بشرى سليمان عربيات
Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on email
Email
Share on telegram
Telegram

رابط مختصر للمادة:

آبارُ الجهل

بشرى سليمان عربيات
Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

بقلم المستشارة التربوية: بشرى سليمان عربيات

   راقب الكثير من الناس حادثة سقوط طفل في بئرٍ عميقة يزيد عمقها عن ثلاثين متراً، وما حدث يستحقُ الوقوف عنده، ليس فقط لغرابة الحدث! لأن يوسف عليه السلام تعرض لذلك بفعل إخوته الذين كادوا له يوماً، ولكن هذه الحادثة وقعت نتيجة إهمال – ربما -، لأنه لا يُعقل أن يخرج طفلٌ بعمر خمس سنوات للتنزه في مثل هذا الموقع!

   إن من تابع هذه الحادثة – وهم كثيرٌ – ربما يتساءل عن فتحة البئر التي منعت فرق الإنقاذ من الوصول، وكأنها مفتوحة لسقوط الأطفال فقط! والأغرب من ذلك الجهود الكبيرة المبذولة والتي باءت بالفشل – للأسف الشديد –

   ما أشبهُ اليوم بالأمس، حين قضى مجموعة من أطفال إحدى المدارس نحبهم  في انجراف السيول خلال رحلة مغامرة ذات يوم، هذه الحوادث تستوقفني وتدعوني للكتابة، كم تبلغ مسؤولية وليّ الأمر حين يكون الإهمال سبباً في وفاة طفلاً أو أكثر؟ وكم تبلغ مسؤولية التربويين المسؤولين عن التعليم حين يكونوا سبباً في سقوط جيل – بل أجيال – في آبار الجهل؟

    لنبدأ بآبار الجهل، التي تعود لعدة أسباب، ولعلَّ من أهم هذه الأسباب عدم أداء مسؤولية التعليم بأمانة، بدءاً من المرحلة الأساسية الدنيا والتي يتجاوزها معظم الطلبة بما يسمَّى الترفيع التلقائي، وربما لا يصل الموضوع إلى الترفيع التلقائي، فتجد كثير من المعلمين يضعون علامات لا يستحقها الطالب من أجل كسب شعبوية الطلبة وأولياء أمورهم، ليصل الطفل إلى المرحلة الأساسية العليا وهو لا يتقن كثير من المهارات الأساسية سواءً في العلوم والرياضيات، وكذلك اللغة العربية ! أضف إلى ذلك ما يحدث في بعض المدارس الحكومية والخاصة من بيعٍ لما يسمَّى بالدوسيهات المنقولة جزئياً من المناهج المدرسية، ليبعدون الطلبة عن المنهاج المطلوب من وزارة التربية والتعليم، ومما لا شك فيه، فإن  سقوط الطلبة في يئر التعليم عن بُعد كان له الأثر الواضح على المستوى المعرفي لدى الطلبة، ناهيك عن الآثار الكبيرة على السلوك والتربية، هذه حوادث كثيرة تعمل على سقوط أجيال في آبار الجهل، إنها آبارٌ ذات فتحات ضيقة لا يمكن الخروج منها!

   أضف إلى ذلك آثار الإهمال في التربية الأسرية والمدرسية على أجيالٍ مضت وعلى أجيالٍ قادمة، وذلك نتيجة لسوء استخدام التكنولوجيا الحديثة والتي يستغرق الطفل والمراهق وقتاً كبيراً دون مراقبة، ذلك لأن بعض المعلمين والمعلمات وبعض الآباء والأمهات منشغلين أيضاً عن رسالتهم العظيمة، فتجد الأم تجرُّ عربة طفلها في الشارع وهي تتحدث بالموبايل، وربما تكتب رسائل! وترى المعلم يتلقى رسائل داخل الحصة الصفيَّة، وغيرها من المشاهدات التي يندى لها الجبين ! كل ذلك يعتبر بئراً – بل آباراً -، تُلقي بالجيل إليها وتدفعُ بهم إلى مستقبل مجهول مليء بالجهل والتيه والضياع

   لقد تكفَّل ربُّ العالمين بسيدنا يوسف عليه السلام حين غدر به إخوته، وقد شاء الله بقضاء هؤلاء الأطفال نحبهم سواءً في رحلة المغامرة التي حطَّمت أجسادهم الضعيفة كما حطَّمت جسد ذلك الطفل البريء، الذي سقط في البئر قبل أيام!

   ولكن متى نتعلم من تلك الدروس؟ إن لم نتعلم، فسوف نكونُ سبباً في القضاء على جيلٍ بأكمله نتيجة الدفع به إلى آبارٍ من الجهل، فهل نحنُ مدركون؟

(البوصلة)

Share on facebook
Share on twitter
Share on whatsapp
Share on email
Share on telegram

رابط مختصر للمادة:

Related Posts