الشحروري: فأل ذكرى الإسراء والمعراج مؤذن بنصرنا وانكسار عدونا

الشحروري: فأل ذكرى الإسراء والمعراج مؤذن بنصرنا وانكسار عدونا

أكد أستاذ الشريعة الإسلامية الدكتور أحمد الشحروري، في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ “فأل ذكرى الإسراء والمعراج مؤذن بنصرنا وانكسار عدونا، وهي ليست مجرد أمانيّ، إنها قراءة الخبراء على الأرض من أعدائنا وأصدقائنا، قائلا: “كل معراج وأمتنا إلى الله أقرب”.

وتابع الشحروري حديثه بالقول: في مثل هذا الوقت من كل عام أراجع أقوال المؤرخين في تاريخ حدوث معجزة الإسراء والمعراج فيتأكد لي أن كونها في السابع والعشرين من رجب هو واحد من الأقوال وليس الأوحد، ترى فلماذا عمل المسلمون عبر العصور على اعتماد هذا التاريخ للاحتفال بالذكرى دون غيره؟

وأوضح بالتساؤل: أتذكرون الفتح الصلاحي لبيت المقدس في السابع والعشرين من رجب عام ٥٨٣ للهجرة ؟ هذا هو الجواب، لقد تعلق ذكر بيت المقدس في ذاكرة المسلمين بهذا اليوم تحديدا، فالسابع والعشرون من رجب وإن كان إحدى روايات تاريخ الإسراء إلا أنه ليس أقواها، وقد استمد قوته من حدث الفتح على الأرض لمّا وافقه.

ولفت إلى أنّ “ما يهمنا هنا أن ندرك أن بوصلة الأمة تدلها على رمز عزتها، فإن كان المسجد الأقصى بخير فالأمة بخير على مدى الزمان، وإن كان مهددا كانت الأمة كلها مهددة”.

د. أحمد الشحروري: الأمة ليست بحاجة إلى احتفالات رسمية تقال فيها كلمات ميتة أو تعزف فيها ألحان الأموات

ونوه إلى أنّ “احتفال الناس بالإسراء والمعراج، يمرّ هذا العام ونحن في معمعة طوفان الأقصى الذي انبعث ليبعثر أوراق المعتدين عليه المستبيحين حرمته، ويستمد أبطال المقاومة قوتهم في قهر أعدائهم من مدى إيمانهم بحتمية بقاء الأقصى شامخا، وما خاضوا هذا النزال إلا وهم يدركون أن ما صنعه سلفهم في سبيل الأقصى لا يجوز أن تتمادى الأمة في إضاعته والتفريط بدماء من صنعه، فإن كان فتح صلاح الدين ثانيا بعد فتح الفاروق عمر، فإن المقاومة اليوم تشحذ سيفها وتمضي عزمها لتصنع الفتح الثالث والحازم بإذن الله”.

وأضاف الشحروري بالقول: كلما تذكرت ما صنع صلاح الدين قبل أن يفتح بيت المقدس، وكلما استحضرت صورة الوحدة التي فرضها بسيفه، وفساد الطوائف الذي أودى به قبل التفرغ للصليبيين علمت كم هي المقاومة اليوم في كرب وهي تحارَب من ورثة أولئك الذين أطاح بهم صلاح الدين لأنه كان يتمتع بسلطان ملك، أما مقاومتنا الباسلة فهي مجرد ثلة لا تملك سلطان ملك، جهدها موزع بين مواجهة مكر منافقي العرب وقتال مجرمي يهود، ومع ذلك فإنها وهي الموعودة بالنصر تري الدنيا كل يوم أصناف العذاب الذي يذوقه الصهاينة على أيديها قتلا وتدمير آلات وإساءة وجه، وتمضي غير عابئة بمن يفكرون بما بعد حرب غزة لأن المنتصر عادة ما يفرض شروطه، ولأن المنافقين لا يملكون بعد الحرب إلا أن يغطوا وجوههم خزيا بما قدمت أيديهم وخوفا من عاقبة أمرهم يوم صنفوا أنفسهم في صف المعتدي ضد صاحب الأرض والقضية.

وقال أستاذ الشريعة الإسلامية: في ظلال ذكرى الإسراء والمعراج نذكر النبي المجاهد صلى الله عليه وسلم الذي كرمه الله بهذه الرحلة المباركة المعجزة، والذي ما انتصر على عدوه بمعجزة، لكنه جاهدهم بالكلمة في مكة، وجاهدهم بالسيف بعد الهجرة، فدميت قدماه، وكسرت رباعيته، وفقد أحبابه شهداء في معارك مع مشركين لا يكافئهم جيشه في عَدد ولا عُدد، فكان النصر حليفه برغم الجراح والشهداء، وهي رسالة الذكرى للمؤمنين اليوم: لن يكون النصر بمعجزة، نعم ستكون للمجاهدين كرامات على طريق جهادهم، ستحفهم الملائكة، وتقاتل معهم الأرض، لكنهم مطالبون بالإعداد وقد أعدوا ما استطاعوا، ومطالبون بالصبر والثبات ونحسبهم من أهلهما، وقانون الكون وسنن الله أن ينصر من نصره “إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم”.

وختم حديثه بالقول: لا أريد أن أسترسل حتى لا ينسي آخر الكلام أولَه، غير أني أوجه كلمة للمحتفين بالإسراء والمعراج من الحكام والمحكومين بأن يختصروا جهودهم فليس من عبث ألا يرد في السنة الصحيحة شيء عن فضل رجب كله دون سواه من الأشهر الحرم، وألا ترد سنة صحيحة في فضل ليلة الإسراء أو ما يعمل فيها من طاعات، لئلا يبقى للأمة إلا أن تكون سيدة زمانها في رجب وشعبان ورمضان وشوال وقبلها وبعدها، وأن تدخر جهدها للاستعداد لمواجهة عدوها حين تفرض عليها المواجهة”، منوها في الوقت نفسه إلى أنّ الأمة ليست بحاجة إلى احتفالات رسمية تقال فيها كلمات ميتة أو تعزف فيها ألحان الأموات، فنحن أمة تحتاج أن تبدع بصناعة الحياة كما تبدع بصناعة الموت الشريف، ولن ننسى أن المعراج هو رمز صلتنا بقوتنا المستمدة من الصلاة، وأن مَن أحسن صلاته أحسن صلته بربه وبكل ما يصله بربه سبحانه.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: