تأجيل حل الأزمة الصحية في الأردن يكشف حجم مشكلة القطاع

تأجيل حل الأزمة الصحية في الأردن يكشف حجم مشكلة القطاع

البوصلة – محمد سعد

ما زال قرار نقابة الأطباء الأردنيين “المؤجل” بوقف معالجة مرضى شركات التأمين يلقى تفاعلاً في الشارع الأردني وسط مطالبات بوضع حد لحالات تهديد الأمن الصحي في المملكة، سيما وأن مئات آلاف الأردنيين يتلقون العلاج من خلال تلك العقود.

ورغم أن وزارة الصحة نجحت بالضغط على نقابة الأطباء بتأجيل قرارها الذي كان من المتوقع تطبيقه اعتبارا من أيلول المقبل، إلى حين دراسة مطالبها وخاصة ما يتعلق بملف رفع لائحة الأجور الطبية، إلا أن مراقبين يرون أن ذلك ليس إلا ترحيلا مؤقتا لأزمة كبيرة تلوح بالأفق تهدد الأمن الصحي وسط رفض عام لزيادة الأجور الطبية وتحميل المواطنين مزيدا من الأعباء.

 الحملة الوطنية من أجل العدالة في الرعاية الصحية “صحتنا حق” قالت إن النزاع بين نقابة الأطباء وشركات التأمين “كشف عن عمق الأزمة التي تعاني منها المنظومة الصحية، ودرجة عجز السياسات الصحية، وتردي الخدمات المقدمة”.

واكدت الحملة في بيان لها وصل “البوصلة“، الاثنين، “أن الأزمة كشفت حجم الإختلالات التي تعاني منها منظومة الرعاية الصحية في الأردن أمام الرأي العام، ومدى الظلم الذي يلحق بملايين المواطنين الأردنيين جراء حرمانهم من الحصول على رعاية صحية عادلة”.

واعتبرت الحملة التي أطلقتها مجموعة من القوى والفعاليات والشخصيات الفاعلة في القطاع الطبي، أن “تراجع دور الدولة في القطاع العام وخاصة في قطاعي الصحة والتعليم، امتثالاً لإملاءات المؤسسات المالية الدولية، وخاصة صندوق النقد الدولي، أدت إلى تحولات تنكسية كبيرة في مشهد الرعاية الصحية وجودتها في القطاع الصحي العام، كما عملت على تضخم القطاع الخاص وطغيان نظام صحي يحركه السوق والربح ومراكمة الفوائد التجارية”.

بالمقابل اعتبر البيان، أن “معظم شركات التأمين ليست سوى إمتداد وأذرع لشركات تأمين أجنبية، تمثل رأس المال المالي الطفيلي، وتشكل جزءا مكونا من تحالف السلطة ومراكز الضغط المؤثرة”.

وقال، “يظهر جلياً تغول شركات التأمين على المريض برفع رسوم الاشتراك، وعلى الطبيب بالمماطلة في تسديد مستحقاته وتخفيضها لمستويات تجعل من استمرار تعاقده معها غير ذو جدوى”.

وأقر البيان أن الصندوق التعاوني للأطباء، يشكل ركيزة في نضال نقابة الأطباء في سعيها لتحصيل حقوق عضويتها من شركات التأمين، دون أن يترتب على ذلك أي زيادة في أقساط الاشتراك على المواطنين.

وتضغط نقابة الأطباء بقوة لتمرير لائحة الأجور الطبية التي تشتمل على زيادة كبيرة على كلفة معالجة المرضى وهو ما ترفضه الجهات المختصة والنقابات الأخرى وشركات التأمين.

واعتبر مراقبون أن الاتفاق يمهد الطرق لرفع الأجور الطبية التي تطالب بها نقابة الأطباء منذ عدة سنوات. وكانت نقابة الأطباء قد قررت وقف التعامل مع شركات التأمين اعتبارا من الثاني من أيلول المقبل باستثناء الحالات الطارئة ومرضى السرطان والفشل الكلوي.

من جهته قال وزير الصحة فراس الهواري، إن نسبة المشمولين في التأمين الصحي (من قطاع عام وخاص وقوات مسلحة) وصلت إلى قرابة 72% من الأردنيين، وهذه النسبة متقاربة مع ما جاء في بيان “صحتنا حق” الذي بينَ أن أكثر من 30% من المواطنين دون تأمين صحي .

وأشار الوزير في تصريحات صحفية امس الاحد، إلى أن الوزارة تعمل على تحقيق التزام الأردن في الوصول إلى تغطية صحية شاملة بحلول العام 2030، موضحا أن تحقيق هذا الالتزام يتم بموجب خطوات مهمة تبدأ بمشروع يحدد حزما مختلفة لمنافع التأمين الصحي، وتحديد تسعيرة هذه الحزم.

ورجح الانتهاء من مشروع هذه الحزم نهاية العام الحالي، مشيرا إلى أن المشروع ينفذ بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.


ويذكر ان نقابة الأطباء أرجعت قرارها الى عدم اعتماد والتزام شركات التأمين بلائحة الأجور 2021 في علاج المرضى المؤمنين والتأخر في السداد وعدم التعاون لإنفاذ قانون الصندوق التعاوني. الاتحاد الأردني لشركات التأمين أكد ضرورة تدخل الحكومة ووزارة الصناعة والتجارة بشكل فوري وحازم لمنع نقابة الأطباء من التغول بالأسعار على القطاعات الأخرى والمواطن بشكل أساسي، والتي تخالف قانون المنافسة الذي يجرم الاتفاقات الجماعية. وشدد الاتحاد على جاهزية الأطراف المعنية للحوار المفتوح مع نقابة الأطباء وتفعيل لجنة دافعي الفاتورة العلاجية مع التأكيد على تحسين الوضع المالي للأطباء.

نص البيان الكامل لحملة “صحتنا حق”:

كشف النزاع بين نقابة الأطباء وشركات التأمين عن عمق الأزمة التي تعاني منها المنظومة الصحية، ودرجة عجز السياسات الصحية، وتردي الخدمات المقدمة، وبالرغم من الهدنة التي أبرمت بالاعلان عن تشكيل لجنة برئاسة أمين عام وزارة الصحة للشؤن الإدارية لوضع توصيات حول آليات تطبيق نظام الصندوق التعاوني للأطباء، ومراجعة لائحة أجور الأطباء، وموافقة النقابة على تأجيل قرارها إلى موعد أقصاه 2 كانون الأول المقبل، إلا أنها أكدت الأبعاد التالية:

  • الموضوع أكبر من مجرد نزاعات مالية بين نقابة الأطباء وشركات التأمين، إذ كشفت الأزمة حجم الإختلالات التي تعاني منها منظومة الرعاية الصحية في الأردن أمام الرأي العام، ومدى الظلم الذي يلحق بملايين المواطنين الأردنيين جراء حرمانهم من الحصول على رعاية صحية عادلة وذات جودة نوعية منصفة.
  • أن تهرب الحكومات من مسؤوليتها في ضمان تأمين حق المواطن بالحصول على الرعاية الصحية اللائقة التي تضمنها مجموعة المواثيق الدولية والعهد الدولي لحقوق الإنسان، والتي وقعت عليها والتزمت بها الحكومات الأردنية.. يعكس تقاعس الحكومة وسابقاتها عن القيام بواجبها تجاه تأمين الرعاية الصحية، وتركها مؤسسات المجتمع المدني تتصارع فيما بينها.
  • أدت سياسات الإمعان في نهج الخصخصة، وتراجع دور الدولة في القطاع العام وخاصة في قطاعي الصحة والتعليم، امتثالاً لإملاءات المؤسسات المالية الدولية، وخاصة صندوق النقد الدولي، إلى تحولات تنكسية كبيرة في مشهد الرعاية الصحية وجودتها في القطاع الصحي العام، كما عملت على تضخم القطاع الخاص وطغيان نظام صحي يحركه السوق والربح ومراكمة الفوائد التجارية.
  • الاستبدال التدريجي والمتصاعد للكادر الطبي المعين والثابت، بنظام شراء الخدمات (وهو مسمى مخفف لحقيقة عقد جوهره “عقد عمل مياومة”)، يترتب عليه حرمان القائمين بهذا العمل من العديد من الحقوق، وتراجع في نوعية الخدمات المقدمة.
  • مهما كانت التفاهمات التي ستنتج عن الحوارات داخل اللجنة المشكلة، يجب أن لا يغيب عن أعيننا لساعة واحدة، بأن معظم شركات التأمين ليست سوى إمتداد وأذرع لشركات تأمين أجنبية، تمثل رأس المال المالي الطفيلي، وتشكل جزءا مكونا من تحالف السلطة ومراكز الضغط المؤثرة، وعلينا العمل بوعي ويقظة، بأن لا ينعكس أي أتفاق بشكل سلبي على قدرة وصحة المواطنين، وقيمة أقساط التأمين، وحجم التغطية المتوفرة، ونوعية الخدمة الضرورية، وحقوق الإنسان الصحية غير قابلة للتفاوض.
  • يظهر جلياً تغول شركات التأمين على المريض برفع رسوم الاشتراك، وعلى الطبيب بالمماطلة في تسديد مستحقاته وتخفيضها لمستويات تجعل من استمرار تعاقده معها غير ذو جدوى.
  • الإقرار بأن الصندوق التعاوني للأطباء، يشكل ركيزة في نضال نقابة الأطباء في سعيها لتحصيل حقوق عضويتها من شركات التأمين، دون أن يترتب على ذلك أي زيادة في أقساط الاشتراك على المواطنين.
  • تؤكد “صحتنا حق” بأن النزاع بين شركات التأمين ونقابة الأطباء، يجب أن يشكل فرصة لمراجعة تفاصيل هذا المشهد وتحدياته ودينامياته المتمثلة ب:

1_ تعدد أنظمة التأمين الصحي، وتفاوت نوعية ما تقدمه من خدمات، وتكريس السمة التمييزية بين الفئات المختلفة في حقوقها بتلقي الرعاية الصحية..

2_ عدم تمتع كافة المواطنين بالتأمين الصحي الشامل، فقرابة 31% من المواطنين لا يتمتعون بأي نوع من أنواع التأمين الصحي، ما يعني وجود أكثر من مليوني مواطن بدون تأمين صحي.

3_ قصور التخطيط الإستراتيجي في القطاع الصحي، والعجز في الإدارة والتوظيف والتأهيل والتدريب المستمر للموارد البشرية المتوفرة من كافة المهن الطبية والمساندة .

4_ هذه الأزمة يجب ان تحفز النقابة على القيام بواجبها والاهتمام بشأن السياسات الصحية والتأكيد على ضرورة الارتقاء بجودة الخدمات الصحية المقدمة في القطاع العام، والتصدي لسياسات الخصخصة.

5_ أهمية تطبيق مبدأ “التأمين الصحي الشامل” كحل لمعظم المشاكل والتحديات التي يواجهها النظام الصحي.

6_بات لزاما على الحكومة إعادة التفكير في منهجية تعاملها مع الحق في الصحة، كحق دستوري، فهي ملزمة باحترامه والالتزام به، واتخاذ التدابير لإنفاذه وإجراء تعديل دستوري واضح بأن الصحة هي حق وواجب على الدولة توفيره للمواطن بعدالة وجودة.

7_ بتنا أمام حاجة ماسة لإجراء نقلة نوعية، تعيد إلى الدولة تحديد دورها، ليس كطرف ثانوي ووسيط، وإنما كمخطط وشريك ومقرر أساسي وضامن للحق في الرعاية الصحية..

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: