“نبض الشارع”.. فجوة الثقة بالحكومة تتسع ولا بديل عن الإصلاح السياسي

“نبض الشارع”.. فجوة الثقة بالحكومة تتسع ولا بديل عن الإصلاح السياسي

د. منذر الحوارات: الحكومة لم تقم بتغيير جوهري فزادت فجوة ثقة الشارع بها

د. منذر الحوارات: ما قامت به الحكومة جاء بعكس ما كان يأمله الشارع

د. منذر الحوارات: يجب إشراك الناس بإصلاح سياسي حقيقي وإلا سنبقى نراوح مكاننا

محمد البشير: الفشل الاقتصادي مرجعيته سياسية بامتياز والحل يبدأ بإصلاح سياسي

محمد البشير: فجوة الثقة بالحكومة زادت لعدم قدرتها على حل هيكلية الأزمة المالية

محمد البشير: إقحام الأحزاب باستطلاع “نبض الشارع” استهداف مرفوض

عمان – رائد الحساسنة

أكد خبراء سياسيون واقتصاديون في تصريحاتٍ لـ “البوصلة” أنّ نتائج استطلاع “نبض الشارع” الذي أصدره مركز الدراسات الاستراتيجية ليست مستغربة؛ فهي تعكس خيبة أمل واسعة لدى الأردنيين بالحكومة التي كان ينتظر منها الكثير بعد أن كان من المفترض أن تمتلك ولاية عامة حقيقية بدعم شعبيٍ كبير لتحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي المنشور؛ ولكن ما حصل هو العكس تماما.

وشددوا على أن الأزمة الاقتصادية، التي أسهمت بتكريس فجوة انعدام الثقة بالحكومة التي أثبتها الاستطلاع، لا يمكن حلها إلا عبر حلول سياسية تمكن الشعب الأردني من امتلاك قراره والمشاركة في حل مشاكله بشكل حقيقي بإيجاد قوانين ناظمة لعملية سياسية توسع وتزيد نسب مشاركة المجتمع في صناعة القرار في الاقتصاد والسياسة.

كما عبروا عن استهجانهم لإقحام الأحزاب الأردنية في نتائج الاستطلاع وإظهارها على أنها الأقل موثوقية أمام المجتمع، معتبرين ذلك جزءًا من الحالة العدائية التاريخية التي تقودها الدولة ضد الأحزاب بأدوات أمنية حينًا وبأدوات استطلاعات الرأي في أحيانٍ أخرى.

فجوة الثقة بالحكومة تتسع

يرى المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي الدكتور منذر الحوارات في حديثه لـ “البوصلة” أن اتساع فجوة الثقة بالحكومة ورؤية الشارع الأردني للأمور بأنها تسير بالاتجاه غير الصحيح كما أظهر استطلاع “نبض الشارع” هو نتيجة حتمية، طالما أن الحكومة لم تقم بتغيير جوهري في سياستها بحيث ينعكس ذلك على ما كان الناس يأملونه من حكومة جاءت بعد احتجاجات شعبية كبيرة أسقطت حكومة.

يقول الحوارات: “باعتقادي أنّ حالة عدم الرضا عن الحكومة ستبقى، فلا الوضع الاقتصادي تحسن ولا مشكلة البطالة عولجت ولا عملية محاربة الفساد كانت ذات جدوى وقيمة، وتم تأجيل مسألة الإصلاح السياسي إلى أجلٍ غير مسمّى”.

ويؤكد أن الحكومة اهتمت بالإنجازات الآنية على حساب استراتيجية طويلة الأمد لتحسين الاقتصاد، واهتمت بتحسين صورتها في اللحظة وبادرت واهتمت بترويج أفكار لم يرها الناس واقعية وعقلانية وتنطبق على أرض الواقع في حل مشاكلهم.

ويستدرك الحوارات بالقول: بل ظهرت الحكومة وكأنها تُشّهد الناس على شيء لم يحدث، وشهدنا مجموعة من الحزم، وهي لا تعدو كونها تصور غير قابل للتحقيق في كثيرٍ من الأحيان، ويأتي ضمن استراتيجية إعلامية أكثر منها استراتيجية حقيقية لتغيير الواقع، لا تزال البطالة عالية والفقر يزداد والمديونية وهي الأخطر تزداد بشكل هائل.

وينوه إلى أن الحكومة كانت تريد أن تخفض الدين العام نسبة إلى الدخل الوطني، ولكن للأسف زاد بشكل كبير والدين العام زاد بشكل كبير جدًا ولم تتحسن فرص التصدير وفرص تحسين الوارد من الدولار بنتيجة تحسن الاقتصاد.

ويذهب الحوارات إلى مشهد “هروب رأس المال الأردني خارج الأردن”، ويؤكد أن “هذه عملية معاكسة، وتجد الآن كثير من رؤوس الأموال في تركيا وفي الإمارات”.

وينوه إلى أن “كل ذلك جاء كخيبة أمل للناس والمواطنين لأن هذه الحكومة جاءت بدعم شعبي بعد احتجاجات الرابع واستقالة حكومة هاني الملقي وكان يفترض أن تتسلح بولاية شعبية دعمتها ووقفت إلى جانبها وكان يفترض أن تأخذ ولاية عامة تقوم بتحقيق مصالح الناس التي خرجت إلى الشارع، والعكس تمامًا هو الذي حصل”.

يتابع الحوارات حديثه بالقول: مجموعة من الوعود ومجموعة من التهيؤات بأن الحكومة هذه ستنجز، ولاحظنا أنها أدخلت نفسها في مآزق كثيرة ومنها مأزق إضراب المعلمين الذي كان يسهل حله بشكل عادي وبسيط، دون الوصول إلى لحظة كسر العظم الذي وصلت إليه الحكومة.

ويستدرك، “حتى في هذه اللحظة ادعت أن هذا إنجاز لها، وعلى العكس في أي حكومة في دول العالم المحترم الحكومات التي تصل إلى هكذا مستوى من الاحتقان يفترض أنها تستقيل وتغادر”.

ويقول: “لكن عندنا لأن عملية القراءة السياسية لمواقف الحكومة معدومة, وبالتالي لم يقرأ هذا الموقف على أنّه فشل وخيبة سياسية، وبالتالي استمرت الحكومة”.

ويؤكد الحوارات أنه “حتى عملية تحسين الاقتصاد وعملية إيجاد فرص متساوية للمواطنين للتنافس هذه غيبت تماماً، لا أريد أن أنكر محاولة الحكومة ولكنّها لم تحاول بشكلٍ استراتيجي، بل حاولت بشكل لحظي لتحسين صورتها وكسب مزيد من الشعبية”.

لكن مع الأسف؛ نلحظ هذه القراءة لاستطلاعات الرأي التي تسمّى “نبض الشارع” هي تبدي عدم رضا واضحًا وحقيقيًا وهذا يدلل على أن الناس لم يلمسوا شيئًا انعكس على حياتهم وانعكس على ظروفهم ما الذي كان سيمنعهم أن يكونوا راضين.

الحل بتغيير منهجي وشامل

يقول الحوارات في حديثه لـ “البوصلة” إن استمرار حالة عدم الرضا الشعبي عن الحكومة، مردها بكل أسف لأنه لم يتحقق شيء ولن يتحقق شيء في ظل سياسية لا تأخذ بعين الاعتبار تغيير منهجي وشامل وحقيقي لكيفية أولا إدارة الاقتصاد وقبل ذلك إدارة القرار السياسي، وكيفية منهجته في إطار محدد وواضح يشرك فيه الناس وهذا بحاجة لإصلاح سياسي حقيقي، وإلا سنبقى نراوح في المكان ذاته والجملة ذاتها والخيارات ذاتها ولن نتحسن ولن نتطور وبالعكس تماما نحن ما زلنا نتراجع.

ويشدد على أننا بحاجة لإيقاف حالة التراجع ومن ثم الانطلاق نحو عملية إصلاح حقيقي، وهذا لن يتم أبدًا مهما حاولوا ومهما قالوا بدون إشراك جميع قطاعات الشعب في محاولة إيجاد حلول وهذا لن يتم إلا بحل سياسي والحل السياسي بإيجاد قوانين ناظمة لعملية سياسية توسع وتزيد نسب مشاركة المجتمع في صناعة القرار في الاقتصاد والسياسة.

وينوه إلى أن الحكومات تسعى لاستثمار الاستطلاعات، ويظهر ذلك اليوم في سعي الحكومة للتركيز على نسبة الرضا الشعبي وهي 34% وكأن هذا هو الإنجاز، أو الحديث عن نسب تحسن نموّ الاقتصاد على أنها إنجاز في الوقت الذي تمثل فيه “خيبة حقيقية”.

ويختم الحوارات حديثه بالقول إن الحكومة تسعى لتوظيف استطلاعات لمصلحتها، ولكن مع ذلك فإن هذه الاستطلاعات مهمة في عملية صنع القرار، ومن المؤسف أنها لا تأخذ بهذا الاستطلاع ولو أخذت به لعاد الفريق الحكومي بأكمله إلى بيوتهم.

الحكومة فشلت في هيكلية الأزمة المالية العامة

بدوره يؤكد الخبير الاقتصادي محمد البشير في حديثه لـ “البوصلة” أن ما جاء في نتائج استطلاع نبض الشارع من اتساع فجوة الثقة بالحكومة واستمرارها على الرغم مما يقال عن إجراءات الحكومة في التخفيف من المشكلة الاقتصادية، مرده لعدم قدرة الحكومة على معالجة هيكلية الأزمة المالية العامة، المتمثلة بارتفاع النفقات وعدم قدرتها السيطرة عليها، واللجوء إلى الضرائب بهذا الشكل المريع والذي تسبب بارتفاع كلف المنتجات الزراعية والصناعية والخدمية، وفي الوقت ذاته أدى إلى ارتفاع المديونية وأعبائها من أقساط وفوائد.

ويقول البشير: هذا الهيكل أثر مباشرة على الاقتصاد الجزئي للقطاعات الصناعية والزراعية والخدمية بحيث أصبح الأردن الأغلى في المنطقة العربية، وهذا لم تنجح إجراءات الحكومة وحزمها المتعددة في تحقيق انفراج على المواطنين وعلى الاستثمارات بشكل عام سواء كانت محلية أو قادمة.

وينوه إلى أن الفرق الاقتصادية التي قادت مشروعنا الاقتصادي منذ العام 1989 وحتى اليوم هي فرق سياسية، وثبت بالقطع أنها لم تنجح أبدًا في معالجة مشاكلنا الاقتصادية؛ لأن النهج السياسي الذي اتبعته ينسجم مع مقترحات الغرب وصندوق النقد الدولي، وهي بالنتيجة لا تصلح لنا وتجلى ذلك بالخصخصة وكف يد الحكومة عن التدخل بالشأن الاقتصادي ممّا أدى إلى ما نحن عليه من مشاكل وأعباء.

ويتابع حديثه في توصيف المشكلة بالقول: أصبح تغييب الجانب الإصلاحي سياسيا ودور حقيقي لممثلي الشعب عبر مجلس النواب، بعد أن اغتيل على يد القوى الرأسمالية المتحالفة مع القيادة التاريخية سياسيًا ما زاد من الطين بلة ونجح هذا الفريق في ترجيح الضرائب غير المباشرة، دخل مبيعات وجمارك، على حساب ضريبة الدخل، وحيث تجلى ذلك في أن يكون لدى الأردنيين الأغنياء أكثر من 35 مليار في البنوك، وعلى الأردنيين كمؤسسات وأفراد أكثر من 25 مليار ديون.

ويشدد على أن هذا الواقع الاقتصادي مرجعيته سياسية بامتياز، ومن دون إصلاح سياسي حقيقي يقود إلى إدارة سياسية حصيفة تستطيع أن تتعامل مع الملفات المتعددة ذات العلاقة مع الاقتصاد أو ذات العلاقة بالسياسة، ابتداء من قانون انتخاب حقيقي قادر أن يفرز مجلس نواب يستطيع إفراز حكومة توازن بين العناصر الثلاثة في المالية العامة: النفقات الضرائب المديونية، بشكل ينجح فعلاً الاقتصاد الجزئي واقتصاد الصناعة والزراعة لتصبح حصتها من الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 30%، وهذا هو الذي أثر على نسبة البطالة التي تجاوزت نسبة 19%، والحقيقي أنها تزيد عن 25%، وبهذا المعنى نستطيع أن نودع الفقر ونخفف من أزمات نعيشها يوميًا على الصعيد الاجتماعي.

إقحام الأحزاب في استطلاع رأي حول الحكومة مرفوض

ويعبر محمد البشير في حديثه لـ “البوصلة” عن استهجانه لإقحام استطلاع “نبض الشارع” للأحزاب الأردنية لتشويه صورتها وإظهارها بأنها الأقل ثقة عند الشارع الأردني، ويؤكد أن هذا الأمر يأتي في سياق محاربة الدولة للأحزاب تاريخيًا ومحاولة تشويه صورتها.

ويقول البشير: لا شك أن هذا الاستطلاع أو الممارسة السياسية التاريخية كانت ضد العمل الحزبي والعمل المنظم، والدليل على ذلك أن عام 2011 شهد حراكاً واسعًا على مختلف الصعد من أجل خلق أدوات لشعبنا، وكانت الحكومة تؤجل أولاً بأول حتى وصل الحال لما نحن عليه اليوم، ومنعت قوى مختلفة في المجتمع في أن تنتج تنظيمات حقيقية قادرة على أن تعبر عن نبض الشارع.

وينوه إلى أن هذه السياسة المتبعة تاريخيا ضد العمل الحزبي اليوم تكرسها أدوات الحكومة سواء كانت الاستطلاعات أو عبر الأدوات الأمنية في محاسبة كل من ينتمي للأحزاب، فكيف نستطيع أن نتحدث عن العمل الحزبي أنه الأقل ثقة، ألم تدفع الأحزاب ثمنا غاليا من وراء الإهمال والتهميش والتقسيم.

ويلفت البشير إلى أن الحزب الأوسع جبهة العمل الإسلامي؛ ماذا فعلت به الحكومة خلال الفترات الماضية باعتباره يحتل المساحة الأكبر في العمل المنظم على الصعيد الحزبي، الحكومة وقواها وأدواتها المختلفة سواء كانت استطلاعات أو أدوات أمنية دائما بالمرصاد للعمل المنظم والعمل الحزبي.

ويتابع حديثه: بالتالي النتيجة التي خرجت بها الدراسة هي عملية استمرار لحالة العداء للعمل الحزبي ومحاولة إقحام العمل الحزبي بأنه غير مقبول.

ويخلص إلى أنه “بالنتيجة أقول لشعبنا: إنه لا حل لمشاكلنا المختلفة التي تبدأ بالسياسي وتمر بالاقتصادي وتنتهي بالاجتماعي إلا بالعمل الحزبي، باعتباره أعلى مراحل التنظيم الذي نحن بحاجته حتى نستطيع أن نحمي مجتمعنا من مستقبل سيء”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: