د.أحمد داود شحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

مهرجان الأردن والطوفان

د.أحمد داود شحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

منذ انطلق مهرجان جرش لم يكن مبرر انطلاقه مقنعا في بلد يعيش على أطول خط مواجهة مع العدو الصهيوني، ولم تكن ديوننا بصورتها اليوم لكنها كانت موجودة تستحق المعالجة بوقف هدر الإنفاق، ولو كانت الحلول للقضاء عليها ناجعة لم تبلغ ما بلغت اليوم، أضف إلى ذلك طبيعة الشعب المحافظ الذي يهمه انضباط أبنائه الخُلُقي والسلوكي اللذين حاربهما هذا النمط من المهرجانات العابثة بسلوك الشباب والصبايا، القاتلة لأوقاتهم، المستنزفة لمصروفهم، وهي مع ذلك تخسر في كل عام ولا يمكن ادعاء أنها تدرّ على البلد دخلا يرفد الخزينة بمدد كالذي يعود به الدخان وسائر المسكرات التي تجني الأرباح ولكن أرباحها لا تبرر التجارة بها، لأن الغاية لا تبرر الوسيلة، ولأن حفظ النفس في الضروريات الخمس مقدم على حفظ المال.

توقف مهرجان جرش أثناء انتشار الكورونا حفاظا على ضرورية حفظ النفس، لينبعث من جديد، وإن كان انبعاثه اليوم باسم مهرجان الأردن فإنه يضحي بضرورية حفظ الدين المقدمة على حفظ النفس، فما هذه الحسابات الخاسرة؟

لقد ضبطتُ حروفي إلى هنا، فعرضت المهرجانات العابرة للحكومات الأردنية على منطق الشرع بعيدا عن رياح الطوفان المنطلق منذ تسعة أشهر، وعن المبررات الواقعية الرافضة لمثل هذا الفرح العابث بنا الراقص على جراحنا ولو كان عملا مباحا أصلا، فكيف إذا كان يعتدي على ضروريات الدين والنفس والعِرض والمال إلى جانب إغفاله ظروف الإقليم بل العالم أجمع؟!

لقد أعلن الأردن وقوفه مع غزة وأهلها منذ انطلاق الطوفان، وكنا نضع أيدينا على بعض المآخذ على تصرفات لا تتناسب ولا تتناغم مع هذا الوقوف الرجولي في صف المظلومين، حتى إذا أُعلن عن إقامة مهرجان الأردن فماذا أبقى من مآخذ خلفه وماذا أبقى من دلائل على وقوفنا الجادّ في صفّ شعب مآتمه لا تنطفئ نارها ولا تضع حرب إبادته أوزارها، ثم نحن نرقص ونغني وندبك ، فنجعل دبكة العِزّ والهناء في موضع العزاء والضرّاء!!

عيب على شعب دمه مختلط بدم شعب فلسطين، وعشائره موزعة هنا وهناك، عاداتهم واحدة، يشتركون في التاريخ والدين، يفصل بينهم نهر ما كان يوما إلا همزة وصل، ويطلقون عليه “الشريعة” والشريعة التي هي الماء هي كذلك الطريق المستقيم، وما كان الطريق بين الأردن وفلسطين إلا مستقيما، فلماذا يصرون على ليّه والعبث بمشاعرنا وهم يقطعون طريق التضامن بيننا في المشاعر والمواقف ويصرون على تحدي دمائنا المهدرة هناك ودموعنا الهاطلة هنا، يتخطون كل معاني الشراكة في الماضي والحاضر والمصير بين شعب واحد لا شرقي ولا غربي يُسقى بماء واحد كزيتونه الضارب في جذور التاريخ، المستعصي على الكسر برغم رياح الحوادث وعبث الأنظمة وحكامها عبر الزمان.

لا تسلني عن المزيد في موضوعنا، فهو بسيط بعيد عن أي تعقيد : أمة تعيش مأتما ترقص فيه هي أمة مفصومة مأزومة، وأمة تدعي وصلا بليلى ثم تغيب عن مسح دموعها إذ تحزن وتنشغل عن محاولات ذبحها من الوريد إلى الوريد هي أمة تكذب على ليلى وليلى أحوج ما تكون إلى لحظة صدق.

يا عقلاء هذا البلد الصابر، يا حكماء هذا البلد المرابط أوقفوا الرقص على جماجم شهدائنا، أوقفوا العبث بدموع شيوخنا وأطفالنا، وإنه قد نزل بنا ما يشغلنا عن العبث، فهل أنتم مدركون؟!

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts