نخب تحذر: “مجزرة الطحين” ستتكرر ما دام ظهر غزة مكشوفًا والعالم صامتًا

نخب تحذر: “مجزرة الطحين” ستتكرر ما دام ظهر غزة مكشوفًا والعالم صامتًا

عمّان – رائد صبيح

حذرت نخبٌ في تصريحاتٍ لـ “البوصة” من أنّ مجزرة الطحين التي ارتكبها جيش الاحتلال بحق المدنيين العزّل في شارع الرشيد بغزة هي امتدادٌ لجرائم الاحتلال وعدوانه الغاشم المتواصل منذ أكثر من خمسة أشهر في ظل استمرار صمت العالم العربي والإسلامي وتخلّيه عن مسؤولياته تجاه أهل فلسطين وخاصة في غزة.

بدوره قال أستاذ الشريعة الإسلامية د. أحمد الشحروري في تصريحاته لـ “البوصلة”: ارتكب العدو مجزرة راح ضحيتها أكثر من مئة وخمسين جائعا كانوا يتوجهون إلى شاحنة تحمل الطحين وصلت لتوها فهرعوا لاستقبالها لنيل حفنة منه تقيم أودهم وتذهب شبح الموت عنهم، فتلقاهم العدو بالموت الذي كانوا يحاولون دفعه .

وأضاف الشحروري: أنا لا أستغرب سلوك عدو بقذارة اليهود فلا يمكن أن تنتظر من صرصور الليل أن يسقيك عسلا، وهذه حرب مفتوحة قصد فيها خصمنا الساديّ لقمة عيش الفلسطيني وحبة دوائه وموضع سجوده لربه، أنا أستغرب كيف يصف هذا العدوّ نفسه بالتحضر ويرمي المسلمين بالتخلف وهو يطير بألف جناح في سماء بطشه، في حين يخفق في إتقان السير خطوة سوية واحدة على الأرض وتنظيم سلوكه فيها .

وتابع بالقول: وأستغرب أكثر كيف يقف العالم الإسلامي هذه الوقفة المخجلة عاجزا مشلولا لا قِبَل له بتثريب المجرم الذي ينهش لحمنا ويكسر عظمنا، وأكثر من ذلك فهو عالَم لا يزال أبكم لا يقوى على كلمة تعبر حتى عن القهر أو تُقابِلُ الرصاصة بمقتضى قوله تعالى “لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلِم” .

وأضاف الشحروري: أستغرب ما أجده من المقصرين حين يستنكرون نقد الناس لهم وتنديدهم بعجزهم  ،فيرفعون صوتهم بالتهديد والوعيد لكل من يضع المرآة أمام أعينهم ليريهم قلة حيلتهم وهوانهم على عدوّ الأمة ، وكنت سأقدّر عاليا صدقَ المقصر مع نفسه ومع الناس ، حين يعترف أنه من جهة لا يملك العزيمة التي يقابل بها صلف المجتمع الدولي الظالم ، ومن جهة أخرى يخشى من دفع ثمن وقوفه مع أصحاب الحق من المستهدفين بكل معاني الإبادة والتجريف الوجودي ، ولخشيته فهو يمثل دور الباب الموارب، مفتوحا لمن ينظر إليه من جهة، مغلقا لمن ينظر إليه من الجهة الأخرى .

وشدد على أنّ التجويع في حدّ ذاته جريمة، جريمة يقترفها العدو، وجريمة يتلبس بها كل من لا يتصدى له بحيث يذهب شبح الموت من مشهد المجوّعين، ولا عذر لمن ينقط الطعام والدواء في حلوق المنكوبين بقدر لا يقوى على ردّ الخطر ولا ردع مقارفيه .

ولفت إلى أنّ مجزرة الطحين لم تكن أول مجزرة ولن تكون الأخيرة، لكنها محطة على طريق تعثر العمل الإسلامي المشترك ووصمة تلتصق بنا جميعا ما دمنا عاجزين عن رفع أسمائنا من قائمة العبيد، ووالله لو كنا نملك صوتا كصوت الفاروق وسوطا كسوطه، ورعية كرعيّته، وقادة عسكريين كخالد وأبي عبيدة في بلاطه لما ضاعت فلسطين أبدا ولما عاد اليهود إلى حيث حرّم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيشوا، في زمن أفرز صعاليك هتكوا أستارنا واستحلوا حرماتنا وأساؤوا لمقدساتنا .

وختم الشحروري بالقول: إنّ مجزرة الطحين ستتكرر ما دام عدونا يعلم أن ظهر الفلسطينيين مكشوف، وأن أنصارهم لا يملكون إلا أن يهتفوا: (غزة غزة أرض العزة)، وليتهم قادرون على تحقيق العزة في حياتهم هم أصلا ، فهي الوصفة التي تشكل المبيد الفعال لدنس عدوهم وتسلطه ، فمن يعرف سوقا بضاعته العزة ليدلنا عليه فنرفع العار عن أمة أضاعت عزتها يوم أضاعت أرضها ومقدساتها ؟!

أمريكا تصرّ على شراكتها في الجريمة

وحمّل المكتب الإعلامي الحكومي في غزة الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي والاحتلال “الإسرائيلي” وكذلك المنظمات الدولية التي تنصلت من مسؤولياتها؛ المسؤولية الكاملة عن عمليات القتل الجماعي والمجزرة والمروعة وحرب الإبادة وحرب التجويع التي نفذها وينفذها جيش الاحتلال “الإسرائيلي” حتى الآن، والتي تهدف لتهجير السكان قسرًا وإفراغ المنطقة.

كما ناشد كل دول العالم وكل الدول العربية والإسلامية وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بالتدخل الفوري والعاجل من أجل الضغط على الاحتلال لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، ووقف شلال الدم ووقف قتل واستهداف المدنيين والأطفال والنساء.

من جانبه أكد المحلل الإستراتيجي الدكتور محمد المقابلة في تصريحاته  لـ “البوصلة” أنّ أمريكا ترى هذا المشهد وتعلم كل تفاصيله أكثر من غيرها، وهي التي تديره، وهي التي توجهه، وتمارس إعلامًا وكلاماً معروفًا بالنفاق وتزييف الوعي، ويعتبر تسكينًا للعواطف والمشاعر، ولكن على أرض الواقع ليس موجوداً.

ولفت إلى أنّ هذه سياسة أمريكية نراها اليوم ورأيناها فيما مضى، وهي التي تتسبب بالقتل ثم ترسل أدواتها الإعلامية للتباكي وفتح بيوت العزاء حتى تظهر بالمظهر الإنساني لتزيف الوعي العربي.

وأضاف المقابلة: هم يقتلون القتيل ويشيعونه ويفتحون له بيت العزاء، ويتقبلون العزاء، وسيخرجون افلامًا وثائقية وتصريحات يتحدثون فيها عن إرهابٍ وإجرامٍ وهم يزيفون الوعي بأنّ أمريكا لم تكن توافق على هذه الأفعال.

وينوه إلى أنّ هذه الأفعال كلها متسقة مع العقلية الصهيونية التي قامت على أساس تزييف الوعي وارتكاب الجرائم عبر التاريخ الحديث والذي عاصرناه ورايناه بأعيننا.

وأكد المقابلة أنّ سياسات هذا الكيان الإجرامي بلا نقاش في أساسها قائمة على نظرية عسكرية وليس نظرية سياسية كباقي الدول الطبيعية، بمعنى أنّه قام على الإرهاب ويعتبر أنّ الذراع العسكرية هي الوسيلة الوحيدة لإثبات وتحقيق غاياته السياسية، على عكس الآخرين الذين يريدون أن يكونوا كيانًا سياسيًا ويضعوا ذراعًا عسكريًا لحماية هذه السياسات، فهو على العكس “كيان إرهابي”.

ولفت المقابلة إلى أنّ “مجزرة الطحين” التي أقدم عليها العدوّ الصهيوني اليوم، فضلاً عن انّها تهدف للضغط على الفلسطينيين في محافظتي غزة وشمالها بهدف تهجيرهم قسريٍا وتفريغ المنطقة من سكانها، أيضًا فإنها تحمل رسالة موجهة إلى عدة جهات وبعدة معاني، وإلى عدة عناوين.

وشدد على أنّ الاحتلال يسعى لإظهار العالم العربي والإسلامي بمظهر العاجز، وان يثبت للفلسطينين أنّ “الذين يدّعون مساعدتكم وإمدادكم هم غير قادرين على حمايتكم وإن أرسلوا لكم الطحين الذي سنحوله إلى دماء”.

وأكد أن ما يقدم الاحتلال يسعى من جانبٍ آخر إلى استمرار إثارة الفتنة في العالم العربي والإسلامي وإبقاء حالة انعدام الثقة بين الشعوب وحكامها في ظل استمرار النظام الرسمي العربي بالمراوحة في مربع العجز عن حماية الفلسطينيين والقدرة على إيصال المساعدات لهم بما يحفظ أرواحهم وكرامتهم.

وطالب المقابلة الأنظمة في العالم العربي والإسلامي بأن تحافظ على هيبتها وكرامتها بذاتها كأنظمة وليس من أجل شعوبها، وذلك من خلال أن تثبت أنها قادرة على تنفيذ إرادة شعوبها على  الأقل في إيصال المساعدات ومنع ارتكاب المجازر بحق الفلسطينيين وأهل غزة بعدة وسائل اقتصادية وسياسية وعسكرية إذا لزم الأمر.

التجويع بهدف “التهجير”

بدوره قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن إسرائيل تتعمد تعميق أزمة التجويع الكارثية لجميع سكان قطاع غزة، بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على نحو شديد ومتواصل، ومنع وعرقلة إدخال وتوزيع الإمدادات الإنسانية، خاصة في مدينة غزة وشمال القطاع، بهدف دفع السكان إلى التهجير القسري من مناطقهم، في إطار جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة في القطاع منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.

وأبرز الأورومتوسطي أن استمرار تراجع وتيرة إدخال شاحنات المساعدات الإنسانية، وتقويض آليات حمايتها وسبل توزيعها، يأتي كأداة أساسية تنفذ فيها إسرائيل مسعاها في إخضاع فلسطينيي القطاع عمدًا لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكهم الفعلي، وكذلك لاستكمال تنفيذ خططها في تفريغ مدينة غزة ومناطق شمالي قطاع غزة من السكان، وإجبارهم على النزوح جنوبًا بشكل قسري تحت ضغط الهجمات العسكرية، والتهديد والترهيب، وسياسة التجويع وإبقاء مستويات مساعدات غير متناسبة مع حجم الاحتياجات الهائلة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: