تمكين الشباب.. انفصام حكومي ورسائل مبطنة من الدولة العميقة

تمكين الشباب.. انفصام حكومي ورسائل مبطنة من الدولة العميقة

عمان – خاص – البوصلة

أكدت نخبٌ سياسيةٌ وحقوقية أنّ ما جرى مع الطلبة المعتقلين على خلفية الاحتجاج على اتفاق الماء والكهرباء التطبيعي، يشير بوضوح إلى تراكم حالة “الانفصام الحكومي” بين ما يتمّ  الإعلان والحديث من نية إصلاحية حقيقية لتمكين الشباب وما يمارس على الأرض من قمعٍ وتكميمٍ للأفواه.

وقالت النخب إنّ الدولة العميقة توجه رسائل مبطنة للمجتمع الأردني، بأنّ كل ما يجري الحديث عنه من إصلاح للمنظومة السياسية ليس له أي سند على الأرض وأنّ لها الكلمة العليا الأخيرة، محذرين في الوقت ذاته ممّا تمارسه الحكومة من ردة على الدعوات الإصلاحية الملكية وما سيكون لها من عواقب بالغة الخطورة.

وطالبوا بضرورة أن يجلس العقلاء في الدولة ويقرروا أن الإصلاح الشكلي والتغيير الشكلي ما هو إلا كذبة ابتدعتها أجهزة الدولة لمداراة حجم الأخطاء المتراكمة في جوهر وعمق الدولة، مشددين على ضرورة إثبات صدق الدولة في نواياها الإصلاحية.

الحوارات: إشراك الشباب أكبر كذبة تمارسها الدولة

قال المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات في تصريحاتٍ لـ “البوصلة“: بكل أسف إننا وصلنا لمرحلة “لا يصلح العطار ما أفسد الدهر”، مع تراكم حالة الانفصام في الحكومات المتعاقبة بين ما يتمّ الحديث عنه من إصلاحٍ سياسيٍ وإشراك للشعب فيه وخاصة الشباب، وبين ما تمارسه السلطة التنفيذية على أرض الواقع من قمعٍ وتكميمٍ للأفواه ومصادرة للحريات.  

وأشار الحوارات إلى أن “تراكم الجهات التي لا ترغب بأي تغيير داخل البلد، وحالة الانفصام في الدولة الأردنية فمن جهة يتم الحديث عن ديمقراطية وإشراك الشباب ومشاركتهم العملية في الحياة السياسية ومن الجانب الآخر تصدر تعديلات دستورية تمحور السلطة وكل الصلاحيات بجهة محددة وتهمش الحكومة ومجلس النواب بقرارات عابرة لمؤسسات الدولة”.

وشدد الحوارات على أن “ما يحدث اليوم يؤكد أن النية غير جادة وغير حقيقية في الولوج في الحالة الديمقراطية الصادقة التي تمكن المواطن من التعبير عن نفسه من خلال دخوله في آليات صنع القرار”.

وتابع بالقول: “الجميع في الدولة العميقة يريد هذا الأمر كذبًا لا حقيقة، يريدون أن نبدو أننا تحولنا للديمقراطية من خلال تعديلات واهية يتم إبطالها بتلك القرارات المعروضة لإقرارها من قبل مجلس النواب”.

واستدرك بالقول: “هذا يؤكد لكل متابع أن الدولة الأردنية مصابة بعمقها في فشل بإدراك المخاطر التي تواجهها”، منوهًا إلى أن “الأزمات التي نلاحقها منذ فترة أصبحت تطغى على المشهد”.

وقال الحوارات: “لا يوجد راسم استراتيجي للسياسة حقيقة، لا يوجد من يصنع السياسة والمستقبل في إطار مفهوم بعيد المدى، الجميع يريد أن يعدي اللحظة”.

ونوه إلى أنه “مثلا جاءت إدارة دونالد ترامب لم نتحدث أبدًا عن الديمقراطية، ولم نذكر الإصلاح خلال 4 سنوات، وعندما جاءت إدارة بايدن بدأنا نتحدث عن الإصلاح ونتحدث عن تغيير المنظومة السياسية وإشراك الشباب”.

وعلق على شعار “إشراك الشباب” بالقول: هذه أكبر كذبة تمارسها الدولة الأردنية، حينما يريد الشباب أن يعبروا عن رأيهم عن غضبهم عن موقفهم تجاه أي قضية وطنية يتم اعتقالهم والزج بهم في السجون، وهذا منافي لكل الكلام الذي يقال.

وأضاف أنه يراد للمجتمع أن يغنّي كله باتجاه واحد، ولا يراد له أن يعبر عن رأيه بشكل معارض، وكأن من يديرون الدولة يعتقدون أن الديمقراطية يجب أن تسير باتجاه واحد وهو الاتجاه الذي يريدونه.

مكمن الخطورة.. تراكم الغضب وازدياد فجوة الثقة  

وحذر الحوارات من أنه “ما لم تغير الدولة هذا النهج نحن مقبلون على انفجارات قد تبدو صغيرة هنا أو هناك، ولكن تراكمها يصنع مشروع كبير للتغيير، وهذا ما لا يدرك أردنيًا”.

وتابع، “بالذات أن السياسة الخارجية الأردنية والمواقف تجاه القضايا الأساسية بدأ يتغير بشكل دراماتيكي غير مفسر بالنسبة للناس، وبالتالي هذا قد يزيد فجوة عدم الثقة بين صنّاع القرار والمواطنين، ويراكم الغضب ويجعله تحت الرماد إلى لحظة ما لا يمكن ضبطها”.

وختم الحوارات تصريحاته لـ “البوصلة” بالقول: “نتصور أننا دخلنا في منعطفات خطيرة في الدولة الأردنية، ويجب أن يجلس العقلاء ويقرروا أن الإصلاح الشكلي والتغيير الشكلي ما هو إلا كذبة ابتدعتها أجهزة الدولة لمداراة حجم الأخطاء المتراكمة في جوهر وعمق الدولة”.

دعاس: اعتقال الطلاب رسالة مبطنة من قوى الشد العكسي

بدوره أكد منسق الحملة الوطنية لحقوق الطلبة “ذبحتونا” الدكتور فاخر دعاس في تصريحاتٍ لـ “البوصلة” أن طريقة تعاطي الحكومة مع قضية الطلبة المعتقلين على خلفية احتجاجهم على اتفاق النوايا التطبيعي تثير علامات استفهامٍ كبيرة.

وقال دعاس: إن الاعتقال بحد ذاته ليس قصة كبيرة ويمكن أن يتعرض المواطن للاعتقال لأي سبب، ولكن الأشكالية الكبيرة تكمن في التعاطي مع القضية واستمرارية الاعتقال لفترة طويلة، فضلاً عن طريقة التعامل معهم وشروط الإفراج تثير علامات استفهامٍ كبيرة.

وأكد أن “هناك رسالة مبطنة بأن قوى الشد العكسي ضد ما يتم الإعلان عنه، من تعزيز العملية السياسية وانخراط الشباب والمرأة في العمل السياسي والحزبي والشأن العام، وأن هذا حديث ليس له أي أرضية وأن تلك القوى هي التي تقرر ما تشاء”.

كما عبر دعاس عن استهجانه ورفضه لاعتبار الحكومة نفسها وكأنها الدولة وأن كل من يخالفها أو ينتقدها تقوم باتهامه بأنه “يتحدى الدولة”.

وأشار إلى أن كل ما يجري اليوم على الأرض يسهم في تعزيز حالة انعدام الثقة، منوها في الوقت ذاته إلى أنه وفي كل محطة يحدث فيها خطاب عن إعادة الثقة بالدولة والحكومة، فإنها تمارس على الارض ما يناقض ذلك تماما بالمعنى الحرفي للكلمة.

وعبر دعاس عن غضبه من الخطاب الذي تقدمه الحكومة لتبرير سلوكها، واصفًا روايتها لما يحدث بأنها رواية معيبة جدًا وفيها استخفاف بالناس للحديث في قضايا مثل اتفاق النوايا التطبيعي.

وقال دعاس: في تصوري المطلوب من الحكومة أن تقرن خطابها الرسمي بممارساتها على الأرض، وأن تعي جيدًا أنه لا يمكن لهكذا إجراءات أن تحد من حق المواطن وخاصة الطلبة في التعبير عن مواقفهم في القضايا الوطنية.

واستدرك بالقول: الدليل على ذلك أن حجم التحركات الطلابية الاحتجاجية ما زالت مستمرة حتى اللحظة، مهما استمرت وتمادت الاعتقال التحرك الطلابي لن يتوقف.

ووجه دعاس رسالة للمسؤولين قائلا: “يجب أن تعي الحكومة أن مصلحة الوطن تكمن في أن يكون لدينا شباب واعٍ منتمٍ لوطنه وأمته وبغير ذلك لا يمكن لهذه الأمة أن تنهض”.

الرواشدة: خسرنا الرهان على دفع سرعة قطار الإصلاح

الكاتب حسين الرواشدة عبّر عن أسفه لما يجري في الساحة الأردنية اليوم واصفا إياه بأنه “خسارة للرهان على قطار الإصلاح”.

وقال في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: “كان ثمة أمل لدى الناس بأن السلوك العام للدولة، وكذلك للمجتمع، سيتغير إيجابيا، لكن ما حدث بعد أن انكشفت حزمة التوصيات وملحقاتها أعادنا لما قبل حزيران، وبالتالي خسرنا الرهان المعقود على دفع سرعة قطار الإصلاح ليصل قبل قطار نفاد صبر الناس وتحملهم”.

غرايبة: ما حدث مع الطلاب ردّة عن الإصلاح

أما الإعلامي حسام غرايبة فوصف ما جرى مع الطلاب بأنه “ردة على دعوات الإصلاح الملكية”.

وقال غرايبة في منشورٍ له على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: “ماجرى مع مجموعة من الشباب وطلاب الجامعات من توقيف بالمراكز الامنية، ثم تحويلهم لاكثر من سجن(وزعوهم على اربعة سجون)، ثم دفع الاهالي لتوقيع كفالات، وبعد ذلك يتم الغاء الافراج عنهم (بأوامر عليا كما قال احد الموظفين) ماهو إلا ردّة واضحة على كل دعوات الاصلاح الملكية، وهي عملية ممنهجة لتقويض كل مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسية، وهي عملية هدم لما تبقى من بقايا ثقة في نفوس المواطنين تجاه دولتهم ومؤسساتهم”.

هالة عاهد: هل هذا ما قصدتموه بتمكين الشباب

بدورها أكدت الإعلامية والحقوقية هالة عاهد أن الطلاب والنشطاء المعتقلين يمثلون ضمير الشعب الأردني وصوته الرافض لاتفاقيات التطبيع مع الكيان الصهوني ورهن البلد وأمنه وسيادته.

وقالت في تغريدة لها على “تويتر”: لأيام و وسمي #الحرية_لمعتقلي_الرأي و #التطبيع_خيانة يتصدران الترند الاردني؛ وهذا تعبير مكثف عن موقف الشعب الاردني ضد اتفاقيات مع الكيان تتجاوز التطبيع لرهن البلد وامنه وسيادته، وان المعتقلين يمثلون ضمير الشعب الاردني وصوته”.

وشددت عاهد على أن “قانون منع الجرائم قانون غير دستوري، وأن توقيف الشباب غير قانوني حتى سندا لاحكام قانون منع الجرائم ويعد جريمة حجز حرية”.

وتساءلت الحقوقية بالقول: “هل هذا ما قصدتوه بتمكين الشباب؟ أن توقف طالبًا عمره 19 سنة إداريا، ورغم تقديم أهله للكفالة والموافقة على اخلاء السبيل يوضع في السجن في غرفة بها 50 شخصًا من المحكومين بجرائم خطرة”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: