نخب: الأحزاب الجديدة تفاقم فجوة الثقة بجديّة الإصلاح

نخب: الأحزاب الجديدة تفاقم فجوة الثقة بجديّة الإصلاح

عمان – البوصلة

أثار مشهد تشكيل أحزابٍ جديدة بأسماء محسوبة على الدولة مزيدًا من الضبابية والريبة تجاه الإصلاح السياسي الذي تبنته الدولة خلال المئوية الثانية كخطوة أولى في طريق الوصول إلى الحكومات البرلمانية والحزبية؛ بل أكثر من ذلك عمٌق فجوة الثقة بالدولة على اعتبار أن كل ما يجري اليوم ما هو إلا مسرحية وديكور يُراد منه فقط استرضاء الخارج واستجلاب المزيد من المساعدات، بحسب نخب سياسية أردنية.

وترى النخب أنّ السرعة التي تمّ فيها تشكيل الأحزاب الجديدة والأسماء التي تقودها وتذليل العقبات لها والترويج الإعلامي لها يؤشر بما لا يدع مجالاً للشكّ أن “القناعة الحزبية” لدى الدولة منعدمة، فشيطنة الأحزاب التقليدية مستمرة وإعادة تدوير الشخصيات والأسماء التي تحظى بدعم الدولة العميقة لقيادة مرحلة “الحكومات الحزبية” يثبت مضيّ الدولة بالنهج ذاته الذي لا يؤمن بالإصلاح أو حق الناس في اختيار الحكومات المتعاقبة.

كما عبرت النخب عن رفضها لاتهام الأحزاب التقليدية بأنها تريد الاستئثار بالمشهد السياسي الأردني واتهامها بالفشل في تقديم شيء خلال المرحلة السابقة على الرغم من انعدام المناخ وانعدام الإرادة ومنع هذه الأحزاب من المشاركة في أي انتخابات حقيقية تسمح لها بالمشاركة في الحكومات وتشكيلها، مؤكدين في الوقت ذاته على حق تشكيل الأحزاب الجديدة وإعطائها الفرصة، ولكن بشرط وجود مناخ سياسي حقيقي للمنافسة بين الأحزاب جميعها وقانون انتخابات جاد وعادل يسمح للأردنيين بالتعبير عن إرادتهم الحرة والنزيهة في اختيار الحكومات عبر صناديق الاقتراع التي ستكون هي الفيصل.

أحزاب ديكورية شكلية بلا صلاحيات لصنع القرار

أكد المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات في تصريحاتٍ لـ”البوصلة” أن كل ما يثار حول قانون والأحزاب وما أفرزته لجنة إصلاح المنظومة السياسية بهذا الصدد نشأ ضمن صيغة سياسية لا تريد للأحزاب إلا أن تكون شكلاً فقط، مشددًا على أن “الدليل على ذلك يتمثل في أن منظومة التعديلات الدستورية التي أخرجت مرافقة لقانوني الأحزاب والانتخاب ستجرد أي حزب في المستقبل من أي مقدرة على ممارسة صلاحيات تنفيذية حقيقية”.

وقال الحوارات: وجدنا إنشاء مؤسسة عابرة للمؤسسات، وسيكون بالتالي دور أي حزب مرهونًا بقضايا ضيقة جدًا ولن تكون له المقدرة على الدخول في القرارات الكبيرة والمهمّة وهذا يضعف ثقة الناس بإمكانية أن تتولى هذه الأحزاب السلطة.

وشدد على أن “الدولة منخرطة الآن هي وأجهزتها في إنشاء أحزاب على قدر اليد كما يقال، حتى إذا وصلت إلى مستويات بمجلس النواب تكون خاضعة لمشيئة وإرادة الدولة”.

وانتقد الحوارات ما أسماه “عملية تدوير للاشخاص السابقين ولا تحتوي ما هو جديد”، مؤكدًا في الوقت ذاته أنّنا نلاحظ أن “الشخصيات التي يتم تداولها في هذه الأحزاب هي التي مارست العمل في الدولة بشكل واضح، ولم تنجح، فليس عيبا أن تكون جزءًا من منظومة الدولة، لكن المشكلة أنك لم تمارس عملك في تلك المرحلة بشكلٍ يرضي الناس ويجعلك تحصل على الثقة لديهم”.

واستدرك بالقول: “بالتالي نلاحظ حجم ردة الفعل السلبية ضد الأحزاب التي تتشكل جديدًا وضد مؤسسيها”، منوها إلى أنه “حتى من الناس المنخرطين في عملية المناداة بالأحزاب، نلاحظ أنهم بدأوا بنقد عنيف لهذه الأحزاب وللشخوص الذين يؤسسونها، وكأن هذا الإيمان شكلي ومرحلي”.

وشدد على أنّ القناعة الحزبية في البلد ليست أصيلة أبدًا، وهي لم تتأتى عن رغبة، في الوقت الذي لا تتأتى فيه الديمقراطية عن رغبة من أحد، ولكنّها حصيلة تفاهمات مجتمعية على صيغة وشكل لإدارة الدولة وهذا لم يحصل حقيقة.

وتابع بالقول: “جاء الأمر من فوق، والحكومة قررت الإتيان بمجموعة من الشخصيات لوضع قوانين والغاية منها لم تكن محلية، ولكن لإقناع العالم أننا ندخل في مرحلة من الإصلاح السياسي”.

وحول التهم الموجهة للأحزاب التقليدية وأنها تريد الاستفراد بالمشهد، أكد الحوارات أن من حق الأحزاب الجديدة أن تأخذ فرصتها، ولكن أن نسمع من مؤسسيها خطابًا وكأنّ الدنيا ولدت معهم وأنهم مصابيح سحرية لإنقاذ البلد، فهذا الأمر ما هو إلا قراءة سطحية للمشهد.

وعبر عن رفضه لاتهام الأحزاب التقليدية بأنّها لم تقدم شيئًا، مؤكدًا أنه هذا الاتهام فيه ظلم لأن هذه الأحزاب على الرغم من تقصيرها أحيانًا إلا أنها لم تعط فرصة حقيقية وبترت أياديها وأرجلها ولم يُسمح لها بشكل حقيقي لزيادة أنصارها ومريديها، فضلاً عن عدم توفير أي مناخ سياسي حقيقي لنجاح التجربة الحزبية.

وشدد على أنه لا يجوز اتهام الأحزاب التقليدية طالما لم يتم السماح لها بالمشاركة في السلطة والحكومات ضمن قانون ديمقراطي حقيقي وعادل.

وقال الحوارات إن “ما يتنطع به مؤسسوا الأحزاب الجديدة سيختبره الأردنيون مع أول انتخابات إذا ما تمّ إجراؤها ضمن أجواء الحرية والنزاهة وفق قانون يسمح للأحزاب بالتنافس الحقيقي لتشكيل الحكومات الحزبية والبرلمانية”.

وعبر الخبير السياسي عن عدم تفاؤله بالمشهد السياسي والحزبي اليوم قائلا: لست متفائلاً فالأحزاب الجديدة التي تتشكل اليوم وشخوصها جزء من الدولة ومؤسساتها، يراد لهم اليوم أن يعودوا لقيادة المشهد من جديد ولكن في صيغة تظهر وكأنهم جاءوا بإرادة الناس التي نعلم جيدًا كيف يتم صناعتها والآليات والماهية الحقيقية لها.

أحزاب شبه رسمية

من جانبه يصف الأمين العام لحزب الشراكة والإنقاذ سالم الفلاحات تشكل أحزابٍ جديدة وبسرعة بأنه “ليس أكثر من ديكور ديمقراطي يسخر من عقول الناس”، مشددًا على أنه “لا ينطلي الا على المغفلين ولا يروجه الا منتفعون او من كانت رسالته في الحياة فقط (خلينا نعيش ) وتكذبه التشريعات وحتى التعديلات الجديدة التي زادت الحال سوءا عند قراءة مجمل التعديلات والقوانين وما سمي بالتحديثات والممارسات السابقة والحالية مع الجميع ومن مستلزماته دخول الاحزاب الشكلية الشكلي الديكوري والمحدود ولكن طبعا تحت السيطرة الرسمية والايدي الظاهرة والخفية.

وأكد الفلاحات أن تشكيل احزاب شبه رسمية وأن ينفخ بها وأن يسهل لها الطريق وتغض عنها الابصار وستدعم بالدرهم والدولار تتداخل فيها المطامع بين الشخصي والرسمي  وربما توهم البعض المنخرط فيها انها محافظة على مكتسباتهم السابقة بغير وجه حق او استدراجا لمكاسب جديدة سيحصلها  كما ظن غيرهم في 1997 وما حولها باسم العمل الحزبي.

وتابع بالقول: أو وقوفا( ديمقراطيا وفق الدستور والقانون) امام امكانية نجاح اي تجربة ديمقراطية يكون الشعب فيها وحده مصدر السلطات حسب الدستور الحالي وستسمى احزابا وطنية وبافخم الاسماء كما حصل في 1997 حيث جمعت تسعة احزاب في حزب واحد وبعد اداء المهمة او انتفاء المصلحة انفرط العقد واقرا عن تاريخ تشكيل الاحزاب السياسية في الاردن وهناك رسائل جامعية وكتب عديدة بهذا الشأن.

وشدد على أن من أهداف كثرة الضجيج الرسمي من كتاب ومروجي التدخل السريع الذين يجملون القبيح ويشوهون الجميل عن الديمقراطية والاحزاب هو للتصدير الخارجي ولاستجلاب المساعدات غير المستردة ومحاولة الايهام باننا نصحح ونصلح دائما، مستدركًا:  هذا من جهة ومن جهة اخرى سحب البساط من تحت المشاريع الجادة وابقاء حالة الاستبداد السياسي والفساد بانواعه والحكم الفردي اذا ما دققنا فيما يجري في المنطقة من تمدد صهيوني وتطبيع وديانة ابراهيمية ووضع عربي وهجوم باشكال عديدة على الاسلام الذي كان يجمع الامة ولم يجمع العرب شيء سواه.

تشكيل يثير الريبة

بدوره أكد الإعلامي حسام غرايبة أنه لاشك ان تشكيل احزاب جديدة من قبل اسماء اردنيين سبق لهم ان شغلوا مواقع قيادية او سياسية او انهم يشغلونها حاليا يثير الريبة والشك في نفوس الكثيرين من حيث الشعور ان الدولة العميقة (كما اصطلح على تسميتها في بعض الدول)  تسعى لبناء تشكيلات سياسية لمنافسة المعارضة التقليدية في الاردن.

وقال غرايبة في منشورٍ له على “فيسبوك”: من حق الجميع ان يفكر بتاسيس احزاب، لكن قبل الخوض في اسماء المؤسسين نتساءل ماهو الرابط الفكري والمشروع السياسي الذي جمع تلك الاسماء؟؟؟ عادة تتقدم مجموعة ببرنامج فكري لدعوة الاخرين للانضمام لهم لتاسيس الحزب وليس العكس .

وأضاف بالقول: على كل حال شخصيا أجد ان هذه التشكيلات ظاهرة صحيّة وايجابية وليست سلبية، وهي جزء من تمريناتنا السياسية والحزبية و سيتم فحصها وفحص قدرتها على احداث الفرق عند الانتخابات اولا، وفي الممارسة العملية ثانيا.

وختم بالتأكيد على أن “المجتمع سيبقى هو عنصر الحسم في اختيار الحزب الذي يعبر عنه، فكلما كانت المشاركة اكثر فاعلية ومبنية على البرامج الحزبية فإن هذا سيكون دافعا للاحزاب لتبقى برامجية وتعمل بجدّ وتوظف خبرات اعضائها وتجاربهم السابقة للاستفادة منها في اقناع الناس ببرنامجهم”.

أحزاب جديدة تتشكل

وكشف أمين عام وزارة الشؤون السياسية والبرلمانية علي الخوالدة، عن سير الوزارة نحو منح تراخيص لتأسيس أحزاب جديدة، قريباً.

وقال الخوالدة إن 18 طلبا لتأسيس حزب جديد ورد للوزارة، و“جميعها قيد النظر“.

ورجح منح تراخيص لتأسيس أحزاب جديدة خلال الأسبوع المقبل، مبينا أن هنالك مددا قانونية تحكم الوزارة فيما يخص النظر بطلبات تأسيس الأحزاب.

وفي رده على استفسار “هلا أخبار” حول طلبات دمج الأحزاب، أكد الخوالدة عدم وجود أي طلبات لدمج أحزاب.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: