نخب لـ “البوصلة”: خلوة تشجيع العمل الحزبي الطلابي مجرد تنظير ومراوحة في المكان

نخب لـ “البوصلة”: خلوة تشجيع العمل الحزبي الطلابي مجرد تنظير ومراوحة في المكان

عمّان – رائد صبيح

اعتبرت نخبٌ أكاديميةٌ وحزبيةٌ، في تصريحاتٍ لـ “البوصلة” أنّ “الخلوة” التي جمعت رؤساء الجامعات لرسم خارطة طريق لتشجيع العمل الحزبي بين الطلبة مجرد تنظيرٍ بعيدٍ عن الواقع و”مراوحة” في المكان لن تقدم أو تؤخر في تشجيع الحياة الحزبية بعد ما تعرضت له من “تجريفٍ ممنهج” أوصلت الأردنيين لما هم عليه اليوم من حالة انعدام الثقة في العملية السياسية برمّتها.

وأكدوا أنّ ما رشح من هذه الخلوة لا ينبئ بجدية حقيقية من قبل الدولة والحكومة لتشجيع العمل الحزبي بين الطلاب ويعزز حالة النكران والمكابرة بأنّ مثل هذا النظام سيقدم شيئًا حقيقيًا على أرض الواقع، منوهين إلى أنّ مثل هذا الأمر يحتاج لعملية تراكمية وإيجاد بيئة حقيقية لتشجيع الطلاب على العمل الحزبي بعيدًا عن التنظير، فضلاً عن ضرورة إعادة بناء المنظومة التعليمية الفعالة لتعزيز وبناء الوعي الفكري اللازم للطلاب.

شاهدٌ على الخلوة: أغلب ما تمّ تداوله مجرد تنظير

من جانبه، قال أستاذ الصراعات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني، وهو أحد المشاركين في الخلوة، بتصريحاته لـ “البوصلة“: أنّ بتقديري الخاص معظم الذي طرح في الخلوة أمور تنظيرية، أبجديات، ومبادئ العملية الديمقراطية ومسألة ضرورة مشاركة الشباب وبعض القضايا الأخرى.

وقلّل المومني من صحة ما قد يرد في استطلاعات الرأي التي تحوي هامشًا كبيرًا من الخطأ في بعض الأحيان في توصيف المشهد الحقيقي، مؤكدًا أنّ تعامل الأردنيين وفئة الشباب خاصة مع موضوع الإحجام عن الأحزاب وعدم الإقبال عليها متعلقٌ اليوم في الأغلب الأعم بـ “منطلق الأولويات”.

وأضاف بالقول: واضح أنّ مسالة العمل الحزبي للمواطن الأردني ليست أولوية، فاليوم ما يؤرق المواطن هو الجانب الاقتصادي ويمثل الأولوية بالنسبة له.

د. حسن المومني: سلوك الحكومات السابقة أفقد المواطن الثقة بالعملية السياسية تدريجيًا

وشدد على أنّ هذا يدعم كثيرًا من النظريات وحالات التحول الديمقراطي، ووجهة نظر العديد من المفكرين الذين ينظرون للأمر حتى من الجوانب العملية في أنه يجب إحداث تنمية اقتصادية كشرطٍ أساسيٍ للتحول الديمقراطي.

ولفت بالقول: أضف إلى ذلك التجارب السابقة وتدريجيا سلوك الحكومات السابقة الذي أفقد المواطن الثقة بهذه العملية.

خلوة “عناد” و”وإنكار” و”مكابرة”

من جانبه أكد منسق حملة الدفاع عن حقوق الطلبة “ذبحتونا” الدكتور فاخر دعاس، في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ النقاشات التي تمّت في خلوة رؤساء الجامعات لتشجيع العمل الحزبي الطلابي ترسخ حالة المكابرة والعناد الحكومي، قائلا: رأينا ما رشح من تقارير صحفية حول الخلوة، وتفاجأنا بأننا ما زلنا “مكانك سر”، وفوجئنا بأنه ما زال هناك عنادٌ في رفض الواقع وفي إنكاره ومكابرة بأنّ النظام يعزز العمل الحزبي.

واستهجن دعاس أنّ “أحد رؤساء الوزراء السابقين المتواجدين في الورشة يقول إنه أفضل نظام على مستوى العالم، وهذا يدلل على أننا ما زلنا نراوح مكاننا”.

وقال دعاس: “في تصوري ما يتم إيصاله من رسائل يوحي بعدم الجدية في تشجيع الشباب على الانخراط في العمل الحزبي”.

“هذا باختصار، فليس هناك أي تطرق للحديث عن إعادة النظر في أنظمة التأديب ولا فرض تعليمات على الجامعات بإجراء انتخابات ديمقراطية بناءً على قوائم طلابية ويكون فيها اتحادات طلابية فاعلة لها صلاحياتها، فهذا كله لم نراه على أرض الواقع مطروحًا أو يتم تداوله”، على حد تعبيره.

د. فاخر دعاس: ما رشح من الخلوة يؤكد أنّنا ما زلنا نراوح مكاننا وليس هناك أي نية حقيقية للتغيير

هل المطلوب تحويل الجامعات إلى منصات استقطاب حزبي؟

وقال المومني: كان المشاركون في الخلوة الجامعية بشأن العمل الحزبي من مختلف التيارات الفكرية ومن جامعات مختلفة وأحزاب وجهات رسمية، مستدركًا بأن الموضوع الذي يتم تناوله تعزيز العمل الحزبي في الجامعات، هذا موضوع من الدقة بمكان لا بد من التعاطي معه بتعيير دقيق جدًا.

وتساءل: هل المطلوب تحويل الجامعات في نهاية المطاف لمنصات استقطاب حزبي، أم أنّ الجامعات في الأساس دور علم، وإنتاج معرفة بوجوديتنا، التي جزء منها الثقافة السياسية والتربية، وطبيعي المعرفة العلمية.

وقال المومني: قد أفهم أنّ الجامعات قد تكون مؤسسات تنشئة ثقافية سياسية، ترفد الأحزاب فيما بعد، فيتم إنتاج حالة وعي ومعرفة في هذا الجانب، ولهم الحرية والاختيار في الانتماء لأي من الأحزاب.

واستدرك بالقول: لكن علينا التفريق بين أن يتم تأهيله وإنتاج حالة وعي، وبين أن يتم استخدام الجامعات كمنصات للأحزاب، هنا هذا هو الخيط الرفيع بينهما.

وأضاف أنه حتى في الديمقراطيات الغربية الجامعة هي مكان لإنتاج المعرفة، وجزء منها ما يخلق الوعي السياسي بوجودية الإنسان وإنتاج ثقافة سياسية، يساعد الخريج والطالب على المشاركة السياسية سواءً من خلال الأحزاب أو غيرها.

وعبر عن مخاوفه من أن تتحول الجامعات إلى ساحات استقطاب حزبي، بمعنى أن تنتقل الأحزاب للعمل في الجامعات بدلاً من أن ينتقل الطلبة للعمل في الأحزاب، وهذه العملية يجب أن يتم التعاطي معها بشكل دقيق.

المخزون الشبابي الهائل وإعادة النظام التعليمي الفعّال

وقال المومني أنّ الجامعات هي أحد المؤسسات المستهدفة لما فيها من مخزون شبابي هائل، كما أنّ هناك المدارس ومؤسسات المجتمع المدني وهي عليها دور في تحقيق التنشئة الحزبية والسياسية.
ولفت إلى أنّ التبرير لاستهداف الجامعات بتنمية العمل الحزبي، لأنها تحوي مخزونًا هائلاً من الشباب، في هذه المرحلة يتم تشكيل مفاهيم الطلبة، والجامعات تلعب الدور الأهم في ذلك.
وأضاف المومني: السؤال المطروح: هل عندنا حالة من الوعي كافية للتفريق بين أنّ الجامعة منتجة للمعرفة وبين أن الجامعة تتحول لحالة الاستقطات للممارسة السياسية الداخلية، وبالتالي تفقد حياديتها.
ولفت إلى أنه كانت هناك طروحات بهذا الجانب، وفي تقديري الخاص أكيد أنّ هذا العمل لا بد تنظيمه من خلال قوانين وتعليمات، وفي الأساس قبل أن نتحدث عن مسألة الحزبية في الجامعات لا بد من إعادة إنتاج نظام تعليمي فعّال.

وقال المومني: يجب أن تعيد الجامعات نفسها بشكل قوي ومنتج للمعرفة بشكل شامل وجزء منه التربية الوطنية والتنشئة السياسية.

وعبّر عن أسفه بالقول: في ظل ما يعانيه نظامنا التعليمي وما تعانيه الجامعات، نأتي لنثقلها بمهمة أخرى، وكأنها المنقذ للأحزاب، وهذا فيه نوعٌ من ترحيل المشاكل من الأحزاب.
وأوضح أن كثيرًا من الأحزاب الأردنية تاريخيًا لم تستطع أن تحصل على قاعدة شعبية، فيصبح الأمر وكأن الجامعات ومخزونها من الطلبة هو المنقذ لهذه الأحزاب.
العزف على وتر المخاوف من العمل الحزبي.

وقال المومني: هناك استمرار بالعزف على وتر أنّ الأحزاب لم تستطع إنتاج نفسها بشكل حقيقي نتيجة الخوف من الحزبية والإجراءات، فنحن لا نستطيع اختزال عدم نجاح الأحزاب والعزوف عنها بسبب واحد، لكنّ هناك جملة من الأسباب؟

وأضاف، لا أستطيع الحكم على تجربة الخمسينات والستينات والسبعينات والثمانينات عندما كانت الحزبية ممنوعة، وأحكم عليها اليوم والتجربة مسموحة، ثم نقول إن السبب الخوف من الحزبية، لماذا لا نقول إنّ المسألة بالنسبة للأردنيين هي مسألة أولويات.

وشدد على القول: صدقًا قد يكون هناك شباب مؤدلج أولويته الحزب، لكن في السياق العام الشباب في ظل هذه الأوضاع التي نعانيها، هل أولويتهم هي اقتصادية سياسية؟ أم أن الشاب الذي سيدخل للجامعة وأولويته أن يجد وظيفة بعد التخرج.

ولفت إلى أنه قد تكون مسألة الخوف لكنّها في السياق العام العمل الحزبي مسموح وضمن الأطر القانونية والدستورية، قد تكون هنا أو هناك بعض التجاوزات لكن في السياق العام العملية الحزبية ضمن الدستور مسموحٌ بها.

انتقاد لسطوة أحد التيارات السياسية

وانتقد المومني سعي تيار سياسي للهيمنة على المشهد بالقول: هنالك سيطرة لتيار سياسي دون الآخر، فأنا أرى أنّ التيار اليساري الليبرالي يحاول أن يفرض هذه الحالة المثالية في بيئة قد لا تكون مهيأة وغير جاهزة لإنتاج مثل هذه الأفكار.

وأضاف، في نهاية المطاف، دخول الشباب وهم محرك التغيير ولكن سؤال المليون: كيفية خلق هذه الثقافة السياسية والوطنية الكافية من أجل أن تخلق عمل حزبي فاعل ضمن عملية سياسية متوافق عليها.

وشدد المومني على أنّ العملية الديمقراطية عملية تراكمية بنائية متجددة استجابة لظروف اجتماعية وسياسية، فلا يوجد هناك في الواقع التطبيقي ديمقراطية مثالية، وفي الواقع التنظيري الجميع يتحدث، في الولايات المتحدة من أكثر الديمقراطيات رأينا ترامب وأنصاره هاجموا عقر الديمقراطية.

وخلص في تصريحاته لـ “البوصلة” إلى القول: إنّ تنظير النخب السياسية دون أخذ الواقع مشكلة، ونحن نتحدث أن الأمر منوط بالظروف الداخلية وننسى أحيانًا أنّ الأردن أيضًا يعمل ضمن بيئة إقليمية خشنة، فيها كثير من المتغيرات والتحديات، وبالتالي هذه من وقتٍ لآخر تقلب موازين أولويات الدولة الأردنية.

“شباب العمل الإسلامي”: نظام العمل الحزبي في الجامعات مخيب للامال

يذكر أن القطاع الشبابي لحزب جبهة العمل الإسلامي اعتبر صدور نظام العمل الحزبي في مؤسسات التعليم العالي وما تضمنه من بنود يشكل خيبة أمل كبيرة لما يمثله هذا النظام من تضييق على العمل الحزبي في الجامعات بدلاً من التشجيع عليه.

وأكد في بيانٍ صادرٍ عنه، وصل “البوصلة” نسخة منه: أنّ ما تضمنه نظام العمل الحزبي في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي، يُعتبر ردة حقيقية على مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، لِما يمثله من تضييق للعمل الحزبي، حيث ما تزال عقلية الوصاية على الطلبة مهيمنة لدى صانع القرار، الذي يجعل من عميد شؤون الطلبة وصياً مشرفاً على النشاط الحزبي على قاعدة التبعية والتحكم لا الشراكة الحقيقية، دون أيّ ضمانات حقيقية للحياد ، كما جاء في “المادة السادسة” من القانون التي يحق للعميد أن يُعدِل ما يراه مناسباً على إقامة الفعاليات الحزبية ، مما يؤثر على حرية الطالب.

ولفت إلى أن ما تضمنه نظام العمل الحزبي في الجامعات لا سيما في البند الرابع من هذا النظام من مصطلحات فضفاضة واشتراطات واسعة أي نشاط حزبي في الجامعات، ومنع إقامة العمل الحزبي في فترة الامتحانات وفي فترة انتخابات مجالس الطلبة وفي فترة تخريج الطلبة، ومنح العميد صلاحيات الموافقة على الأنشطة الحزبية في الجامعات أو رفضها و تعديل زمان ومكان أي نشاط منها أو وقفها دون معايير واضحة، يشكل تضييقاً على العمل الحزبي الطلابي في وقت يجب أن يقتصر فيه دور عمادة شؤون الطلبة على عملية التنسيق بين الأنشطة بعد اعلامهاً بها.

وأكد القطاع الشبابي على ضرورة البدء بخطوات حقيقية بدلاً من الالتفاف على مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية بتوفير البيئة المناسبة للطلبة بتعديل أنظمة التأديب في الجامعات التي تشكل سيفاً مسلطاً على العمل الطلابي وأن يتم إلزام الجامعات بإجراء إنتخابات اتحادات الطلبة، فلا يمكن الحديث عن العمل الحزبي في الجامعات ومعظم الجامعات الحكومية والخاصة لا يوجد بها اتحاد طلبة والتي يحب أن تتمتع باستقلالية كاملة ، ولا بد من إطلاق حرية العمل السياسي والحزبي للطلبة دون إعاقة أو تضييق .

وختم بالقول: إن هذا النظام بهذا الشكل عودة للوراء و يتناقض مع التوجيهات الملكية نحو الإصلاح السياسي وضرورة تشجيع الشباب على الانخراط في العمل الحزبي دون أي تضييق عليهم والدفع نحو حياة حزبية طلابية، مما يجعل من النظام المقترح أقل من طموح الشباب، ونخشى أن يتحول لأداة تقييد وضرب للقوى الطلابية بدلاً من تشجيعها، كما ندعو إلى توفير مناخ سياسي حقيقي بعيداً عن القبضة الأمنية التي ما زالت تتحكم في المشهد ، وتهيئة الأجواء للعمل الحزبي والسياسي الحقيقي.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: