من المسؤول عن جهل الأردنيين بقانون الأحزاب والعزوف عنها؟

من المسؤول عن جهل الأردنيين بقانون الأحزاب والعزوف عنها؟

البوصلة – محمد سعد

“يشعر مواطنون كثيرون في الأردن بالارتباك في فهم سياسة السلطة التنفيذية تجاه الأحزاب فهي من جهة منشغلة بشكل محموم في قيام حياة حزبية نشطة، وفي الوقت نفسه، تستميت في خنق حزب قائم ومحاصرته، وتمنعه من إقامة مهرجان ينتصر للقدس، التي يرتبط بها البلد بنوعٍ من العلاقة يكاد يكون مقدّسا” يقول الكاتب حلمي الأسمر في مقالة له منتقدا محاولة الحكومة “هندسة الأحزاب” على هوى سياستها.

يتزامن مقال الأسمر مع ما كشفه استطلاع مركز الدراسات الاستراتيجية من أن الغالبية العظمى من الأردنيين (87%) لا يعرفون عن قانون الأحزاب الجديد الذي تم إقراره حديثا، وفقط 13% أفادوا بأنهم سمعوا أو عرفوا عنه. 

وتساءل الأسمر، فكيف نفهم التضييق على حزب قائم، ونجتهد في تسييد أحزابٍ لم تقم بعد، ونجتهد في قيامها و”هندسة” ولادتها؟”.

وقال الكاتب، “نفهم تأسيس “هيئة مستقلة للانتخاب” ثم العمل في الخفاء (وحتى علنا أحيانا) على “هندسة” العملية الانتخابية بمنتهى “الحكمة!” لتفصيل برلمان على مقاس ما تهوى السلطة التنفيذية وتحبّ، وهو أمر لم يعد سرا، فلم يزل يتحدّث عنه حتى أعضاء في مجلس النواب الحالي، بل ينسب لرئيسه الحالي فيديو يصف البرلمان بأنه محض ديكور!”

وبين الاستطلاع أن الغالبية العظمى من الأردنيين 94% لا يتابعون أي نشاطات أو فعاليات للأحزاب السياسية الأردنية، ويفكر 2% فقط من الأردنيين في الانضمام إلى الأحزاب السياسية، ما اعتبره الخبير الإقتصادي منير دية نتيجة حتمية لبلد لم يشاهد فيها المواطن احزاباً قوية ولم يخض فيها المواطن الحياة الحزبية بكامل تفاصيلها ونتيجة موكدة لمواطن كان الانتماء الحزبي له  هاجس وخوف وملاحقة”.

وقال دية في تصريحات وصلت “البوصلة” العديد من دول العالم  التي أوصلت شعوبها الى مراحل متقدمة من الرفاه الاجتماعي والتطور الاقتصادي والاستقرار المعيشي هي دول حكوماتها حزبية بينما لا زالت تلك الدول التي لم تتقدم فيها الحياة الحزبية تعيش أزمات سياسية و اقتصادية كحال بعض الدول العربية والافريقية” .

واعتبر دية نجاح مشروع الدولة السياسي والوصول لحكومات برلمانية منبثقة عن أحزاب برامجية هي مهمة ملقاه على كاهل الجميع.. فالمواطن بالغالب اليوم لم يعد يثق بمجلس النواب ولا الحكومة ويضع كل اللوم فيما وصل اليه من ظروف معيشية صعبة عليهم”.

وأشار إلى أن “المواطن له تجربة طويلة مع  الحكومات غير الحزبية امتدت عشرات السنوات وشاهد بام عينيه ما وصلت اليه البلد من مديونية وفقر وبطالة وتراجع في الملفات الصحية والتعليمية وزيادة المديونية وتراجع نسب النمو”، وتساءل “فهل سنبقى في نفس الدائرة ونبقى نشاهد نفس الوجوه في الحكومات المتعاقبة ام ننتقل لمرحلة أخرى يقرر فيها الشعب من يمثله في الحكومة والبرلمان ويتحمل مسؤولية قراره”.

وفق الاستطلاع، أفادت الغالبية العظمى 84% أن الحياة الحزبية في الأردن لم تكن ناجحة حتى الآن. 

واعتبر المحلل الصحفي علي سعادة أن أرقام نتائج الاستطلا ع، “صادمة خصوصا أن الدولة ركزت في الأشهر الماضية على الشباب، وعولت عليهم للنهوض بالتجربة الحزبية الجديدة التي رأت الغالبية أنه لا جديد فيها، وكانت هناك لقاءات مكثفة مع رؤوساء الجامعات الرسمية وعمداء شؤون الطلبة”. 

وقال سعادة في مقال له، “لأكثر من عام والحكومة تضخ إعلاميا لشرح قانون الأحزاب الجديد ودعوة الأردنيين للمشاركة بفعالية في العمل الحزبي والعام وبشكل خاص فئة الشباب وطلاب الجامعات، لكن يبدو أن هذا الضخ لم يأت بنتيجة ولم يحرك مياه الأحزاب الساكنة”.

وتساءل، ” أين الخلل؟ هل عجزت الدولة عن شرح هذا القانون وأهميته للمواطن، أم أن هناك من يحاولون إبطاء التجربة، وعدم إعطائها زخما كافيا للانطلاق بقوة، أم أن المواطن الذي يرزح تحت ضغوط البطالة وغلاء الأسعار وتآكل الأجور لديه اولويات أخرى أكثر ضغطا من الخوض بالأحزاب وسيرتها؟ “.

وحول هذا التساؤول يقول الأسمر،”تهندس السلطات النافذة كل شيء، ها هي اليوم منهمكة بهندسة حياة حزبية، ملتزمة بالمعايير والمقاسات البرلمانية نفسها، وليس سرّا أن أصغر مواطن أردني بات على علم أن هناك خريطة حزبية يجري رسمها و”هندستها” خلف الغرف المغلقة”.

وأضاف، “يجري تداول الخطوط الرئيسة لهذه الخريطة سرّا وعلانية، من دون نسبتها لمصدر معلن، وهي تقوم على تأسيس أربعة أحزاب موالية ومضمونة، مع إعطائها مظاهر المبادرات الذاتية الشعبية المتنافسة مع بعض ملامح التنافر فيما بينها ومساحات من حرية التعبير والنقد لسياسات الحكومة ورموزها، لإكسابها مصداقية في الشارع: الأول حزب وسطي مؤلف من مسؤولين وبرلمانيين سابقين وموالين ومنتفعين من جميع فئات المجتمع. الثاني حزب ذو نكهة إسلامية مؤلفٌ من طيفٍ متعدّد من إسلاميين سابقين وحاليين، ومنشقّين عن جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي. الثالث حزب يساري قومي يضم “من قفز إلى حضن الحكومة!” من طيف واسع من تنظيماتٍ يساريةٍ بادت أو في طريقها إلى الاختفاء، أو من كان مزروعا في صفوف الحركات اليسارية. أما الرابع فهو حزب ليبرالي “من الصلعان!”، حسب تعبير ما يتم تداوله في منصّات الإعلام الشعبي، ويضم طيفا واسعا من “أزلام” التمويل الخارجي وجمعيات المجتمع المدني المموّلة من الخارج، ودعاة ما تسمّى “النيوليبرالية” والمستعربين وأعداء التوجهات الإسلامية والعروبية”.

واعتبر الأسمر، “كي تنجح “خريطة الطريق” الحزبية هذه، سيتم تقديم دعم قوي لهذه الأحزاب الناشئة ماليا ومعنويا وإعلاميا، وسيتبع هذا إعطاء مساحة مدروسة محدودة لحزب جبهة العمل الإسلامي الذي يتسيّد الساحة حاليا مع الاستمرار في تقليم أظافره ومواصلة التضييق عليه واستهداف هياكله وأتباعه وأنصاره، ومن ضمنهم كتلة الإصلاح النيابية ورموزها”.

وأكد، “ليس بالضرورة أن تنجح “هندسة الحياة الحزبية” وفق ما تهوى أنفُس المخطّطين، ولكن تجربتهم في هندسة انتخابات النواب بنسبة “نجاح” مبهرة، تعطي للمرء قدرا هائلا من التشاؤم بشأن مستقبل هذا البلد”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: