بينما يتهاوى سقف الأنظمة العربية تجاه فلسطين والقدس، وتهرول نحو التطبيع العلني لعله يخرجها من أزماتها المستفحلة، يقف الفلسطيني في تلك الدول أمام خيار صعب؛
هل يتصدر الموقف المعارض للتطبيع؟ وهل سيتمكن من تغيير الموقف من التطبيع إن فعل أو حتى أن يؤثر عليه؟ أم هو مرشح لأن يكون أول الضحايا وهو دوماً الحلقة الأضعف في نظر النظام الرسمي العربي بشتى أنواعه؟ هل هي مهمته أن يجابه التطبيع الرسمي العربي أم هي مهمة تلك الشعوب التي ما تزال الحرب مستمرة لطمس إرادتها وإجهاضها؟ أليس ارتباطها بفلسطين هو عنوان مركزي من عناوين تلك الإرادة؟ وما دوره هو تجاه تلك المهمة إذن؛ هل يكون جزءاً من تحقيقها أم يقودها أم يؤيدها ويتعاطف معها بصمت؟
فإن لم يفعل فما هي خياراته؟ هل يواصل حياته بلا مبالاة وهو يرى طموحاته وآماله بالتحرير والعودة تطعن وتطمس بيد القريب قبل البعيد؟ أم يسعى لأن يكون إلى جانب إخوانه في الداخل للوصول إلى مواجهة ناجعة في القلب، تضرب رأس الأفعى وتنتج موازين قوىً جديدة؟
لعل العودة إلى التجربة التاريخية تفيدنا في البحث عن جواب لهذا السؤال المتجدد، فكبرى حركات المقاومة نشأت من رحم تيارات إصلاحية كانت ترى في إصلاح المحيط العربي وتوحيده مقدمة ضرورية لتحرير فلسطين، فاضطرت تلك الحركات إلى أن تقلب مقولات التيارات الأم أو أن تتحايل عليها؛ لتصل إلى أن مواجهة المستعمر الصهيوني متطلب سابق للإصلاح والوحدة، وأن دور الفلسطيني هو أن يحافظ على جذوة المقاومة مستمرة إلى أن تحين لحظة التحرير.
(البوصلة)