د.أحمد شحروري
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

موقفنا من الاعتصامات

د.أحمد شحروري
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

من نحن؟ هل نحن الأمة المتخمة شبعا المتضلعة عسلا ولبنا المجاهرة بعرس أبنائها عزفا وطربا برغم عذابات جيرانها وأناتهم وأحزانهم، هل نحن الذين نشتري كل ما نشتهي، وبعض (نحن) يقيم مهرجانات صاخبة لمجرد العبث لا لعرس ولا لطهور، بل بعض(نحن) يجرّم المقاومة ويصف ما حدث يوم السابع من أكتوبر بأنه وحشية ضد المدنيين، هل هذا نحن؟ وهذا بعض نحن؟

 أما مجموع الأمة فما يزال بخير، لا بل قل إن كثيرا من طاقات الشعوب غير الإسلامية تصرف اليوم لتأييد حق المقتول بأن يصرخ في وجه القاتل وحق أهل المقتول في أن يقيموا مأتما له من غير تثريب، أرأيت شوارع أمريكا وفرنسا وبريطانيا كيف تمور بالمعتصمين الصارخين في وجه سياسات بلادهم الضاربين عرض الحائط بمنعهم من ممارسة حقهم الإنساني في التعبير عن آرائهم؟! أرأيت إلى الفرنسي الذي تفرض حكومته غرامة على كل من يخرج انتصارا لغزة قدرها 7500 يورو مع سجنه ستة أشهر؟ لكنها لم تستطع أن توقف هدير المتظاهرين ولا أن تلزمهم الجلوس في بيوتهم.

في الأيام الفائتة حمدنا موقف الأردن الرسمي المتمثل في مقابلة صلف المحتل بالحجة وتعريته عبر الدبلوماسية، ثم سررنا لقرار تجميد اتفاقية المياه مع عدو يعطّش أهل غزة، وتيقنّا أن قصف محيط المستشفى الميداني الأردني هناك هو عقوبة على هذه المواقف وإنذار بعدم (التمادي) فيها، وننتظر من الأردن الرسمي أن يتقوى بهذا الشعب الذي يقف خلف سياسة بلاده الداعمة لحقّ المحرومين في أن يعيشوا، هذا الشعب الذي تعهد أن يكون رداء لكل مكشوف، أمانا لكل ضعيف خائف، لا يمكن أن يرضخ لتهديد عدو زنيم فينكفئ – لا سمح الله- عن فعله البطولي في الوقوف مع نفسه لأن غزة هي نفسه، وفي مداواة جروح جسده لأن جرح غزة هو جرح في رقبته وخاصرته وقلبه.

غير مفهوم أبدا أن يخاف أحد من اعتصام سلمي يهتف بالحياة لحرّ يضغط على زناد قلبه لتحيا بقية أجزاء جسده، غير مفهوم أن نخاف على أمننا الوطني من حراسه المتمثلين بالشعب كله وجهاز الأمن كله، أما حكاية المندسين فإنها جزء من حكاية جدتي لأحفادها قبل النوم، فيها ما يقبل التحقق نظريا لكن تحققه العملي غير ممكن.

المندس ضعيف، بغض النظر عمّن دسه، وقد حدث -نادرا- أن أمسك المعتصمون ببعض العابثين ففضحوهم وفضحوا من دسهم وانتهت القضية لأنها ليست قضية.

إننا بحاجة إلى أن لا يفتر الفعل الشعبي المناكف للقاتل المحتل، وبحاجة إلى هذه الاعتصامات دون إعاقة لنشاطها (الآمن) فإنها تحقق أمورا مهمة لنا ولمن نعتصم من أجلهم، منها :

١) الاعتصام سبيل الشعب إلى التوحد في دعم المظلوم ودحر الظالم، فوقوف الناس معا في صعيد واحد هو علامة وحدة لا تخيف إلا عدونا، بل يجب أن نخاف نقيضها من الفرقة وتشتت الصف والرأي.

٢) مخطئ من ظن أن نار حرب غزة بعيدة عن ثوبنا، إنها توطئة لإخضاع كياننا السياسي – لا سمح الله- لأن عقيدة المحتل أننا في الأردن نحكم بلدا معتدين على حقهم فيه، فهل نهدأ ليتقووا بهدوئنا وصولا إلى مبتغاهم في سحب الأرض من تحت أقدامنا لا قدر الله؟

٣) لم تعد الاعتصامات كما كانت محدودة الأثر في غياب الكلمة المسجلة والحركة المصورة والفضائيات والمواقع الإلكترونية، إن صوتنا الهادر وصل أقاصي الأرض ففتح أعينا كانت مغلقة، واليوم يسارع كثير من المواطنين الغربيين في الإقبال على كتابنا الكريم يقتنونه ليدرسوه ويروا مصدر عزة المسلم ما حقيقته وكيف يحُدِث أثره، ولولا هذا الفعل على الأرض في شتى أنحائها لما كان هذا الإقبال.

٤) إن منع الاعتصامات أو الحدّ منها أو التضييق على المشاركين فيها يشكل تناقضا في وعي المراقب، فنحن مع القضية ملكا وحكومة وشعبا، وما تم من جهد سياسي في الأيام الماضية يبعث على الرجاء فيما هو قادم، فلماذا نفرق بين جهد وجهد؟ ولماذا نستمع لبعض النصح الذي يخوّف من الاعتصام وشعبنا الأردني الفذّ مجرَّب، ما خرّب يوم خرِبت الدنيا من حوله، وما أطاع شيطانا في العصف بأمن أطفاله وعواجيزه، هذا الشعب الراشد هو ردء لنظامه السياسي ورديف له، وحقيق بصانع القرار أن يفخر بإنجاز هذا الشعب في رفضه للنقيصة وكرهه لداعميها، وأن يستمع للرأي الذي يزيده ثقة بأن الشعب إذا أعطي حرية مسؤولة جاد بكل يملك للدفاع عنها واستثمارها في الخروج من سوق نخاسة الأمم المستسلمة لإرادة الدخلاء.

ندعو الله أن ينعم علينا بفرج قريب تفرح به قلوبنا وتتحول أوقاتنا إلى أهازيج نصر وفرحة عمُر، لنعود إلى حياتنا تجارا وصانعين وعلماء ومثقفين نكمل ما لم يتوقف في حياتنا من الإنجاز أبدا، ولكنه كان مكّدرا مبعثرا.

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts