مستوطنة “معاليه أدوميم” في القدس.. نظرة من الداخل

مستوطنة “معاليه أدوميم” في القدس.. نظرة من الداخل

تعتبر “معاليه أدوميم” واحدة من كبرى مستوطنات الاحتلال الإسرائيلية بالضفة الغربية، وأكثرها توسعا منذ تأسيسها في العام 1975 شرق مدينة القدس الحتلة.

حاليا، وصل عدد سكان المستوطنة إلى 40 ألفا، يستوطنون أرضا مساحتها 30 ألف دونم (30 كيلو متر مربع)، بحسب خليل التفكجي، مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية، متحدثا لوكالة الأناضول.

وفي أحاديث منفصلة للأناضول من المستوطنين في هذه المستوطنة، فإن انتقالهم لها على مدى السنوات الماضية، هو خليط من الأفكار الأيديولوجية والامتيازات الاقتصادية.

وكغيرهم من المستوطنين بالمستوطنات الأخرى، بالضفة الغربية، يقول سكان “معاليه أدوميم” إن الضفة الغربية هي “أرض إسرائيل”.

وقال ديفيد هيفري، المرشد السياحي من أصل أمريكي “من وجهة نظر إلهية، فإن يهودا والسامرة (التسمية الإسرائيلية للضفة الغربية) هي جزء من أرض إسرائيل”.

وفي السنوات الأخيرة، صدرت الكثير من الدعوات من قبل قادة المستوطنين، لضم هذه المستوطنة إلى إسرائيل.

وقال “هذه الأرض يجب أن تكون تحت السيادة وجزءا من دولة إسرائيل”.

وأضاف هيفري “كان من المهم بالنسبة لي أن أعيش في هذه المنطقة، من أجل زيادة عدد السكان الإسرائيليين بهدف خلق حقائق على الأرض، كي تضم إسرائيل هذه المنطقة إلى دولة إسرائيل في المستقبل”.

وقال عيدان زندي، (يعمل بستانيا) “هذه أرض إسرائيل..اسمع، بالنسبة للفلسطينيين فإن هناك الكثير من الأراضي التي يمكنهم العيش فيها، هناك الأردن والعراق ولبنان وسوريا ومصر”.

وأضاف “بالنسبة لنا، فإن هناك أرض واحدة، في كل العالم الكبير لدينا فقط أرض واحدة، فقط إسرائيل”.

وبنبرة عنصرية، تابع زندي قائلا “بدوننا، كانوا (الفلسطينيين) سيعيشون على الحمير والخيول، هذا هو مكاننا وإذا ما نظرت إلى التاريخ، افتح التوراة، واقرأ أي كتاب تريد، ستجد ان إسرائيل تواجدت هنا قبل سنوات طويلة من الفلسطينيين”.

وتقول المستوطنة مارين تاكسيني، (تعمل محاسبة) “لا اعتقد أن هذه أرض محتلة، أعتقد أن هذه أرض محررة وأعتقد أنها جزء من دولة إسرائيل بدون أدنى شك”.

أما اليعزر إندي، (طبيب أسنان)، فقال “إنها جزء من أرض إسرائيل”.

وردا على سؤال: “كل الضفة الغربية؟”.

أجاب: “نعم، إنها جزء من إسرائيل”.

ووجهت “الأناضول” للمستوطن، سؤال آخر: “إذن أنت تعتقد أنه لا توجد أرض فلسطينية؟

أجاب: “أعتقد ذلك”.

بدورها، قالت أستير، وهي إسرائيلية من أصل أوكراني “كما تقول التوراة، فإن الله أعطانا هذه الأرض، وأمرنا الله بأن نبقى هنا، نحن هنا لأن الله أمرنا بذلك”.

وحسب مشاهدة مراسل وكالة الأناضول، يحرص الغالبية العظمى من المستوطنين، على حمل أسلحتهم الشخصية أثناء تنقلهم.

وكتلة “معاليه أدوميم” هي واحدة من 3 كتل استيطانية كبرى بالضفة الغربية، بما فيها أيضا “أرئيل” في شمالي الضفة الغربية و”غوش عتصيون” في جنوبي الضفة.

وتقول جماعات الوسط واليسار في إسرائيل، إنه يجب الاكتفاء بضم هذه الكتل إلى إسرائيل، أما جماعات اليمين، المهيمنة على المشهد السياسي الإسرائيلي، فإنها تدعو الى تضم جميع المستوطنات.

واستنادا الى حركة “السلام الآن” الإسرائيلية، الرائدة في رصد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، فإن 441 ألف مستوطن يقيمون في 132 مستوطنة دائمة و135 بؤرة استيطانية عشوائية بالضفة الغربية.

ولا يشمل هذا الرقم أكثر من 225 ألف مستوطن يعيشون في 18 مستوطنة دائمة بالقدس الشرقية.

وتتركز المستوطنات في المنطقة المصنفة “ج” بالضفة الغربية والتي تشكل أكثر من 60% من مساحة الأرض.

ويعتبر المستوطنون الإسرائيليون وقودا لجماعات اليمين في صناديق الاقتراع الإسرائيلية.

وخلال السنوات الأخيرة ازدادت بشكل ملحوظ قوة هذه الأحزاب مع تكرار الانتخابات.

ويوم الثلاثاء المقبل، ستجري انتخابات عامة إسرائيلية هي الرابعة في غضون عامين فقط.

وقبل سنوات، أعلنت إسرائيل عن خطة كبيرة لتوسيع مستوطنة “معاليه أدوميم” على 12 دونما إضافية من الأراضي الفلسطينية المحيطة.

وأطلقت إسرائيل على الخطة اسم “إي واحد” أي البوابة الشرقية لتشمل آلاف الوحدات الاستيطانية والفنادق والمناطق الصناعية.

وحذر الفلسطينيون والاتحاد الأوروبي، والعديد من الدول في العالم من أنه سيكون من شأن تنفيذ هذا المخطط، القضاء على مبدأ “حل الدولتين”، القاضي بإقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة إسرائيل.

ويقول الخبير الفلسطيني خليل التفكجي إن “تنفيذ هذا المخطط يعني تقسيم الضفة الغربية إلى قسمين شمالي وجنوبي، وعزل القدس الشرقية نهائيا، عن محيطها الفلسطيني، بما يعني منع إقامة عاصمة فلسطينية بالقدس الشرقية”.

وما زال هذا المخطط على جدول أعمال الحكومة الإسرائيلية، وهو يحظى بالدعم من قبل المستوطنين في “معاليه أدوميم”.

وسيكون من شأن تنفيذ هذا المخطط ضم “معاليه أدوميم” إلى إسرائيل.

**دوافع اقتصادية

وفي مقابل الدوافع “الدينية والقومية”، التي يبرر فيها المستوطنون اختيارهم السكن هنا، يبدو أن هناك أسبابا اقتصادية وراء هذا الخيار.

وتعتبر المساكن في المستوطنات، أقل تكلفة بكثير، منها في إسرائيل.

وفي هذا الصدد، قال يوسي، (يعمل مدرسا ورفض الكشف عن اسمه الكامل) إن “السبب الحقيقي هو اقتصادي، فشراء الشقق هنا أقل كلفة بكثير من مناطق أخرى، ربما أقل بنسبة 30%”.

وأضاف “قبل سنوات عديدة، كانت هناك امتيازات ولكن تم وقفها”.

وفي تقرير صدر حديثا، قال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الانسان في الأراضي المحتلة “بتسيلم” إن الدّولة “تشجع اليهود على الانتقال للسّكن في المستوطنات وإقامة وتطوير مبادرات اقتصاديّة فيها وفي محيطها”.

وأضاف في التقرير، الذي وصل الأناضول نسخة منه “تقدّم الدّولة عبر قنوات رسميّة وغير رسميّة الكثير من الامتيازات والمحفّزات للمستوطنين ومستوطناتهم وهذا الجانب يتناوله التقرير بتوسّع”.

وتابع “الامتيازات الكبيرة في مجال الإسكان هي التي تمكّن حتى من يعدمون الإمكانيّات الماليّة الكافية من شراء منزل في المستوطنات والانتقال للسّكن هناك”.

وأشار إلى أنه “تعدّ هذه الامتيازات من عوامل سُرعة تزايُد السكّان في مستوطنات اليهود الأرثوذكس الكبيرة في الضفة الغربيّة”.

وقال “إضافة إلى ذلك، هناك نحو ثلاثين مستوطنة، بعضها متينة اقتصادياً، يحصل سكّانها على امتيازات ضريبيّة كبيرة تصل إلى 200 ألف شيكل (أكثر من 60 ألف دولار) سنويّاً لكلّ مكلّف”.

وتترامى مستوطنة “معاليه أدوميم” على مساحة كبيرة من الأراضي، فيما يعاني الفلسطينيون في بلدة العيزرية المجاورة من الاكتظاظ السكاني بسبب قلة الأراضي.

وفي الوقت الذي تقدم فيه إسرائيل الدعم الكبير للمستوطنين، تمنع الفلسطينيين من البناء على أراضيهم، وتهدم أي منزل يٌشيد بدون “تصريح”، يعتبر الحصول عليه “شبه مستحيل”.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: