نخب: “معركة المطاعيم” سببها أزمة الثقة ويجب محاربة الشائعات والجهل

نخب: “معركة المطاعيم” سببها أزمة الثقة ويجب محاربة الشائعات والجهل

عمّان – رائد صبيح

تتواصل “معركة المطاعيم” التي تقودها الحكومة لإقناع الأردنيين بتطعيم أبنائهم، وعدم الاستماع لـ “الشائعات” أو “مروجي الأكاذيب”، وذلك في سبيل الحفاظ على صحة المجتمع وسلامته من الأوبئة والأمراض الخطيرة وعلى رأسها الحصبة.

وكان لافتًا للمراقبين، المؤتمر الصحفي الذي عقدته الحكومة وما حشدت فيه من الطاقات الوزارية والخبرات الصحية والأخصائيين، سعيًا لإقناع المجتمع بخطورة ما يجري، وضرورة تطعيم أبنائهم دون الشعور بالخوف، أو الاستمرار في حالة “الهلع” غير المبررة التي أسهمت الشائعات بتفاقمها بين الأهالي خلال الايام الماضية.

وأكدت نخبٌ إعلامية أنّ الجزء الأهم في “معركة المطاعيم هذه هي “أزمة الثقة” التي بدأت منذ جائحة كورونا ولم تكن مشكلة داخلية فقط بل كانت أزمة خاضتها أغلب دول العالم لإقناع مواطنيهم بتلقي المطاعيم حفاظًا على سلامتهم.

بدوره، قال الإعلامي ياسر أبو هلالة في تدوينة له: “من حسن حظ الأردنيين أن وزير التربية الدكتور عزمي محافظة حاصل على زمالة في تخصص علم الفيروسات من جامعة ييل وهي واحدة من أرقى الجامعات العالمية، وهو عالم معلوم يضيع صوته في صخب الجهلة المجاهيل، أصحاب نظرية المؤامرة،  وهو ما يهدد حياة طلابنا الذين يرفضون أخذ لقاح الحصبة”.

وشدد أبو هلالة على أنّه يجب على الدولة أن تحمي المجتمع من “الجهلة القتلة”، بناء على قوانين الصحة والجرائم الإلكترونية، وغيرها.

ولفت إلى أنّ “المهادنة مع الجهل والتخلف غير مقبولة، منذ كنا أطفالا تلقينا اللقاحات دون اعتراض أو تشكيك من أحد، اليوم نشهد وقاحة غير مسبوقة بحق  العلم، والنظام الصحي الذي من المفترض أن تفرضه الدولة بالقوة، ان فشل الإقناع، #مطعوم_الحصبة_حياة”.

هل تنجح معركة الإقناع؟

أما الكاتب الصحفي عبدالله المجالي فقال في مقالته بصحيفة السبيل الأردنية إنّ الحكومة تخوض هذه الأيام معركة مطاعيم الحصبة، لافتًا إلى أنّ “الأمر احتاج إلى مؤتمر صحفي احتشد فيه عدة وزراء للحديث عن المطاعيم وأهميتها ومأمونيتها وخطر عدم تناول الأطفال لها”.

وتابع بالقول: الحكومة تخوض في هذا معركة إقناع المواطنين بضرورة ومأمونية المطاعيم ضد موجة تشكيك ورفض من قطاعات من الشعب.

وأضاف المجالي أنّ وزير الصحة أعلن أن الحكومة لم تفرض أخذ أي لقاح ولم تجعل أخذه أمرا إجباريا حتى في جائحة فيروس كورونا. وهو كلام يعوزه الدقة، فقد اتخذت الحكومة إجراءات كانت تؤدي في النهاية إلى إجبار المواطنين على أخذ لقاح كورونا دون اتخاذ قرار رسمي معلن بجعله إجباريا.

ولفت إلى أنّه بموازاة ذلك أعلن اليوم عن تحويل الحكومة جهتين إلى وحدة الجرائم الإلكترونية بتهمة نشر “أخبار كاذبة” ضد الحملة الوطنية للتطعيم التي أطلقتها وزارة الصحة، كما بدأت محكمة صلح جزاء عمان، النظر في ارتكاب جريمة إلكترونية حيث قام المشتكى عليهما في القضية بنشر تسجيل صوتي حول زلزال مدمر.

وقال المجالي: مع كل هذا فإن الإشاعات تتزايد وتنتشر، وهناك من يرفض أن يتلقى أطفاله المطاعيم بحجج عديدة، ربما ساهمت أنصاف المعلومات بتعزيزها.

وأضاف، قد تكون معركة المطاعيم وجها آخر لأزمة الثقة التي تعاني منها المؤسسات الرسمية، لكن مسألة المطاعيم بالذات لها امتدادات خارجية، فليس الأمر مقتصرا على الأردن، فحتى في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية هناك تيار يشكك في هذه المسائل، وهذا التيار يغذي قطاعا واسعا من السياسيين الشعبويين في تلك المناطق.

وأوضح بالقول: بمعنى آخر فالأزمة ليست خاصة في الأردن، بل هي أزمة ثقة بالنظام العالمي ومؤسساته خصوصا بعد الأرباح المليارية التي سجلتها شركات الأدوية العالمية من وراء لقاحات كورونا.

وشدد المجالي على أنّه ومع ذلك فإن ثقة المواطنين بمسؤوليهم وبمؤسساتهم لها الدور الأكبر في الانتصار بمعركة المطاعيم، ومن هنا تكمن صعوبة المعركة.

تفاعل إعلامي إيجابي

وتفاعل الإعلام المحلي بشكلٍ إيجابيٍ مع حملة التوعية والتثقيف وتوضيح الحقيقة للناس، عبر استضافة المسؤولين والخبراء وتشجيع المجتمع على تلقي المطاعيم حفاظًا على الصحّة العامة.

ملاحقات قضائية

أكد وزير الصحة الدكتور فراس الهواري تحويل جهتين من مطلقي الأخبار الكاذبة والإشاعات بشأن مطعوم الحصبة إلى وحدة الجرائم الإلكترونية. وشدد، خلال مؤتمر صحفي اليوم الاثنين، على أن الوزارة لن تتهاون في استخدام القانون ضد مطلقي الإشاعات، وتحتفظ الوزارة بحقوقها كاملة في ملاحقتهم.

كما  أكد مدير عام المؤسسة العامة للغذاء والدواء الدكتور نزار مهيدات أنه لن يدخل إلى المملكة أي دواء او مطعوم غير آمن قائلا: “أنا أردني غير مستورد.. ولن يدخل الأردن أي دواء او لقاح غير آمن”.

وأضاف، أن لدينا الكثير من الأدوية غير المسجلة لكنها مهمة ونستوردها، وكونها غير مسجلة لا يعني أنها غير آمنة.

وأشار إلى أن المطعوم mr آمن وتم استخدم اكثر من 3 ملايين جرعة منه في العام 2013، موضحا أن فائدة المطعوم أكثر من أضراره الجانبية، ولا يوجد أي سبب للخوف من المطعوم، مؤكدا “سأطعم اولادي”.

ويرى مراقبون أنّ الملاحقات القضائية لمروجي الشائعات قد تكون جزءًا من الحلّ، لكنّ المعركة الحقيقية للدولة اليوم هي في استرداد الثقة التي ستبقى فجوتها متسعة طالما لا يسود نهجٌ تواصليٌ مستمرٌ بين الدولة والمواطنين عماده الشفافية والحقيقة، وتفعيل قانون حق الحصول على المعلومة كسلاحٍ قويٍ وحقيقيٍ بيد الإعلام في وجه كل الشائعات.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: