د.أحمد داود شحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

معركة الإعلام وواقع الأمة

د.أحمد داود شحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

ما زال الإعلام العسكري لكتائب القسام يأخذ اللّبّ ويثير الإعجاب حتى لدى العدو الذي بات يرصد هذا الإعلام سواء كان الراصد جهة عسكرية يهمها أن تحيط بما عند خصمها أو عامة شعب الصهاينة الذين يثقون بما يصرح به أبو عبيدة أكثر من ثقتهم بما يتلقون من إعلامهم ونخبهم السياسية الكاذبين جميعا.

والإعلام اليوم جندي خطير في المعركة،فهو باعث الحرب النفسية ضد الخصم،وهو الذي يوجه الرأي العام الداخلي. وما نشهده من استحداث وظيفة الناطق الرسمي باسم رئيس أو حكومة أو وزير دفاع لم يكن في قديم السياسة العالمية،وقد عُنِيت به الدول وهي تخوض في الإعلام منافسات يحاول أطرافها السبق في التأثير على المتلقين بكسب معركة الوعي وصناعة التأثير في اللاوعي التراكمي أكثر من الحرص على التأثير الآني،أذكر في هذا السياق إذاعة لندن التي كانت قِبلة جماهير العرب في القرن العشرين،يوم كانت الإذاعات العربية الثورية تكذب كلما تنفس مذيعها، وكانت وقتها إذاعة لندن تشكل متنفسا للعربي وهي تضع بعض الأخبار الصحيحة على واجهة نشراتها الإخبارية ثم تخلط السم بالدسم وتقدم الخليط في وجبات برامجية أو إخبارية ليلية نهارية مستمرة،فانتزعت ثقةً وجّهتْها توجيها ثقافيا وتعبويا شكّل شخصية العربي الذي صار مقياس صدق الخبر عنده أن يَصدُر من جهة أجنبية في انجلترا أو فرنسا أو سواهما.

ولقد ظل الإعلام العربي يراوح مكانه وهو يصدّر نشراته بأخبار الزعيم الأوحد وسياسته الراشدة وتحركاته واستقبالاته وأسفاره،كما تزخر تحليلات الصحف الرسمية التي تنقلها وسائل الإعلام المسموعة والمرئية بالعبارات التي تجلّي عظمة الزعيم الأوحد وحكمته السياسية وعلاقاته الدولية التي لولاها لمات الشعب. وظل الأمر على هذه الرتابة التي كانت تنفّر المتابع العربي وتسلمه إلى وسائل إعلام معادية مسمومة ليسمع الخبر الذي يشبع فضوله أو يروي ظمأه للحقيقة التي يبحث عنها،وما هو بذلك إلا هارب من تدليس محلي إلى كذب دولي أوسع أفقا وأبعد مدى وأخطر أثرا على المدى المتوسط والبعيد.

ولقد أحدث انبعاث قناة الجزيرة ثورة إعلامية كبرى بعد منتصف التسعينيات،جلبت بعض المنافسات المحصورة،وكان لها في الشارع العربي صدى مدَوٍّ، واستطاعت أن تكوّن مصداقية أحرجت الأنظمة العربية وإعلامها،وفضحت كثيرا من ممارسة الصهاينة على أرض فلسطين وخارجها،ولم يشفع لها ما كان يؤذينا ويستفزنا من استضافتها لخنازير الصهاينة على شاشتها، فقد آل أمرها في اليومين الأخيرين إلى قرار صهيوني بإغلاق مكاتبها في فلسطين كلها ومصادرة أجهزتها وممتلكاتها،ولسنا بصدد تقويم تجربة الجزيرة التي نأخذ منها وندَع،ونوافق على بعض توجهاتها ونخالف بعضها، فهذا يستحق مقالات لا مقالا واحدا.

والمفارقة “اللغز” التي يبحث المنصف عن سرّها أن يقوم العرب بإغلاق شاشة عربية مسلمة لها مصداقية عربية وإسلامية وتحظى بمتابعة محلية وإقليمية،أبدعت في نقل أخبار طوفان الأقصى وأزعجت الصهاينة،فهل يعقل أن تزعج قناة اليرموك الفضائية بلدا عربيا يجاهر بمناكفة المحتل ويشارك في فضح نواياه الإجرامية على الأرض، فيلتقي مع أهداف هذه القناة ثم يعمل على  إغلاقها ؟!  لقد شكّل هذا تناقضا أو أحجية تحتاج إلى حلّ!

لا يُفهم تخاذل الإعلام الرسمي العربي في ميدان معركة فلسطين ضد مغتصبيها،فما يبذله من وقت لصالح الأحداث اليومية لا يفي بالغرض أبدا،وما يكون من حوارات سياسية وتحليلات عبر هذه الوسائل الرسمية له لون سياسي واحد،فلا يستضاف للتحليل السياسي والعسكري إلا سياسيون أو كتاب مرضيّ عن توجههم،أما المعارضة فلا يكاد يُسمع صوتها في وسيلة إعلام رسمية،ولا يسمح لها أن ترد على منطق متحدث رسمي سابق باسم حكومته ينطق خُلفا وهو يغلق البلاد في وجوه أبنائها ويستدعي مصطلحات تدل على فقدانهم لأي مأوى فيه سوى الفنادق!!

هذه الردة الإعلامية العربية التي تسرّ قلب الصهاينة وتحقق أهدافهم وتلتقي مع سلوكهم ضد الإعلام الذي يفضح إجرامهم،هي ردة مدانة بكل المقاييس الدولية والمنطقية والعقدية،فهل تتقدم المقاومة الفلسطينية في ميدان الحرب وتنكص قوة العرب ؟! ثم يتقدم الإعلام الحربي المقاوم وينكص الإعلام العربي!

ولئن حاولنا أن نقنع أنفسنا بعدم جدوى توسيع رقعة الحرب مع يهود وأعفينا الجيوش العربية من التدخل لصالح شعب يباد عن بكرة أبيه – وما ذلك الإعفاء بمقنع والله-  فلا أقل من رصاصة إعلامية تنوب عن الرصاص الحي،ولا أقلّ من خطاب تعبوي يأخذ مكان المسلسلات التي نُتحدى بها شعوريا،ففي حين ينشغل الإعلام الجادّ بنقل صور أشلاء الأطفال والنساء في غزة، تملأ قهقهات الفجرة في المسلسلات العبثية جنبات تلفزيوناتنا التي ندفع لصالحها الضرائب وتضربنا في مقتل وهي تأبى أن تشاركنا مأتمنا،بل وترفع صوتها بزعيق يشوش علينا جوّ دعائنا وتبتّلنا إلى الله راجين فرَجا قريبا وسحقا وشيكا لكل من شارك في صنع معاناتنا.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts