القضاة لـ “البوصلة”: وزارة الاتصال الحكومي “رِدّةٌ” عن التعديلات الدستورية

القضاة لـ “البوصلة”: وزارة الاتصال الحكومي “رِدّةٌ” عن التعديلات الدستورية

عمّان – رائد صبيح

أكد عضو نقابة الصحفيين الأردنيين خالد القضاة في تصريحاته لـ “البوصلة” انّ “إعادة إنتاج وزارة الإعلام تحت مسمّى وزارة الاتصال الحكومي هو ردّة عن التعديلات الدستورية التي ذهبت باتجاه منح  استقلالية تامّة للإعلام، وأن يكون هناك حتى للإعلام الرسمي شخصية اعتبارية بعيدة كل البعد عن السلطة التنفيذية، مطالبًا في الوقت ذاته بضرورة عقد مؤتمر عام يجتمع فيه كل الأطراف لإعادة صياغة الخطاب الإعلامي الأردني بشكله الصحيح بعد أن فقد بوصلته وهويته.

وقال القضاة: إنّ إعادة هذه الوزارة بهذا المسمّى ليكون الوزير هو الذي يتدخل مباشرة في عمل الإعلام الرسمي، ما هو إلا ردّة وتكريس لهيمنة الحكومة على المنتج الإعلامي في المؤسسات الإعلامية الرسمية.

“وأعتقد لن يكون هناك تفعيل لمنتج مختلف بل سنشهد تراجعًا أكثر وأكثر في الإعلام الرسمي، لأن هذه المؤسسات التي كنّا ندعم أن تكون أكثر استقلالية وأكثر قوة وأكثر فاعلية ستعود وتخضع لمزاج رئيس الوزراء”، على حد تعبير القضاة.

خالد القضاة: الأردن فقد هويته وبوصلته الإعلامية ويجب عقد مؤتمر عام لجميع الأطراف لإعادة صياغة الخطاب الإعلامي الأردني بشكله الصحيح

وأضاف بالقول: “سيتدخل في أدق تفاصيلها وزير الاتصال الحكومي بمسمّاها الجديد، وكان يتدخل سابقًا من خلال أذرع مختلفة في المحتوى، لكن الآن سيصبح أكثر تدخلاً”.

وزارة حالمة بشخوص لا يشبهوننا

وعبّر القضاة عن أسفه من أنّ “هذه الوزارة حالمة ورئيس الوزراء أعتقد أنه لا يشبهنا ووزير الإعلام نشعر أنه كأنه لم يكن يومًا من الأيام ابن هذه المهنة وهذا الواقع، فغيابه المتكرر عن المشهد الحقيقي للقيام بدوره”، لافتًا بالقول: “وأعتقد أن الانطباع المأخوذ عن وزير الاتصال الحكومي الحالي هو الغياب في المفاصل الحقيقية وترك الساحة، والتدخل فقط عندما يرغب رئيس الوزراء بتدخل وزير الإعلام وبما يريد سماعه رئيس الوزراء وما يطيب له سماعه”.

واستدرك بالقول: “إذا كانت هذه الوزارة الجديد ستقوم على نهج التدفق الحر للمعلومات وتأهيل الناطقين الإعلاميين بشكلٍ أفضل، وتسنّ تشريعات تثبت حق الحصول على المعلومة، فهذا نهجٌ محدود”.

وأوضح القضاة: “إن كان هناك نهج لهذه الوزارة ولنشعر بالتفاؤل ولو للحظة، مع أنّي بالخبرات المتراكمة مع طريقة تعامل هذه الحكومة ومع مختلف الملفات وخاصة التي كانت تحظى بامتداد للرأي العام، غابت الحكومة عن تلك القضايا وغاب الوزير والناطق باسمها، وأصبح المجتمع غارقًا بالشائعات، وأصبح هناك ما تسعى الحكومة للترويج له وتشجع عليه وما يسمّى الإعلام البديل الذي يقوم في أساسه على تحييد الصحفيين والمؤسسات الإعلامية وترك شبكات التواصل الاجتماعي تقود المشهد، واليوم يتحدثون عن وزارة للاتصال الحكومي”.

إستراتيجية جديدة لتصحيح فقدان البوصلة

وشدد على أنّ “هذه الحكومة فقدت بوصلتها في الإعلام وهذه الحكومة ليس لديها استراتيجية واضحة، ولذلك نحن نطالب أن يتم وضع إستراتيجية خاصة للإعلام تقوم على الأساس التالي: أن يكون تدفق حر للمعلومات من كل الوزارات، وأن تتوقف الحكومات ومؤسساتها عن إرسال الأخبار الجاهزة للمؤسسات الإعلامية، وتقوم بإرسال معلومات، وتترك للصحفيين إعادة إنتاج الأخبار بالطريقة التي يشاؤونها، وليس إرسال أخبار جاهزة بعناوينهاوصورها كالطريقة المعتادة”.

وأشار بالقول: “وأن يكون هناك مؤتمر عام يجتمع فيه كل الأطراف لوضع إستراتيجية تليق بالإعلام، وتليق بدولة عمرها مائة عام، وتليق بدولة شيمها التسامح وكرامة المواطنين وحفظ حقوق الإنسان”.

وعبّر القضاة عن اعتقاده وثقته بأنه “إذا تم عقد مثل هذا المؤتمر ودعيت له كل الأطراف حتى نتمكن من إعادة صياغة خطاب إعلامي، لأنّ الأردن فقد هويته وبوصلته في الإعلام، وكل إعلامنا أصبح يخاطب الداخل فقط، وألغينا خطابنا باللغات المختلفة، ويتوجب علينا من خلال هذه الوزارة المستحدثة خطاب باللغة الإنجليزية يحمل “رسالة الدولة” وليس رسالة الحكومة، ويكون هناك خطاب بمختلف اللغات وليس هناك مانع أن يكون الخطاب باللغة الفارسية والتركية وحتى بالفرنسية والإسبانية، لنسمع العالم موقف الأردن من مختلف القضايا”.

وختم تصريحاته لـ “البوصلة” بالقول: يمكن أن تكرس هذه وزارة الاتصال أخبارها على: قام رئيس الوزراء، وودع رئيس الوزراء، واستقبل الوزير الفلاني، وودع وزارة وافتتح…، أعتقد أننا سنخصر آخر قلعة من قلاع الإعلام الأردني، وهي مؤسسة الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء الأردنية “بترا” التي ما زالت متمسكة بمهنيتها العالية رغم كل المعيقات التي توضع أمام صحفييها، في أن يكون لدى الدولة خطاب إعلامي يحمل رسالة الدولة ويحاول الإفلات كل مرة من قبضة الحكومات المتعاقبة وخاصة الحكومة الحالية.

تفويض جديد ووزارة تواكب الثورة المعلوماتية

وكان وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل الشبول، قال في تصريحات له من خلال برنامج ستون دقيقة الذي بثه التلفزيون الأردني الجمعة الماضية: إن التعديل الوزاري هو تفويض جديد للحكومة للعمل ضمن مسارات التحديث الثلاثة التي أُطلقت مع بداية المئوية الثانية للدولة الأردنية (التحديث السياسي، ورؤية التحديث الاقتصادي، وخارطة تحديث القطاع العام).

وأكد الشبول أن هناك مهمات جديدة للحكومة بعد التعديل الأخير تتمثل بترشيق الأداء وتحسين الخدمة العامة وجذب الاستثمار والتنمية الاقتصادية وإتاحة بيئة حزبية سياسية ممكنة.

وحول إنشاء وزارة للاتصال الحكومي، أشار الشبول إلى أن وزارة الإعلام ألغيت قبل نحو 20 عاماً، ولم يتم إيجاد بديل لها، مبيناً أن لجنة تحديث القطاع العام أوصت بعد حوارات معمقة بأهمية وجود وزارة للاستجابة لتطورات الإعلام والثورة المعلوماتية التي يشهدها العالم والحالة الجديدة للإعلام.

وبين أن عدد وسائل الإعلام في الأردن قبل إلغاء وزارة الإعلام كان بالعشرات مقارنة مع 250 وسيلة إعلام حالياً، ما بين رسمية وحكومية وقطاع خاص.

وأوضح الشبول أن وسائل الإعلام الحكومية هي وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، ومؤسسة الإذاعة والتلفزيون، “وأضيف لها هذا العام شبكة الناطقين الإعلاميين باسم الوزارات؛ بهدف ضمان تدفق المعلومات إلى وسائل الإعلام والحفاظ على حق الجمهور في الحصول عليها، كما سيجري خلال العام المقبل تدريب 75 ناطقاً إعلامياً باسم جميع المؤسسات والدوائر الحكومية”، مؤكداً ضرورة وجود جهة مرجعية لهؤلاء الناطقين.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: