المومني لـ “البوصلة”: الانفتاح على العراق مصلحة أردنية إستراتيجية بامتياز

المومني لـ “البوصلة”: الانفتاح على العراق مصلحة أردنية إستراتيجية بامتياز

كشف تفاصيل مشاركته بملتقى الرافدين.. فرصة للاطلاع على الواقع العراقي عن قرب

عمّان – رائد صبيح

أكد الخبير الإستراتيجي وأستاذ الصراعات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني، في تصريحاته لـ “البوصلة“، أنّ الانفتاح على العراق بكل مكوناته الرسمية والشعبية مصلحةٌ أردنيةٌ إستراتيجيةٌ بامتياز، مشددًا في الوقت ذاته على ضرورة إطلاق المبادرات الشعبية ومبادرات مؤسسات المجتمع المدني والقوى الأكاديمية والحزبية للانخراط بالشأن العراقي وعدم الاكتفاء بالعلاقات الرسمية لا سيما وأنّ العراق اليوم في أمس الحاجة لكل الجهود والمبادرات لما تحظى به “الخصوصية الأردنية” باحترام وتقدير كبيرٍ لدى العراقيين.

وتناول المومني عددًا من الملفات الإستراتيجية الهامّة التي تخدم مصالح الأردن والعراق، وكذلك التفاصيل الكاملة لمجريات “ملتقى الرافدين” الذي جمع أكثر من 1300 شخصية عربية ودولية لمناقشة الشأن العراقي الداخلي وقضايا إقليمية ودولية بالغة الأهمية.

ملتقى الرافدين فرصة استثنائية

وقال المومني: إنّ الزيارة الأخيرة للعراق جاءت بناءً على دعوة لحضور ملتقى الرافدين، الذي اكتسب زخمًا ورعاية ودعمًا كبيرًا من الطبقة الثقافية الفكرية والقوى الاجتماعية والسياسية في العراق.

ولفت إلى هذه الزيارة الثالثة للعراق خلال عام، مؤكدًا في الوقت ذاته أنّها كانت فرصة للاطلاع على مجريات الأحداث على أرض الواقع في العراق، سواء من ناحية الاهتمام  الشخصي في السياق الفكري، أو الاهتمام في مجال الدراسة والبحث، ولما يشكله العراق تاريخيًا باعتباره شريكًا استراتيجيًا للأردن.

د. حسن المومني: المشاركة في ملتقى الرافدين كانت بالنسبة لنا فرصة لمقابلة كثير من الزعامات العراقية

واستدرك بالقول: وعلى الرغم من اهتمامي بمتابعة الشأن العراقي اليومي من خلال الأخبار وغيرها، لكن الذهاب للعراق والاطلاع على أرض الواقع والتفاعل مع كثير من القوى الاجتماعية والسياسية تحقق فرصة لتطوير فهم حقيقة ما يجري في العراق.

وتابع بالقول: الملتقى كان فيه أكثر من 1300 شخصية، وتناول قضايا وطروحات كثيرة، سواءً كانت متعلقة بالشأن العراقي، أو الشأن الإقليمي والدولي، والتحديات الدولية، وكان متنوعًا، وكان للأردن نصيب حيث شاركت نخب سياسية أردنية واقتصادية ووزراء سابقين وأساتذة جامعات، وشارك إعلاميون والمجتمع المحلي كذلك، وكانت مشاركة فعالة.

وشدد المومني على أنّ الملتقى جاء كفرصة للاطلاع على ما يجري في العراق خاصة وأنّ هناك عملية سياسية متعثرة منذ شهور.

متفائل رغم انسداد الأفق السياسي

وعبر أستاذ الصراعات الدولية عن تفاؤله بمستقبل العملية السياسية في العراق على الرغم ممّا يظهر للعيان من انسداد في الأفق السياسي، قائلا: بتقديري الشخصي، ويمكن أتحدث بنظرة تفاؤلية بغض النظر عن انسداد الأفق السياسي إلا أنه يلمس الإنسان مستوى من العقلانية المنطقية بين القوى السياسية في التعاطي من خلال حوار، ويلمس أن الشارع العراقي منذ سنوات بدأ يلعب دورًا أكبر، ويتمتع بكثير من المنطقية والعقلانية أيضًا، وهنالك على ما يبدو عقل جمعي عراقي بدأ يتشكل باتجاه أن لا سبيل غير الحوار، وأنّ مسألة العنف لم تعد خيارًا بغض النظر عن حادث هنا أو حادث هناك.

وتابع بالقول: أتحدث عن الشارع وعن كثير من القوى السياسية العراقية، ويبدو لي وكثير من القوى وصلت إلى مرحلة ما يسمّى بالإعياء، وبالتالي أصبح الحوار هو المنطق بالنسبة لهم.

“أتحدث بصورة تفاؤلية لأن العقود الماضية والتطورات والتفاعلات يمكن تدريجيًا أنتجت واقعًا هو أقرب للعقلانية في مرحلة معينة تساعد العراق على الوصول إلى عملية سياسي وواقع أكثر استقرارًا”، على حد تعبيره.

عقل جمعي عراقي وهوية وطنية تتشكل

وأضاف المومني: ممّا لا شك فيه، هناك مشكلة في البيت الشيعي، وعدم التوافق خاصة عند الحديث عن الإطار التنسيقي والصدر وجماعته، ولكن الملاحظ هو سيد الموقف بغض النظر عن جانب من العنف الذي حصل في الفترة الماضية، لكن كلنا نعلم أنّ جميع الأطراف كانت حريصة على أن لا يتسع نطاق هذا العنف.

وأكد أنّ “هذا مؤشر من مؤشرات وجود عقل جمعي منطقي يتجه نحو الحوار، لذلك بتقديري الخاص فإنّ هذا الملتقى من الأهمية بمكان لا سيما وأنّه منصة للقوى السياسية الاجتماعية العراقية للحوار”.

واستدرك بالقول: لأنه أيضًا كثير من القوى والزعامات العراقية وأدلت دلوها وطرحت كثيرًا من المبادرات، والملتقى اصبح منصة للحوار الداخلي والحوار مع العالم والإقليم من حيث أنّ هناك كثير من المشاركين من دول الجوار والعالم.

ونوه إلى أنّه وبغض النظر عن صعوبة المرحلة، إلا أنّ هناك جوانب إيجابية بارزة للعيان، آخذين بالاعتبار الحالة العراقية، ونحن نتحدث عن عقود من حروب من مشاكل داخلية من احتلال من إرهاب، وكل هذه الإرهاصات وفي فترة معينة غياب الهوية الوطنية العراقية وظهور الهويات الفرعية الطائفية والعرقية والدينية.

وقال المومني: اليوم نتحدث عن مزاج آخر يدعو إلى ما يسمى بالهوية الوطنية العراقية وإنشاء الدولة العراقية بعيدًا عن هذه الهويات الفرعية مع احترامنا لها جميعًا.

وكشف أن المشاركة في الملتقى كانت بالنسبة لنا فرصة لمقابلة كثير من الزعامات العراقية، والتي سمعنا منها الكثير عن ضرورة أن يكون الحوار سيد الموقف وأعتقد أنّ الطبقة السياسية في العراق ونتيجة لتأثيرات الشارع وخاصة حراك تشرين وقوته والشارع العراقي منذ عام 2019 أخذ بزمام الأمور، إضافة إلى التطورات الإقليمية.

ولفت المومني إلى أنّ “الطبقة السياسية في العراق أصبح لديها نوع من التكيف مع الشارع ومع ضرورة أن تكون الهوية العراقية الوطنية هي السائدة والابتعاد عن مسألة المحاصصة الطائفية أو العرقية”.

رسالة الأردن في الملتقى

وحول رسالة المشاركين الأردنيين في الملتقى للأطراف العراقية، قال المومني: منذ البداية الأردن منفتح على الدولة العراقية وجميع القوى الاجتماعية والسياسية وهذه خصوصية الموقف الأردني عن دول الإقليم، والكل يعترف بهذه الخصوصية للموقف الأردني والدبلوماسية الأردنية التي يقودها الملك عبدالله الثاني منذ البداية.

وشدد على أنّ “الأردن يتعاطى مع الدولة العراقية ويضع كل إمكانياته في إعادة الاستقرار للعراق، والأردن في الوقت ذات الرسميون والشعبيون منفتحون على القوى العراقية سواء كانت دينية أو عرقية”.

ولفت المومني غلى أنّ الرسالة التي نركز عليها أنّ العلاقة الاردنية العراقية هي علاقة إستراتيجية، ويوجد رهان إستراتيجي من قبل الأردن على استقرار العراق وعودة العراق للحضن العربي هي ضرورة استراتيجية مصلحية أردنية بامتياز، والأردن يعمل كل استطاعته.

وقال المومني: تحدثنا عن الشراكة الثلاثية والرباعية، بين الأردن ومصر والعراق والإمارات، وبالنسبة لي كانت الرسالة أنّ هناك رهان إستراتيجي أردني على العراق نظرًا لمركزية العراق في السياسة الخارجية الأردنية، والعراق بالنسبة للأردن هي قضية خارجية وداخلية، لذلك الأردن يعمل جاهدًا ومنفتح على العراق كدولة وكقوى اجتماعية وسياسية.

وأشار بالقول: بصراحة معظم من تحدث عن الأردن من الزعماء العراقيين تحدثوا بإيجابية، وأشادوا بالخصوصية الأردنية والنموذج الاردني، في التعاطي مع العراق، لأنّ الأردن لم ينأى بنفسه منذ البداية عن العراق؛ بل على العكس كان منخرطًا في الشأن العراقي وقدم الكثير.

وشدد على أنّه في السياق الاقتصادي هناك مراهنة أردنية على تفعيل التعاون مع العراق.

وأضاف المومني أنّ “تاريخ الأمم لا يستطيع أن نختزله بلحظة معينة”، مؤكدًا في الوقت ذاته على أنّ هذا الحدث فرصة تدعونا في الأردن أن نعدد مصادر ومستويات التفاعل مع الشأن العراقي، وأن لا يقتصر على السياق الرسمي، ويجب أن يكون هناك مبادرات شعبية ومبادرات مجتمع مدني والقوى الأكاديمية وغيرها.

وختم تصريحاته لـ “البوصلة” بالقول: “أعتقد أنّ العراق في مرحلة بحاجة لكل جهد، فضلاً عن أنّه اليوم مصلحة اردنية إستراتيجية بامتياز”.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: