجالي أنّ الصفقة التي يسعى إليها جاهدا الرئيس الأمريكي جو بايدن تهدف لتحقيق مصالح شخصية بالدرجة الأولى.

ويلفت في مقالته بصحيفة السبيل إلى أنّ بايدن بدأ يشعر “بالحامي” بعد الإنذار الذي وجهته له ولاية ميشغان في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، ونتائج استطلاعات الرأي التي تشكل له كابوسا، حيث تشير معظمها إلى تقدم ترامب عليه بفارق واضح.

ولفت إلى أنّ فوز بايدن السابق على ترامب كان فوزا بهامش بسيط، ولعبت الولايات المتأرجحة دورا في فوزه وعلى رأسها ميشغان.

وينوه المجالي إلى أنّ 16 بالمئة من المصوتين في ميشغان، غالبيتهم عرب ومسلمون، صوتوا بأنهم غير ملتزمين بانتخاب بايدن في الانتخابات الرئاسية القادمة في تشرين الثاني المقبل حتى لو فاز بترشيح الحزب الديمقراطي، وهو تحصيل حاصل.

ويلفت إلى أنّ الكرة تتدحرج فقد أعلنت منظمة “الاشتراكيون الديمقراطيون الأمريكيون” أكبر منظمة يسارية أمريكية أنها غير ملتزمة بانتخاب بايدن.

الصوت العربي الإسلامي

ويتابع المجالي بالقول: إنّ الصوت العربي والإسلامي واليساري يريد من بايدن وقف دعمه اللامحدود للكيان في حربه ضد قطاع غزة، ويريد منه دعم وقف فوري ودائم لإطلاق النار، ووقف تسليح الكيان وإيقاع عقوبات عليه ورفع الغطاء الدبلوماسي عنه في مجلس الأمن.

وينوه إلى أنّه حتى هذه اللحظة يصر بايدن على الاستمرار في سياسته الصهيونية القائمة على الدعم اللامحدود للكيان، وحمايته في مجلس الأمن، لكنه يريد المناورة من خلال هدنة مؤقتة تشمل شهر رمضان المبارك، وتشمل إدخال كميات معقولة من المساعدات مقابل إطلاق الأسرى الصهاينة.

ويشدد المجالي على أنّ الصفقة الأمريكية لا تلبي المطالب الفلسطينية، وللمفارقة فهي لا تلبي مطالب نتنياهو كذلك! لكن بايدن يمارس ضغطا دبلوماسيا هائلًا على كلا الطرفين، بشكل مباشر على نتنياهو، وغير مباشر على المقاومة من خلال الوسيطين قطر ومصر.

وينوه إلى أنّ إدارة بايدن أن الهدنة المؤقتة وقدرها ستة أسابيع يمكن أن تفضي إلى وقف إطلاق نار دائم، وهو ما تسعى إليه المقاومة، لكن لا يوجد في كراسة الصفقة ما يؤكد ذلك، وتبقى تلك من قبيل الوعود الشفوية غير الملزمة، والمقاومة لا تشتري سمكاً بالبحر كما اعتاد شراءَه العرب من الأمريكان والصهاينة!

ويقول المجالي: إنّ بايدن يريد الظهور بمظهر الزعيم العالمي القادر على إيقاف هدير المدافع في غزة، وغوث ومساعدة أهالي غزة الجائعين المحاصرين، وهذا سيساعده كثيرا في تحسين صورته لدى الرأي العام الأمريكي المناصر لقضية فلسطين الآخذ بالاتساع والتمدد، لكنه في ذات الوقت يخشى اللوبيات الصهيونية القوية جدا؛ فالكونغرس بشقيه يقف مع نتنياهو وسياساته، ناهيك عن موقف الحزب الجمهوري المنافس.

ويعيد التأكد على أن المطلب الفلسطيني الرئيسي هو وقف دائم لإطلاق النار، وهي تعلم أن المناورة الأمريكية تأتي لسحب ورقة الأسرى من يد المقاومة، وبعدها يمكن لواشنطن إطلاق يد الكيان مرة أخرى لتنفيذ أجندته الرامية لسحق غزة وتهجير أهلها، وهذه المرة دون وجود أي ضغوط داخلية على نتنياهو، بل على العكس.

ويخلص المجالي للقول: للأسف يستغل بايدن الحصار الخانق وسلاح التجويع الذي يستخدمه الكيان ضد الشعب الفلسطيني في غزة لتمرير صفقته، لكن المقاومة تصر على أن “ما لم يستطع العدو أخذه في الميدان لن يأخذه في دهاليز السياسة”.

ضغوط أمريكية لشراء الوقت

من جانبه يقرأ المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات ردود الفعل الأمريكية والإسرائيلية حول مباحثات الهدنة بأنّها مجرد سيعي لشراء الوقت الذي لن يكون لمصلحة الفلسطينيين.

ويقول الحوارات في مقالته بصحيفة الغد: نحن امام شبكة متناهية التعقيد من العقبات وفي أكثر من اتجاه، يبتدئ حلها بالضغط على دولة الاحتلال للإذعان والقبول  بحل عادل وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بواسطة  الولايات المتحدة الأميركية وهذه لم تفعل هذا في أوقات الرخاء فكيف بها الآن ورئيسها يواجه أصعب انتخابات مع خصم عنيد وقوي، ويعتبر دعم إسرائيل هو أهم ملامح قوته.

ويستدرك: طبعاً سيرد بايدن بالمثل ويتمسك أكثر وأكثر بدعم إسرائيل والتنصل من أي محاولة للضغط عليها، بالتالي يبدو من الواضح  أن كل ما يحدث الآن ليس سوى محاولات لشراء الوقت كل لغايته وبالتأكيد ليس لمصلحة الفلسطينيين، وفي الأثناء تبقى ماهية اليوم التالي للعدوان على غزة غائمة وضبابية سياسياً وأمنياً، لكن من المؤكد ان هذا اليوم سيكون محملاً بكم لا يحصى من قصص الآلم و فجيعة الفقد ووجع التشرد ومعاناته  تحركها  أكوام  الأسمنت والأتربة المكدسة والتي قضى أولئك تحت ركامها، لا شك سيكون مشهداً مؤلماً بلا حدود.

مساعي نتنياهو للتفرد ومواصلة الإبادة

وفي تقدير موقف للمركز العربي للدراسات والأبحاث خلص إلى أنّه وبعد هذه الشهور من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزّة، يجد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، نفسه في وضع يمكّنه من الاستغناء عن حكومة الطوارئ والتفرّد بالسيطرة على عملية صنع القرارات المتعلقة باستراتيجية الحرب على غزّة وعلى رسم سياسات إسرائيل عموماً.

 ويتابع أنه وفي سياق سعيه إلى الحفاظ على حكمه، يتّجه إلى اتخاذ مواقف أكثر انسجاماً مع مواقف اليمين المتطرّف واليمين الفاشي في معسكره.

ويؤكد أن نتنياهو يستند في ذلك ليس فقط إلى انزياح المجتمع الإسرائيلي في قيمه ومواقفه نحو اليمين واليمين المتطرّف، وإنما أيضاً إلى ثقته بأن الإدارة الأميركية لن تتخذ، مع انطلاق موسم الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، أيّ إجراءات للحدّ من توجّهاته العدوانية والمتطرّفة، كما يستند إلى مواقف الدول العربية التي لم يتخذ أكثرها أي إجراء جدّي ضد إسرائيل، بل استمرّت في علاقاتها العلنية والسرّية معها، كأنها لا تشنّ حربٍ إبادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: