مهنا الحبيل
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

ألا تكفي فلسطين لوحدة الموقف الفكري؟

مهنا الحبيل
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

من الرسائل الإيجابية المهمة لجولة الكفاح الفلسطيني الحالية، وهذه الهبّة المشتركة لمواجهة الخطة الصهيونية المركزية، لتفريغ القدس من محيطها الاجتماعي ونزع قوى الرباط الشعبي، والتي شملت فلسطين 48، وباتت غزة تحت قصف العدو لأجلها بعد دخول المقاومة، هذه الروح العربية العائدة، نحو استشعار عمق القضية الفلسطينية، ليس في قلوبنا ومهجنا وضميرنا العربي والإسلامي وحسب، ولكن لكونه بالفعل ترمومتر المستقبل العربي. المستقبل الذي تُعاد تصفية حقوق إنسانه وسلب كرامته، في ثنائية المستبد المتواطئ مع الحركة الصهيونية، أو في رهنٍ جديد لحسابات الغرب الإمبريالي. وقد كان هذا الطرح يُحتج به من أنظمة البغي والإرهاب الثورية المتعددة، التي صاغت خطاباً مضللاً للشعوب، باسم القومية العربية والقضية المركزية، فضُيّعت القضية وسرقت حرية الشعوب وكرامتها وخبزها باسمهم.

غير أن الميثاق الفكري الجديد للعلاقة بين فلسطين وعمقها العربي هي مساحة الحرية، وحيث تتقدّم لهم آمال النهضة، فقد كان مشهوداً للجميع واقع الكيان الصهيوني ومخاوفه وارتجافه، إبّان حركة الربيع العربي، وقد تنفّس الصُعداء بعد الالتفاف على آمال الربيع ونقضه عبر حروبٍ دمويةٍ عسكرية، سعت فيها أطراف داخلية وخارجية، لنقض الاستقرار العربي، بأسوأ مما كان عليه. والغرض معاقبة التفكير الحر في الوطن العربي، وتأديب الشباب الذين استشهد بعضهم وسجن آخرون، وهُجّرت شعوب وصُبت مآس عليهم، لا لشيء إلا لأنهم فكّروا بروح الإنسان الحر الذي يستحق وطناً أفضل، فالتقت الصهيونية مجدّداً مع الثورة المضادّة، لأنها تدرك أن حرية الفرد في أي قطر عربي تعني أن مساحة التعبير والضغط والتأثير تزداد لصالح فلسطين، وكما تَصبّ في صالح وطنه القُطري فهي تسند شقيقه في الأرض المحتلة، حيث احتلال يتقاطع مع احتلال الفرد وكرامة الذات التي تهيمن على أرضنا العربية. فلو كانت دمشق اليوم تحكم من إرادة ديمقراطية، لتحول الجولان إلى جبهة ضد العدو، ليس بالضرورة في اشتباكٍ حربي، ولكن في فوج من الدعم تُسابق به دمشق حلب وحماة. ومصداق هذا الأمر اليوم نراه في وحدة المفهوم الثوري وهتاف المقدسيين لثورة سورية الذي عاد ليجمع آمال الحرية بين القدس ودمشق. ولو كان للعراق بعد الاحتلال أي مساحة للمشاركة المدنية الحرة التي تجمع شباب العراق العربي من الطائفتين، وكان لحراكهم حضوره في برلمان منتخب حقيقي، لبرز صوت العراق الحر، لا صوت المحتل الإيراني، ولكان العراق أيضاً جبهة مختلفة تدعم فلسطين.

أما مصر التي يخشى الصهاينة كل فارق لصالح حرية شعبها، ولو كان مراغمة ثقافية مع النظام كما كان في عهد حسني مبارك الذي اضطر للرضوخ لمساحة تعبير ورأي، فإن أفضل سورٍ لصالح المحتل هي هذه الطغمة القمعية التي تقتل الشعب المصري بفسادها وبقضائها، وتحاصر غزة وتقتل شعب سيناء، وهي بذاتها أكبر مصدر للإرهاب المضاد، فكيف لو كان الرئيس منتخبا، أكان الشهيد محمد مرسي، أو انتهت جولته وانتخب غيره، فما هو حال مصر تحت رئيس منتخب في إرادة حرّة أمام مشروع تهويد القدس، أكان للصهاينة أن يتوغلوا في إرهاب الأقصى؟

وقل عن اليمن وعن استقرار ليبيا لو كان تيسر لكلا البلدين مستقبل سياسي حر لشعبيهما، ولكن إيران تولت اليمن، فانقلب الحوثي تحت رعايتها على إرادة الشعب والثورة، وأكمل التحالف تمزيق اليمن بعد أن ساند علي عبدالله صالح في مواجهة الثورة، ثم بعد خيبة مشروع الحلف الخليجي، وسّع فوضى الحرب في اليمن، وشرّع للصراع أبوابه، فلم تعد الشرعية من فنادقها، ولكن عادت الخنادق الإماراتية لتخنق السلام والشرعية معاً.

مآس عظيمة ورصدٌ موضوعي لحال الوطن العربي، بعد نقض ربيعه الذي ساهم فيه بعض منتسبي الثورات، وإن ظل الجرم الأكبر على الثورة المضادّة والنفط الخليجي الداعم لها. ولذلك راهن الاحتلال على معركة الثورة المضادّة بعد قمعها الشعوب العربية، ليتقدّم إلى تهويد القدس وتصفية الأحياء العربية حياً بعد حي.

أهم مشروع للبناء الفكري الذي تحتاجه الشعوب العائدة إلى آمال الربيع العربي، بعد أن أنهكها الفساد والاستبداد، هو معركة اليوم الثقافية المعرفية التي تؤسس لوعي سياسي دقيق حذر

إنها اليوم فريضة مراجعة مهمة للتيارات الفكرية العربية التي اتحدت كوادرها المخلصة، واصطفت مع المقدسيين ومع النضال الفلسطيني، واستشعرت أن معركة الحرية والنهضة العربية متحدة مع معركة فلسطين، فَسحقُ الأخيرة لصالح الصهاينة ومرجعيتهم الإمبريالية، يعني تعزيز السجن القمعي الأخير على العرب، والتدخل لقطع كل متنفسٍ لهذه الشعوب، وتحويل مصادر الدخل العربي، إلى موسم كبير يطوف عليه المشروع الصهيوني ليحدد سوقه. أليس هذا بالضبط ما كان خلاصة مشروع ترامب ونتنياهو وحلفائهم العرب؟ كل ما في الأمر أن تلك الفرصة المتاحة أعيقت بين فشل ترامب ومواجهة اليمين الداخلية في أميركا، وعجز المحور العربي المؤيد له، عن إكمال المهمة، والتي كانت هبّة القدس أخيرا أحد أهم معالم عجز هذا المشروع الضخم الذي لم ينته. ولذلك، حوارنا العربي المعطل، كتيارات فكرية وشخصيات ثقافية مؤمنة بمستقبل الصف العربي، لا صراع أيدولوجيات حزبية ونخبوية، هو العودة إلى بناء البيت الفكري الجامع لهذا المستقبل، البيت الذي يجمع العرب، ويوحّد رؤيتهم للنهضة وقرار الاستقلال الذي سيكون أكبر عون لفلسطين. وأهم مشروع للبناء الفكري الذي تحتاجه الشعوب العائدة إلى آمال الربيع العربي، بعد أن أنهكها الفساد والاستبداد، هو معركة اليوم الثقافية المعرفية التي تؤسس لوعي سياسي دقيق حذر، من أي عاطفة أو صخب هائج باسم الثورة، يخترقها حلفاء الصهاينة، فيسقطون الثورات أو حركات الإصلاح من الداخل، فيعود العربي إلى محاولة استعادة الدولة قبل حلم النهضة.

يحتاج ذلك إلى توافق يصنع حلفاً فكريا عربياً، من التيارات العلمانية والإسلامية والعروبية ذات النظرة المختلفة، تتفق على دعم صمود ما تبقى من آمال الربيع العربي، وإخراج بلدان المواجهات من حالة الحروب، والتحوّل إلى الكفاح السياسي والجهاد المدني، وهو الجهاد الأسلم اليوم لمعركة تحرير قرار الإرادة العربية.

(العربي الجديد)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts