مكالمة هاتفية ولقاء سري -كما يزعمون- جرى في عمان، وموافقة على بيع كميات من المياه. هذه المؤشرات تعتبرها وسائل إعلام عبرية كافية لتذويب الجليد في العلاقات بين الحكومة الأردنية والجانب الصهيوني، فهل هي كذلك فعلا؟
أولًا: لا بد من الإشارة هنا إلى أن الغالبية العظمى من الشعب الأردني بكل مكوناته وأصوله ومنابته باتت لديها قناعة راسخة بأن العدو الصهيوني خطر على الأردن تماما كما هو خطر على فلسطين، وباتت لديه قناعة أن معاهدة وادي عربة ما هي إلا مجرد ورقات بالنسبة لذلك العدو سيدوسها عندما تحين اللحظة المناسبة.
ثانيًا: إن تدهور العلاقات بين الحكومة والحكومة الصهيونية قد يكون عنوانه الأبرز هو الإرهابي نتنياهو، لكن ذلك مجرد قشرة، فليس غرور ذلك النتن وعنجهيته هي السبب، بل سياسته المتعنتة في المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس وحي الشيخ جراح وسلوان، وسياسة هدم المنازل والتهجير، وسياسته الاستيطانية، وسياسته بالتنكيل بالشعب الفلسطيني.
ثالثًا: إن سياسة نتنياهو لا زالت مستمرة، ولا يعني تغيير الوجوه واللهجة لديهم أن السياسات تغيرت؛ فقد أعلنت حكومة المتطرف نفتالي بينيت أنها ماضية في سياسة الاستيطان في القدس والضفة الغربية، بل صادقت على عدد من المشاريع الاستيطانية. السياسات الاستفزازية في المسجد الأقصى لا زالت مستمرة، فالاقتحامات تحت حماية جنود الاحتلال، واعتقال المرابطين والمرابطات وحراس المسجد الأقصى لا زالت مستمرة.
سياسية هدم البيوت والتهجير لا زالت مستمرة، جرح حي الشيخ جراح وحي البستان في سلوان بالقدس المحتلة لا زال نازفًا، وسياسة التنكيل بالفلسطينيين هي هي لم تتغير.
حفلت الصحافة العبرية أمس واليوم بمقالات وتحليلات حول مؤشرات عودة الحرارة للعلاقات مع الحكومة الأردنية، ولعل أبلغ مؤشر استندوا إليه هو موافقة الاحتلال على بيع الأردن كميات من المياه، فهل يمكن لشربة ميْ أن تذيب كل الجمود وتزيل كل الصخور؟!!
ملف المياه ملف منفصل تمامًا عن أساس العلاقات بين الحكومة والحكومة الصهيونية، فهي مجرد صفقة تجارية، مدفوعة الثمن بالكامل، وإن كانت قطاعات من الشعب ترفض هذه الصفقة، إلا أنها يجب أن تبقى في إطارها التجاري، وأن لا يكون لها أي انعكاسات سياسية أو تنازل في المواقف المعلنة، أو محاولات لتسويق وتلميع حكومة الإرهاب الجديدة.
السبيل