الملكة: المجاعة التي يعيشها سكان غزة كارثة من صنع “إسرائيل”

الملكة: المجاعة التي يعيشها سكان غزة كارثة من صنع “إسرائيل”

قالت الملكة رانيا العبدالله إن ما يحدث في غزة اليوم أمر مشين وفظيع للغاية، ومتوقع حدوثه لأنه كان متعمدا، مشيرة إلى أن المجاعة التي يعيشها السكان هناك ليست كارثة طبيعية، لكنها من صنع “إسرائيل”.

جاء ذلك خلال مقابلتها، مساء الاثنين، مع شبكة “سي إن إن” الأميركية أجرتها الإعلامية كريستيان أمانبور عبر الستلايت من قاعدة الملك عبدالله الثاني الجوية، حيث كانت جلالتها قد اطلعت، قبل المقابلة، على كيفية تجهيز المساعدات الغذائية والإغاثية لإرسالها مباشرة إلى سكان غزة عبر الإنزالات الجوية.

وأضافت أننا هذه الأيام نستقبل بقلوب مثقلة جدا شهر رمضان والمرتبط بالجمعات العائلية، والتقاء الناس ومشاركة وجبات الإفطار معا، متسائلة كيف هو الحال بالنسبة لأهل غزة اليوم الذين يعانون من الجوع والعطش في خيام أو ملاجئ مؤقتة، حزينون على موتاهم والحياة التي كانوا يعيشونها قبل بضعة أشهر فقط.

وقالت إنه منذ بداية هذه الحرب قامت إسرائيل بقطع كل ما هو ضروري لاستمرارية حياة الإنسان، الغذاء والوقود والمأوى والدواء والمياه، وذلك مستمر منذ خمسة أشهر مما جعل أهل غزة معتمدين بشكل كامل على المساعدات الخارجية، وفي الواقع، وبشكل منهجي، إسرائيل رفضت وقامت بتأخير الكثير من تلك المساعدات، وفي بعض الأحيان يتم قصف قوافل تحمل هذه المساعدات، وإطلاق النار على الذين يحاولون أخذ أي موارد شحيحة يمكنهم الحصول عليها.

وبينت أنه وفي شمال غزة الناس ليسوا على حافة المجاعة، بل في الواقع هم يموتون جوعا، ويبدأ الأمر بالأكثر ضعفاً: كبار السن، والجرحى، والأطفال. إننا نسمع عن أعداد متزايدة من الأطفال الذين يموتون نتيجة سوء التغذية الحاد والعطش، مشيرة إلى أنه في حال لم تتغير الأمور، ستتزايد هذه الحالات في أنحاء القطاع.

وقالت “هذه عملية قتل جماعي بطيئة للأطفال منذ خمسة أشهر. الأطفال الذين كانوا يتمتعون بصحة جيدة ونمو طبيعي منذ أشهر قليلة، يموتون أمام أعين والديهم، التجويع هو موت بطيء وقاسٍ ومؤلم جدا. تخيل أنك أم أو أب، وعليك أن تمر بذلك، عليك مشاهدة طفلك يعاني بهذا الوضع وأنت غير قادر على فعل أي شيء للمساعدة.

وأضافت أن وقف إطلاق النار الفوري هو الأولوية الأولى، كما أن الذي دفع الأردن للبدء بالإنزالات الجوية، هو تعنت إسرائيل لفتح نقاط الوصول البرية، ولم يكن بوسع الأردن الجلوس مكتوف الأيدي وهو يرى الناس يموتون جوعا، كما أن الجميع يعلم أن الحاجة أكبر بكثير مما نستطيع تقديمه.

وبشأن الإنزالات الجوية، أشارت إلى ما قاله الملك عبدالله الثاني، منذ البداية، بأنها غير كافية وليست بديلا عن وصول المساعدات الإنسانية على نطاق واسع. لذلك لا ينبغي على الدول استخدامها كمفر أو ذريعة لعدم القيام بما يجب القيام به، وهو تنفيذ وقف فوري ومستدام لإطلاق النار، وفتح جميع نقاط الوصول إلى غزة، وبالأخص الطرق البرية، وتبسيط عملية التفتيش، والتأكد من وصول آمن داخل غزة حتى يتم توزيع المساعدات.

وقالت في الوقت الذي يتضور فيه الأطفال جوعا كل لحظة هي فارقة، وكل وجبة لها أهميتها، مبينة أن المجتمع الدولي تجاوز الآن مرحلة محاولة إقناع “إسرائيل” بالقيام بهذه الأشياء، ويجب البدء فعليا باستخدام الضغط السياسي لحملهم على اتخاذ التدابير اللازمة.

وطالبت المجتمع الدولي للتدخل بجدية، مشيرة إلى أن “إسرائيل” تمكنت من الإفلات من العقاب، وقد أثر ذلك على مصداقية العديد من الدول في الغرب.

وأعربت عن امتنانها لرؤية بعض الدول وقد غيرت مواقفها، وما هو ملاحظ من تضامن استثنائي لشعوب العالم.

وأضافت “هذا أدى لحدوث صدع بين الشعوب وقادتها، حيث يتساءل الناس متى ستتخذ حكوماتهم مواقف أكثر حسما؟ ففي كل مرة يتم فيها انتشال طفل من تحت الأنقاض، فإن مصداقية دول، حتى كالولايات المتحدة، والقيم المتعلقة بالمساواة والعدالة وحقوق الإنسان، تصبح موضع شك.

وقالت إن الناس لا يشعرون في الجزء الذي أعيش فيه من العالم بالغضب فحسب، بل يشعرون بخيبة الأمل والإحباط، “كثيرون كانوا معجبين بالقيم الغربية، لكن عليهم الآن إعادة التفكير في نظرتهم للعالم لأنهم يتساءلون، كما تعلمون، كيف تكون حقوق الإنسان مضمونة للبعض، لكن يتم نكرانها عن البعض الآخر”.

وفي إشارة إلى قرار “إسرائيل” الأسبوع الماضي بناء مستوطنات جديدة، قالت طالما يُسمح لإسرائيل بالإفلات من خرق القانون الدولي – وما دام حلفاؤها لا يحمّلونها المسؤولية- فذلك سيزيد حصانتها من العقاب، لذلك، بقيت إسرائيل تتحدث لسنوات عن السلام، ولكنها تحكم عليه بالموت من خلال بناء المستوطنات، الأمر الذي يجعل قيام دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة جغرافيا أقل قابلية للحياة يوما بعد يوم.

وقالت على الكثيرين أن يعرفوا المزيد عن هذا الصراع، وأن يفهموا تعقيداته وأنه من أحد أعظم المظالم عبر التاريخ. وعليهم فهم السبب الجذري لهذه القضية، وفهم أن هذا الصراع لم يبدأ في السابع من تشرين الأول، بل كان نتيجة لسنوات من الاحتلال، والتوسع الاستيطاني، وانتهاكات حقوق الإنسان، وتجاهل القانون الدولي.

وأضافت “في إسرائيل، يتم تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم بشكل منهجي، وهو متأصل وشائع، “يعتقدون أنه “إذا لم نقتلهم، فسوف يقتلوننا”.

وألقت باللوم على القادة الإسرائيليين المتشددين لإبقاء شعبهم في هذه الحالة الدائمة من الخوف من تهديد وجودي غير حقيقي، وجعلهم يشعرون بأن مجرد قتل الفلسطينيين وقتل حماس سيكون الحل للمشكلة.

وقالت إن الحل الحقيقي للمشكلة هو إنهاء الاحتلال، مشيرة إلى أن الفلسطينيين لا يكرهون الإسرائيليين بسبب هويتهم، بل بسبب ما يفعلونه بهم.

وأكدت الملكة رانيا أن الطريق الوحيد لضمان أمن “إسرائيل” هو عبر السلام العادل والشامل، ولا يمكن لجيش في العالم، أو حتى أقوى جيش فيه، أو أكثر الأجهزة الاستخباراتية احترافية، أو أي شيء آخر، أن يضمن ذلك بقدر ما يضمنه السلام العادل والشامل.

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: