الصين تجند طيارين ألماناً وأوروبيين وتنسخ خطط الناتو

الصين تجند طيارين ألماناً وأوروبيين وتنسخ خطط الناتو

وسط تصعيد عسكري متجدد.. واشنطن تتساءل: متى تغزو الصين تايوان؟

يواصل سعي الصين الدؤوب للتطور العسكري لفت الانتباه على المسرح العالمي. وقد أظهرت السنوات الأخيرة أدلة متزايدة على جهود الصين لتعزيز قدرات سلاحها الجوي. 

التطور الملحوظ في هذا الصدد لم يقتصر على تطوير وإنتاج المقاتلات الحديثة من الجيل الخامس وغيرها من الصناعات الدفاعية المنافسة لنظيراتها الأمريكية والروسية، بل امتد ليصل إلى توظيف الصين للطيارين الألمان والأوروبيين من أجل تدريب طياريها على أحدث التكتيكات، لا سيما تلك التي تتبعها دول حلف الناتو.

وفي الوقت الذي يظهر فيه تصميم الصين المتزايد على تعزيز قدراتها الجوية وسط تصاعد التوترات بينها وبين الولايات المتحدة وحلفائها حول تايوان، تساءل تقرير حديث نشرته مجلة فورين بوليسي الأمريكية عما إذا كان الطيارون الألمان الذين يعملون في الصين منذ عقد تقريباً قد نقلوا تكتيكات الناتو إلى بكين.

التاريخ يعيد نفسه

تشير فورين بوليسي في تقريرها إلى وجود تاريخ طويل للطيارين العسكريين الألمان في مساعدة القوات الجوية الصينية. ففي الثلاثينيات من القرن الماضي أرسلت ألمانيا النازية مستشارين عسكريين للمساعدة في بناء وتدريب القوة الجوية لجمهورية الصين، التي كانت تقاتل في الوقت نفسه المتمردين الشيوعيين تحت قيادة ماو تسي تونغ والجيش الإمبراطوري الياباني.

توترت العلاقات الصينية الألمانية بعد سنوات قليلة، عندما تحالفت برلين مع طوكيو في الاتفاق الثلاثي. ومع ذلك لم يكن الطيارون الصينيون بحلول ذلك الوقت قد تلقوا تدريبات فقط من قِبل القوات الجوية الألمانية الهائلة وحسب، ولكنهم كانوا يطيرون أيضاً بطائرات قاذفة وطائرات مقاتلة ألمانية الصنع لمهاجمة الشيوعيين واليابانيين.

تجنيد طياري الناتو

يساعد الطيارون الألمان في تدريب القوات الجوية الصينية مرة أخرى، ولكن بطريقة مختلفة هذه المرة. في السنوات الأخيرة، تعمل الصين بنشاط على تجنيد طيارين ألمان وأوروبيين للخدمة ضمن قواتها الجوية. 

وتشير حملة التوظيف هذه إلى رغبة الصين في الاستفادة من خبرة الطيارين الأجانب لتعزيز قدراتها الجوية وتدريب طياريها.

وكانت ألمانيا، المعروفة بطياريها ذوي المهارات العالية وتكنولوجيا الطيران المتقدمة، نقطة محورية ضمن جهود التوظيف في الصين، إذ عرضت سلطات الطيران الصينية عقوداً مغرية للطيارين الألمان ذوي الخبرة، مما أدى إلى مغادرة بعض الطيارين المتمرسين الجيش الألماني أو القطاع الخاص لتولي مناصب مربحة في الصين، حسب التقرير.

ووفقاً لتقرير نُشر الأسبوع الماضي في مجلة دير شبيغل الألمانية، فقد درَّب عديد من طياري القوات الجوية الألمانية السابقين طيارين من سلاح الجو التابع لجيش التحرير الشعبي الصيني على مدار العقد الماضي.

علاوة على ذلك، تمتدّ حملة التوظيف في الصين إلى ما وراء ألمانيا، إلى دول أوروبية أخرى ذات تقاليد طيران قوية، بما في ذلك فرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة. كما يعمل نحو 30 طياراً بريطانياً من ذوي الخبرة العسكرية حالياً في الصين لصالح جيش التحرير الشعبي، وفقاً لما أوردته شبكة سكاي نيوز.

وتخدم استراتيجية التوظيف هذه غرضاً مزدوجاً بالنسبة إلى الصين، فهي في المقام الأول تساعد في معالجة النقص في الطيارين ذوي الخبرة القادرين على التعامل مع الطائرات الحديثة والسيناريوهات القتالية المتقدمة. وهي في المقام الثاني تُمكّن الصين من اكتساب خطط وتقنيات قيمة راكمتها على مر عقود القوات الجوية الأوروبية، وبالتالي تسهيل تحسين تكتيكاتها القتالية وعملياتها الجوية.

محاكاة خطط الناتو

نقل تقرير دير شبيغل عن مسؤولين أمنيين ألمان لم يكشف أسماءهم تحذيرهم من أنه “من المحتمل جداً أن يكون الطيارون قد نقلوا الخبرة العسكرية والتكتيكات العملياتية السرية، حتى مارسوا سيناريوهات الهجوم، مثل الهجوم على تايوان”.

على سبيل المثال، يمكن لطياري سلاح الجو الألماني، حتى أولئك المتقاعدين الذين لم يسافروا بالطيران مؤخراً، تعليم الطيارين الصينيين كيفية التخطيط والتدمير الفعال لوحدات الدفاع الجوي للعدوّ. وهي مجموعة مهارات مهمة للقوات الجوية الصينية لاكتسابها من أجل الحصول على التفوق الجوي في أي قتال على تايوان، وفق المسؤولين.

كما يشير المسؤولون الألمان إلى أنه بإمكان الطيارين الألمان والبريطانيين تعليم نظرائهم الصينيين تفاصيل أخرى مهمة حول التخطيط للعمليات الجوية. على سبيل المثال، كان بإمكانهم تبادل المعلومات حول العقيدة العسكرية لحلف شمال الأطلسي بشأن العمليات الجوية المركبة، التي تتمثل أساساً في كيفية تجميع الحلف لأنواع مختلفة من الطائرات معاً في عمليات محددة.

سلاح جوي متطور

تمتدّ طموحات الصين العسكرية إلى ما هو أبعد من تجنيدها للطيارين الأجانب. تشير أدلة متزايدة إلى أن الصين تراقب من كثب وتحاكي الاستراتيجيات التي تستخدمها دول الناتو، لا سيما في مجال تحديث القوات الجوية.

يمكن رؤية محاكاة الصين لخطط الناتو من جوانب مختلفة. على سبيل المثال، استثمرت الصين بكثافة في تكنولوجيا التخفي، إذ طورت طائراتها الشبحية الخاصة بها مقارنة بالطائرات المقاتلة من الجيل الخامس لحلف شمال الأطلسي. تُعتبر Chengdu J-20 الصينية، التي يشار إليها غالبًا باسم “الطائرة الصينية F-35″، مثالاً رئيسياً على هذه الجهود.

علاوة على ذلك، تركز الصين أيضاً على تعزيز قدراتها في الحرب الإلكترونية، وهو مجال استثمرت فيه دول الناتو بشكل كبير. 

وتشمل الحرب الإلكترونية أنشطة مثل الإجراءات المضادة الإلكترونية والتشويش، التي تُعتبر حاسمة في سيناريوهات القتال الجوي الحديثة. من خلال محاكاة نهج الناتو، تسعى الصين إلى سد الفجوة في قدرات الحرب الإلكترونية، وبالتالي ضمان بقاء قواتها الجوية قادرة على المنافسة في المستقبل.

وتشير جهود تحديث القوات الجوية الصينية، التي تشمل تجنيد طيارين ألمان وأوروبيين ومحاكاة خطط الناتو، إلى سعي البلاد الطموح إلى التفوق العسكري، من خلال الاستفادة من خبرة الطيارين ذوي الخبرة واعتماد استراتيجيات وتكتيكات مجربة، وتهدف الصين إلى تضييق الفجوة مع القوى العسكرية الراسخة.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: