القضاة: صمت نقابة الصحفيين أمام العبث بحرية التعبير مهد لتمرير “الجرائم الإلكترونية”

القضاة: صمت نقابة الصحفيين أمام العبث بحرية التعبير مهد لتمرير “الجرائم الإلكترونية”

عمّان – رائد صبيح

انتقد الناشط الحقوقي وعضو نقابة الصحفيين خالد القضاة، الدور الذي ظهرت به نقابة الصحفيين وعدم اشتباك بعض “القيادات الإعلامية” وصمتها أمام كل التجاوزات خلال الفترات الزمنية السابقة في الساحة الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي وصلت حد انتشار “الابتزاز” و”التنمر” وغيرها من الظواهر السلبية التي منحت الحكومة بكل أسف مبررًا تقف خلفه في تبرير “قانون الجرائم الإلكترونية”، فيما وقفنا نحن عاجزين أمام قيادة حوار عام حقيقي يكشف الضرر الشديد الذي سيقع على الصحفيين والإعلاميين والنشطاء وكل الأردنيين بسببه، معبرًا عن أسفه الشديد من أنّ هذا الصمت على كل التجاوزات واستغلال الحق في حرية التعبير بشكلٍ سلبيٍ خلال الحقبة السابقة مهد الطريق بشكلٍ كبيرٍ جدًا لتمرير القانون بكل سهولة من قبل الحكومة والمجلس التشريعي.

وقال القضاة في تصريحاته لـ “البوصلة” إنّ هذا القانون له تماس مباشر بالعمل الصحفي ومن يقول غير ذلك فهو يجانب الصواب ويضع رأسه بالرمال، فكل المواد المنتجة صحفيا أصبح لها صيغة رقمية تُرفع على المواقع الالكترونية او على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأضاف، نحن اليوم كصحفيين مهنيين وضمن مظلاتنا في نقابة الصحفيين ومؤسساتنا الإعلامية ندفع ثمنا باهظا لصمتنا على كل الممارسات السلبية التي كانت تمارس باسم حرية التعبير والصحافة، وكنا نعلم ونشتم من تلك الممارسات رائحة الكراهية وتصفية الحسابات والابتزاز ولكننا التزمنا الصمت كوننا لسنا الضحايا المباشرين ولا الجناة الفاعلين، وبالمختصر نحن مهدنا لهذا القانون بصمتنا كصحفيين وكنقابة وكمؤسسات اعلامية.

واستدرك بالقول: لنعترف ان تخلي المؤسسات الإعلامية عن دورها في قيادة إدارة الحوار العام وتقديم المعلومات الصحيحة للعامة لتكون مصدرا للتعليق عليها على شبكات التواصل الاجتماعي فتح المجال واسعا أمام عدد من النشطاء للاعتداء على دور الصحفيين في قيادة الرأي العام وتوجيهه، وأحيانا كان يتم ذلك للأسف برعاية حكومية تحت مسمى “مؤثرين” او شبه رسمية بالباطن، فظهرت الحروب نيابة عن الغير تطوعا او بأجر، واتسعت ظاهرة الابطال من ورق.

وقال القضاة: لنتحدث بكل صراحة، نقابة الصحفيين على الرغم من سعيها الحثيث للاشتباك والضغط لتعديل بعض المواد (15) و(16) و(17)، ودخولها في مواجهات قانونية وتشريعية خلال مناقشات مشروع القانون لكنها لم تستطيع تحقيق كل ما كانت تطمح إليه رغم تحقيق جزء منه، وكان بالإمكان أن معركتنا تكون أطول وفيها أدوات مختلفة، ولكننا سنثبت لاحقًا وجهة نظرنا أنّ هذا القانون سيؤثر على الحقوق والحريات العامّة في الأردن نظرًا لتماسها مع كل شرائح المجتمع الذين سيفضلون الصمت وعدم الاشتباك مع الشؤون العامّة حتى لو كان رأيهم إيجابيًا.

المؤسسات الإعلامية.. لقمة العيش وصراع الوجود

وتابع القضاة حديثه: لم نكن على قدر المسؤولية، وكنا نأمل أن يكون هناك خطاب واعٍ حقيقي تقوده النقابة، ولكن لنتأكد تمامًا أنّ النقابة هي نتاجٌ لوضعٍ عامٍ، فالمؤسسات الإعلامية تعاني اليوم من صراع وجود، والصحفيون بدأوا يبحثون عن فرص العمل ولقمة العيش، وهذا انعكس على دور المؤسسات الإعلامية، وانعكس على دور الصحفيين، والنقابة هي نتاج لهذا الضعف الموجود في المؤسسات الإعلامية، والموجود بين الصحفيين.

وأضاف قائلا: “لا تتوقع أن تكون لديك نقابة صحفيين قوية في ظل صحفيين لا يتمتعون بتدريب وتأهيل مستمر، ويتمتعوا بمصدر دخل يحقق لهم الأمان الوظيفي، ولا تتوقع من المؤسسات الإعلامية ان تنتج نقابة قوية وهي تعاني من صراع الوجود.

ولفت القضاة إلى أنّ كثيرًا من مؤسساتنا الإعلامية ممكن في أي لحظة أن تختفي، لأنه بالأسف نحن الصحفيين انكفأنا على مصالحنا الشخصية، وانكفأنا على البحث عن قطاعنا ووظائفنا ونسينا القطاعات الأخرى، وأغلب الصحفيين أصبح همهم مركزهم ووظائفهم.

وعبر عن أسفه من أنّ بعض القيادات في مؤسساتنا الإعلامية التي جاءت بها الحكومة، أسست لهذه الحالة.

وقال إنّ الحكومة تجبرت في المؤسسات الإعلامية للدفع بقيادات ضعيفة في العمل الإعلامي وعلى مقاسات الحكومة ورئيسها.

وأضاف، لم يكن لدينا مشكلة في الحقيقة أن تقوم صحيفة كبرى بقيادة حرب للدفاع عن القانون، لكن لا أقبل لها الصمت، وعلى الأقل أن تشتبك مع القضية ويكون لها وجهة نظر.

وتابع القضاة حديثه بالقول: مؤسساتنا الإعلامية جزء قليل منها اشتبك مع الملف، وآخر اشتبك بطريقة خجولة، وهناك الجزء الأكبر الذي غاب تمامًا عن المشهد، ولم نسمع لهم صوتًا من صحف ومؤسسات كبرى وكأنّه لا شيء هناك يشغل الرأي العام، وكأنهم غير معنيين في الفقرة (ج) من المادة (19) التي لو كانت أقرت من مجلس النواب كانت ستؤدي لإغلاق هكذا صحف.

مقياس المصالح أولاً وضريبة الصمت

وقال القضاة: للأسف أنّ هذه القيادات الصحفية والإعلامية أصبحت تقيس مصلحة الوطن على قياسها على مصالحها الشخصية، وتحاول الحفاظ على مكتسباتها والحصول على أعلى قدر منها من خلال الإبقاء على هكذا قيادات، وهي في الوقت ذاته قيادات غير مؤهلة.

وأضاف، نحن ملامون في المؤسسات الإعلامية بصبرنا على تلك القيادات، التي أنتجت لنا مؤسسات ضعيفة أدت إلى شبكات تواصل تقود المشهد.

ولفت القضاة بالقول: هذه قضية مهمة جدًا، نحن كنا نرى كصحفيين وناشطين أنّ هناك استباحة حقيقية لحالة الحريات بشبكات التواصل الاجتماعي وكنا نصمت، وكنا نرى كمؤسسات إعلامية وكنقابة صحفيين أن هناك استباحة لحق حرية التعبير من بعض أطراف باسم حرية الصحافة ووصلت إلى حد الابتزاز وكنا نصمت، ومع الأسف بسبب هذا الصمت وصلنا لحالة حتى توفر لدى الحكومة قناعات ومجموعة من الأحداث تراكمت حتى أصبحت ظاهرة، وهي ظاهرة ما يسمى بالابتزاز، ومن خلالها وبسببها تمّ الترويج لهذا القانون.

وقال: نحن بصمتنا كنقابة صحفيين وكمؤسسات إعلامية مهدنا للأسف لصدور هذا القانون الذي سنعاني منه لاحقًا.

واستدرك القضاة بالقول: لكن الصحفيين المهنيين يستطيعون الإفلات من قبضة هذا القانون، لكن نحتاج لقيادات مهنية أولاً قبل أن ندرب الصحفيين ونعطيهم الدور بمهنية حتى لا يقعوا في شراك هذ القانون، لكن هذا الدور يعتمد على القيادات المهنية التي تعي مؤسساتها.

وختم حديثه بمفارقة وتوجيه رسالة لأصحاب القرار، أنّه عندما أريد محاكمة شخص ينتقد بشكلٍ لاذعٍ رئيس الوزراء أو غيره، يجب أن أحاكم شخصًا آخر يمتدح رئيس الوزراء ويمتدح أداءه “بشكلٍ منفرٍ”، على حد تعبيره.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: