معاناة النازحين من رفح .. مسافات طويلة نحو المجهول

معاناة النازحين من رفح .. مسافات طويلة نحو المجهول

بين عشية وضحاها تحولت الأحياء الشرقية من مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، لمدينة أشباح بالكاد يقطنها آلاف الأشخاص، وذلك بعد أن قرر جيش الاحتلال اجتياح المنطقة، غير مكترث بكل التحذيرات الدولية التي حذرته من عواقب أي عمل عسكري في المدينة.

ولليوم الرابع على التوالي يواصل جيش الاحتلال عمليته العسكرية في مدينة رفح، حيث تقود الفرقة 162 وقوات من اللواء 401، عملية عسكرية في الأحياء الشرقية والجنوبية للمدينة، ما أجبر مئات آلاف النازحين على مغادرة المدينة والنزوح غرب المدينة وشمالها هربا من الموت.

معاناة النزوح

تمتلئ المناطق الغربية من مدينة رفح وخانيونس بمئات آلاف النازحين، بعضهم اضطر للمشي عشرات الكيلو مترات من المناطق الشرقية والجنوبية لرفح، نظرا لعدم وجود مركبات تنقلهم للأماكن الغربية من المدينة، بسبب استهداف الاحتلال لأي جسم متحرك في المدينة.

تقول السيدة أم مصطفى الهمص (42 عاما) “أسكن في منطقة الشوكة في الأحياء الشرقية لرفح، وبدون سابق إنذار بدأ الجيش صباح الاثنين قصفا مكثفا بسلاح المدفعية تبعه إطلاق منشورات تطالبنا بإخلاء المربعات، ولم نستطع أن نحمل أشياءنا، نظرا لكثافة القصف”.

وتضيف في حديث لـ”قدس برس”، “سلكنا طرق التفافية لتجاوز القصف العشوائي، وكان مسار الطريق الذهاب بمحاذاة الحدود الجنوبية مع مصر، ثم توجهنا شمالا نحو مواصي خان يونس ودير البلح، وتفاجأنا بأن المناطق التي أمرنا الجيش بالتوجه لها لا تضم أي مخيمات، وها نحن نقطن في العراء”.

مسار الطريق الواصل بين رفح وباقي مدن القطاع المسمى بطريق الساحل يعج بمئات آلاف النازحين، يمشون مسافات طويلة سيرا على الأقدام، وصولا لمدن خانيونس ودير البلح ومخيمات وسط القطاع كالنصيرات والبريج والمغازي.

يسير النازحون في طريق طويل لمسافات تزيد عن 20 كيلو مترا، لا يعرفون أي طريق يسلكون، بعض النازحين حالفه الحظ في إيجاد قطعة أرض صغيرة أقام عليها خيمته، وبعضهم جاء متأخرا فوجد المنطقة ممتلئة.

أحمد التتري النازح من حي الزيتون بغزة يقول لـ”قدس برس”، “هذه رحلة نزوحي الخامسة، نزحت من غزة في الأسبوع الأول من الحرب، ثم توجهت لمشفى الشفاء غرب المدينة، وأثناء حصاره توجهت لخانيونس في مخيمات الهلال الأحمر وبعد حصار المدينة نزحنا لرفح وها نحن نغادرها مكسورين نحو دير البلح بعد أن فقدنا كل شيء في هذه الحرب”.

يعيل أحمد 6 من الأبناء وزوجته، يشير لخيمته المهترئة التي تحاملت معه عناء الطقس وظروفه القاسية في غزة خلال الأشهر الثمانية الأخيرة، “لا أعلم كم ستصمد معي هذه الخيمة، فقد بدا عليها علامات الاهتراء من تكرار نقلها من مدينة لأخرى، في ظل تقاعس الجهات الدولية وتحديدا (الأونروا) في توفير مخيمات لاستيعاب مئات آلاف النازحون الجدد”.

الادعاء الكاذب بتجهيز المنطقة الآمنة

ادعى جيش الاحتلال زيفا، أنه أقام مخيمات جديدة للنازحين من مناطق رفح في غرب المدينة وشمالها مع حدود خان يونس، إلا أن الحقيقة التي رصدتها “قدس برس” أن المخيمات التي تحدث عنها الاحتلال هي بضع مئات من الخيام تم تجهيزها بالقرب من جامعة الأقصى وحتى منطقة العطار غرب مدينة خان يونس، وهي لا تتسع في أحسن الأحوال لـ10 آلاف نازح فقط.

يقول أحد العاملين في لجان الطوارئ برفح لـ”قدس برس”، إن “عملية إجلاء المواطنين من رفح معقدة للغاية، فنصف عدد سكان القطاع متواجدون في مساحة لا تزيد عن 10 كيلو متر مربع فقط، وتجهيز مخيمات لاستيعاب 1.4 مليون نسمة تحتاج لأشهر، كما أن الاحتلال لم يبادر بإدخال أي خيم أو تجهيز مخيمات جديدة في المنطقة الآمنة كما أدعى كذبا”.

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح الثلاثاء، بدء عملية عسكرية في رفح زعم أنها “محدودة النطاق”، وتوجيه تحذيرات إلى 100 ألف فلسطيني بإخلاء شرق المدينة قسرا والتوجه إلى منطقة المواصي جنوب غرب القطاع.

وبالتزامن مع ذلك، بدأت طائرات الاحتلال الحربية بشن غارات على المناطق الشرقية لمدينة رفح، وسط قصف مدفعي عشوائي، استهدف عددا من المنازل، وأسفر عن شهداء وإصابات، لم تستطع الطواقم الطبية الوصول إليها بسبب كثافة قصف الاحتلال.

ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أميركية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.

وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى ارتقاء 34 ألفا و904 شهيدا، وإصابة 78 ألفا و514 آخرين، إلى جانب نزوح نحو 1.7 مليون شخص من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: