هل بدأت معركة طحن العظام بين السيسي وأبناء مبارك؟

هل بدأت معركة طحن العظام بين السيسي وأبناء مبارك؟

هل بدأت معركة طحن العظام بين السيسي وأبناء مبارك؟

يبدو أن معركة طحن العظام العلنية قد بدأت بين رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، وعائلة الرئيس الراحل حسني مبارك، وذلك رغم هدوء حذر دام أكثر من 10 سنوات بين الجانبين.

السيسي، الذي كان يترأس المخابرات الحربية للجيش المصري، نهاية عهد حسني مبارك، في الوقت الذي شهدت فيه البلاد ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، صعد نجمه بقوة ليصبح وزيرا للدفاع، بينما تم إيداع مبارك ونجليه علاء وجمال السجن في العديد من قضايا الفساد والتربح إلى جانب اتهامات بقتل المتظاهرين.

ومع قيام السيسي، بانقلاب عسكري في 3 تموز/ يوليو 2013، ضد أول رئيس منتخب ديمقراطيا محمد مرسي، ووأد أول تجربة ديمقراطية يعيشها المصريون الذين خسروا نتائج ثورتهم بانقلاب السيسي، ظل الأخير محافظا على صورة عائلة مبارك، ولم يستدع أية معارك مباشرة معه.

“تصاعد السجال”

وخلال عهد السيسي، تت تبرئة مبارك وعائلته من قضايا “قتل المتظاهرين”، و”هدايا الأهرام”، و”الكسب غير المشروع”، و”القصور الرئاسية”، الوحيدة التي تمت إدانته بها، بالإضافة إلى قضية التلاعب بالبورصة التي تمت تبرئة نجليه علاء وجمال منها، بعهد السيسي.

بل إن السيسي، لم يصادر أملاك العائلة في الخارج رغم التقارير التي تحدثت عن وجود ملايين الدولارات والفرانكات السويسرية ببنوك أوروبا وسويسرا، التي أفرجت في نيسان/ أبريل 2022، عن 430 مليون دولار لعائلة مبارك ومقربين منه.

بل إنه وفي عهد السيسي، جرى تجميد أعمال لجنة استرداد الأموال من الخارج، وأودع مبارك مستشفى الجلاء لعائلات ضباط القوات المسلحة، فيما قام بتكريمه بعد وفاته بجنازة رسمية وعسكرية حضرها وكبار قادة الجيش والدولة، 25 شباط/ فبراير 2020.

ورغم المشاغبات الدائمة لعلاء مبارك النجل الأكبر للمخلوع عبر موقع “تويتر” سابقا و”إكس” حاليا، مع أنصار السيسي، وانتقاداته الدائمة للسياسات الاقتصادية والسياسية للحكومة، إلا أنه لم يحدث صدام مباشر، ولم يتخذ نظام السيسي أية قرارات بشأن أسرة مبارك، على غرار ما طال بعض رجال أعمال عهد مبارك من حبس ومصادرة أملاك.

لكن الظهور المتتالي لعلاء وشقيقه الأصغر جمال مبارك، في الكثير من المناسبات الاجتماعية من أفراح ومآتم، وفي مقابر الرؤساء السابقين لأبيهم، وظهور نادر خلال مقاهي شعبية، طالما استفز أنصار السيسي، وأذرعه الإعلامية، خاصة مع هتاف شعبي لجمال مبارك وسط القاهرة بـ”الرئيس”.

“صراع تعدى الكواليس”

الأيام الأخيرة شهدت تطورا يبدوا لافتا، أكده الأكاديمي المصري الأمريكي مأمون فندي، بقوله عبر موقع “إكس”، إن هناك موضوع على قدر من السرية بين نظام السيسي وعائلة مبارك، مبينا أنه “يعمل على قدم وساق ببعض العواصم الأوروبية”.

وأكد أن “التراشق مع علاء مبارك، هذه المرة ليس من النوع القديم أو المماحكة؛ بل مشروع جاد للاستيلاء على ممتلكات أبناء مبارك وخصوصا تلك التي بالخارج”.

وأضاف: “قد تم تكليف شركة محاماة، ومعها شركة استقصاء، لتحديد عقارات وممتلكات أخرى لأبناء مبارك في أوروبا، وتجميد تلك الأموال والأصول ونقلها إلى الدولة حال بيعها”.

وتوقع فندي، أن تشتد المعركة بين السيسي ونجلي مبارك، مؤكدا أن الجانب الأخير “لن يعدم الوسائل لحماية ممتلكاتهم”، قائلا إنه “ستظهر الأنياب في الأيام المقبلة وتتوارى جماعات الهلس، لتظهر الوجوه الحقيقية خلف هذه الكواليس”.

ونشبت معركة كلامية عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين أسرة الرئيس الراحل حسني مبارك، وبين محسوبين على نظام السيسي، حول من خرب مصر أكثر مبارك أم السيسي، ما اعتبره البعض تصفية حسابات بين الجانبين.

البداية جاءت بدفاع عمر علاء مبارك حفيد حسني مبارك عن سياسات جده ضد الانتقادات الموجهة له بأنه كان السبب في خراب مصر، حيث قام بكتابة عدة تدوينات عبر صفحته بـ”فيسبوك”، وبينها: “الله يرحم، كنا فين وبقينا فين”.

وخلال الذكرى الـ13 لثورة 25 يناير 2011، نشر مجموعة مقارنات بين سعر الدولار في عهد جده وسعر الدولار بعهد السيسي، وكذلك أسعار السلع في العهدين، موضحا الفارق الكبير بينهما.

وعرض عمر علاء مبارك إنفوغراف لتصاعد ديون مصر من 35 مليار دولار عام 2010، إلى 164.7 مليار دولار، وقال معلقا: “مبارك هو السبب”.

الأمر استدعى دخول النائب في البرلمان المصري لـ3 دورات متتالية ومؤسس حركة “تمرد” الموالي للسيسي، محمود بدر، الذي رد بعنف على حفيد مبارك، قائلا إن ما ينشره شماتة في مصر، ليستدعي أنصار النظام للرد وتوجيه الاتهامات لعائلة مبارك.

وختم رده بالمثل الشعبي الشهير: “طالما بيتك من إزاز (زجاج) متحدفش (لا ترمي) على الناس طوب”، في إشارة إلى قضايا الفساد التي اتهمت بها عائلة مبارك.

لينتقل السجال بين الشركاء السابقين في عالم المال والتجارة في عهد حسني مبارك، علاء مبارك، ورجل الأعمال الشهير حسن هيكل، نجل الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، الذين تبادلا الاتهامات حول من أفسد مصر ماليا وسياسيا هل حسني مبارك أم هيكل؟.

ووسط اتهامات وتساؤلات عن مصدر ثروة نجلي مبارك ببنوك سويسرا، ومنها 300 مليون دولار وديعة، رد علاء مبارك على اتهامات هيكل، مشيرا إلى تفنيد محامي عائلته لكل تلك الاتهامات.

“وصلهم الدور”

وفي تعليقه قال الكاتب الصحفي، قطب العربي: “حين يفلس التاجر يقلب في دفاتره القديمة عله يجد فيها ما ينقذ وضعه المالي المتدهور، وهذا ما يفعله السيسي حاليا، بعد انكشافه ماليا مع حلول آجال سداد أقساط ديون خارجية وفوائد تقدر بـ42 مليار دولار في 2024، وحده”.

وفي حديثه لـ”عربي21″، أضاف: “السيسي، يبذل الآن جهدا كبيرا لمواجهة الأزمة، منها مساعيه مع الدول الخليجية الدائنة لإعادة جدولة ديونها، وهو ما حدث بالفعل من بعضها”، مستدركا: “لكن ذلك لم يحل المشكلة”.

وأكد أن “النظام حاليا يفعل كل شئ مستخدما قوته العسكرية، وأجهزته الأمنية، وأذرعه الإعلامية، لتحصيل أي أموال تساعده في مواجهة أزمته، ومن ذلك مصادرة ممتلكات معارضيه السياسيين، وخاصة من الإسلاميين”.

وقال العربي: “والآن جاء الدور على أسرة مبارك التي تذكر النظام أن لديها ممتلكات في عواصم أوربية سكت عنها من قبل في ظل شهر عسل امتد لسنوات”.

ويعتقد أن “أسرة مبارك، تدرك أن العيون مفتوحة عليها، وعلى ممتلكاتها، ولذلك فقد رتبت أوراقها بحيث تحافظ على أموالها، وقد أشار علاء مبارك إلى أنه كلف محاميه لاتخاذ اللازم تجاه كل من حاول اتهامهم”.

“معركة الخبايا”

من جانبه أكد السياسي والحقوقي المصري عمرو عبدالهادي، أن “هذا السجال بدأ حين قام رئيس وزراء السيسي، (مصطفى مدبولي)، بفتح الموضوع، حين قال بمؤتمر صحفي إن ما تمر به مصر نتيجة 40 سنة بدون تخطيط”.

عبدالهادي، أوضح لـ”عربي21″، أنه “من هنا بدأ علاء مبارك، بالرد؛ ولكن النظام لم يعجبه رد نجل مبارك، الذي لم ينس تنكيل النظام بأخيه جمال، ومنعه من الترشح في انتخابات 2024، بمواجهة السيسي”.

ويرى أن “مرحلة طحن العظام بين السيسي وأبناء مبارك، بدأت منذ فترة كبيرة، وانتهت لمصلحة السيسي، حين خرج الصحفي الراحل ياسر رزق، واتهم على الملأ جمال مبارك بالتواصل مع جماعة الإخوان المسلمين”.

وبين أنه بعدها “جرى توقيف بعض رجال مبارك أمثال صلاح دياب ثم حسن راتب وغيرهما، حتى رضخ رجال مبارك بالكامل للسيسي”.

ويعتقد السياسي المصري، أن “المعركة الآن، دائرة في خبايا النظام وبعضها، وكل منهما يزايد على الآخر في الإخلاص للجيش المصري، لكن عقد البلد ينفرط للأبد، ولن تكون لهم ولا لغيرهم، فمصر مقبله على فوضى عارمة لن يجرؤ أحد على صدها”.

وعن معركة طحن العظام بين أبناء مبارك والسيسي، قال رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام “تكامل مصر”، الباحث مصطفى خضري: “المعركة لم تبدأ الآن فقط، بل بدأت منذ استيلاء السيسي على الحكم، ولكن أبناء مبارك كانوا ينتظرون الوقت المناسب للظهور على الساحة”.

وأوضح خضري، في حديثه لـ”عربي21″، أنهم “يعتبرون أنفسهم الأولى بالحكم من السيسي وأبنائه، خاصة وأنهم ما زالوا يتمتعون بشبكة علاقات قوية للغاية بالداخل والخارج، وما زال لرجالهم الكثير من القوة والسيطرة على دواليب الدولة العميقة، وكذا مازال الكثير من شركائهم بالأعمال الاقتصادية يديرون الاقتصاد”.

وأكد أن “فشل السيسي الاقتصادي والسياسي زاد من شعبيتهم داخل دوائر صنع القرار، وبدأت بعض الدوائر في دراسة فرص عودتهم للحكم”.

وحول ما أثاره مأمون فندي عن رصد السيسي لأموال عائلة مبارك، بالتزامن مع وضع النظام المأساوي اقتصاديا ووضع الاقتصاد المقبل على الإفلاس، قال خضري: “النظام الآن أشبه بالمفلس الذي يبحث في دفاتره القديمة، ولن يتوانى لحظة في تجريد أي شخص من ممتلكاته؛ إن استطاع”.

واستدرك: “لكن أبناء مبارك ليسوا لقمة سهلة، ليلتهمها السيسي، فأبناء مبارك لديهم شبكات أعمال دولية خاصة مع حكام الخليج؛ تتعدى قدرة السيسي على التهامهم”.

وعن الأوراق التي مازالت بيد عائلة مبارك، وقد تستخدمها لفضح السيسي، ووقف حملته عليها، يرى الباحث المصري أن “مبارك قد قضى ثلاثة عقود بحكم مصر، واعتمد على متخصصين بالسيطرة القذرة كأمثال صفوت الشريف، وقد ورث أبناؤه خزنة أسراره”.

وأكد أنه “ولذلك فلديهم ما يمكنهم المساومة به؛ لضمان أمنهم وأمن أموالهم، بل لديهم ما يمكنهم به الدخول مع السيسي في صراع تكسير عظام، ولن يخرج السيسي سالما في حال حصل ذلك”.

ويرى خضري، أن هناك إمكانية لاستعادة أبناء مبارك لدولتهم العميقة ومواجهة دولة السيسي واستغلال الظرف الاقتصادي الحالي والغضب الشعبي، قائلا: “هناك فرصة كبيرة لحدوث ذلك”.

وأضاف: “لكن النتيجة ليست محسومة، فكلا الطرفين محمل بأخطائه، وكلاهما لديه تاريخ قذر، وأعتقد أن هناك جهة سيادية داخل الدولة، تؤجج الصراع بينهما؛ ليضعف الطرفين، ويستولي طرف ثالث على الحكم”.

وأكد أن “هذه هي اللعبة الأذكى، فبدلا من دخول الطرف الجديد في صراع مع السيسي حتى يأخذ الحكم منه، ثم يدخل في صراع أخر مع أبناء مبارك الذين يعيشون حلم الرجوع للسلطة مرة أخرى؛ فإن تأجيج الصراع بين السيسي وأبنائه من جهة، وبين أبناء مبارك ورجالهم من جهة أخرى؛ سيضعف الطرفين ويجعل طريق الطرف الثالث ممهدا للوصول والاستقرار في الحكم”.

وعما تقوله استطلاعات الرأي عن الجبهتين، أكد الخبير في التحليل المعلوماتي وقياس الرأي العام، أنه “في آخر استطلاع للرأي أجراه (تكامل مصر)، قبيل الانتخابات الرئاسية نهاية 2023؛ كانت شعبية السيسي أقل من 2 بالمئة من المجتمع المصري”.

ويعتقد أنها “لم تتغير للأحسن، بل زادت سوءا؛ نتيجة الانهيار الاقتصادي الحاصل في مصر”.

أما عن شعبية أبناء مبارك، أوضح خضري، أنه “لا توجد إحصائية حديثة يمكن الاستناد إليها”، خاتما بقوله: “وإن كنت أظن أنها ستكون أفضل من شعبية السيسي بكثير؛ نتيجة الظروف الاقتصادية الحالية”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: