هل سيمتد إفلات الأسد من العقاب ليشمل تهريب المخدرات؟

هل سيمتد إفلات الأسد من العقاب ليشمل تهريب المخدرات؟

نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن إمكانية إفلات نظام الأسد من العقاب عن الجرائم التي ارتكبها، بما في ذلك إنتاج وتهريب مخدر الكبتاغون إلى الدول المجاورة، وسط سعي بعض الدول العربية إلى تطبيع العلاقات معه.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته “عربي21″، إن الأسد لم يُحاسب إلى اليوم على الجرائم التي ارتكبها ضد الإنسانية التي تشمل المذابح وحملات الاغتصاب الممنهج والاختفاء القسري.

وأضافت: “لقد نجح الديكتاتور السوري بالفعل في الالتفاف على العقوبات الدولية من خلال تطوير الإنتاج الصناعي لعقار الكبتاغون والتسويق المكثف له”.

وذكرت الصحيفة أن هذا المخدر يدرّ عائدات سنويّة بمليارات الدولارات ليصبح بذلك المصدر الرئيسي للعملة بالنسبة لنظام الأسد. ومع أن السعودية تمثل الوجهة الرئيسية لهذا المخدّر، حيث أصبح مشكلة صحية عامة خطيرة، تبدو الرياض الآن مستعدة لتطبيع علاقاتها مع دمشق بعد قطعها منذ سنة 2012 بسبب القمع العنيف للانتفاضة الشعبية في سوريا.

الكبتاغون المخدر ينتشر بالسعودية

أوضحت الصحيفة أن تصنيع الكبتاغون – المعروف أيضا بعقار الأمفيتامين – يعتمد على الفينثيلين وتعتبر تكلفة إنتاجه منخفضة وهو ما استفادت منه سوريا، التي تفتخر بصناعة الأدوية عالية الجودة. وقد اكتفى نظام الأسد بإعادة تدريب الصيادلة وخبراء صناعة الأدوية الذين أنهكتهم الحرب على تصنيع عقار الأمفيتامين وإنشاء شبكة من ورش التصنيع السريّة.

وأشارت الصحيفة إلى أن حماية هذه الورش السرية، التي تقع غالبًا في مناطق عسكرية مع تقييد الوصول إليها، من مسؤولية الفرقة الرابعة بقيادة اللواء ماهر الأسد (وهو الشقيق الأصغر للرئيس السوري)، وهي نفس القوات التي تشرف على حماية القوافل المحملة بالمخدرات إلى لبنان، حيث يكمل شركاء مرتبطون بحزب الله مهمة الحماية، أو إلى الأردن.

وحتى إذا دخل جزء كبير من شحنات الكبتاغون إلى لبنان والأردن، فإن الوجهة النهائية تظل السعودية حيث يحظى العقار بشعبية كبيرة بين صفوف أبناء الطبقة الوسطى في المدن السعودية في ظل عدم توفر الكحول سوى لنخبة محمية إلى حد ما.

ويُطلق على الكبتاغون الذي يحتوي على أكبر نسبة من الأمفيتامينات والذي يكون أغلى ثمناً لقب “محمد بن سلمان” في إشارة إلى ولي عهد المملكة والحاكم الفعلي للبلاد في ظل تدهور صحة والده الملك سلمان.

وفي ربيع سنة 2021، فرضت الرياض حظرًا على الواردات الزراعية من لبنان بعد تكرر اكتشاف الكبتاغون في شحنات من الفاكهة أو الخضار.

مناورة دبلوماسية

ذكرت الصحيفة أنه بعد اتهام الدكتاتورية السورية بالسيطرة على 80 بالمئة من حركة الكبتاغون العالمية، سنّت واشنطن في كانون الأول/ ديسمبر 2022 قانونًا لمكافحة إنتاج نظام الأسد للمخدرات. وتطبيقا لهذا القانون، استهدفت الحزمة الأولى من العقوبات بشار وماهر الأسد، بالإضافة إلى سامر وبديع الأسد (أبناء عمومة الأسد)، والصديق المقرب لماهر الأسد رجل الأعمال خالد قدور المسؤول عن إدارة وتبييض العائدات الهائلة للكبتاغون.

شملت هذه العقوبات أيضًا اثنين من مهربي المخدرات اللبنانيين المرتبطين بحزب الله، هما نوح زعيتر وحسن دكو (الملقب بـ “ملك الكبتاغون”).

وقد انضمت لندن إلى حملة العقوبات ضد نظام الأسد المشتبه في تحقيقه لأرباح “تعادل ثلاثة أضعاف عائدات العصابات المكسيكية مجتمعةً”. وتضم القائمة البريطانية للعقوبات عدة مواطنين سوريين من بينهم اثنان من قادة الميليشيات الموالية للأسد من جنوب سوريا معروفان بتهريب الكبتاغون عبر الأردن.

وأضافت الصحيفة أن إدارة بايدن ترغب بهذه السلسلة من العقوبات في إعاقة ديناميكية التطبيع التي أطلقتها بكين مؤخرًا من خلال وساطتها الناجحة بين إيران والسعودية.

ويبدو أن محمد بن سلمان منفتح الآن على المصالحة مع بشار الأسد، الذي أدى الشهر الماضي زيارته الثانية خلال سنة إلى الإمارات العربية المتحدة. ولا شك أن الأمير السعودي يأمل في الظهور كزعيم ساهم في توحيد العالم العربي بمبادرته في قمة جامعة الدول العربية المقبلة المقرر عقدها في الرياض في أيار/ مايو، علما بأن الأسد استُبعد من القمة العربية السابقة في الجزائر.

وللحد من تهريب الكبتاغون، يراهن المسؤولون السعوديون على مناقشة المسألة مع نظام الأسد بدلاً من نبذه. ولكن هذا الرهان في تعارض تام مع نهج العقوبات الذي تروّج له كل من واشنطن ولندن. وفي الأثناء، لا يسع بشار الأسد إلا أن يفرح بهذه التناقضات ويراهن بدوره على تآكل “الطوق الصحي” الذي يحاصره.

وترى الصحيفة أنه من غير المستغرب أن يتفاخر الآن من شجع الإرهاب ومارسه مدعيًا أنه الحصن الوحيد ضد الإرهاب نفسه بوقف تجارة المخدرات التي يعتبر هو قائدها الرئيسي. ومن هذا المنطق، الأمر الوحيد المؤكد بالنسبة للأسد هو أن الجرائم التي ارتكبها كانت مجزية.

(عربي٢١)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: