المومني لـ “البوصلة”: عودة سوريا للجامعة العربية “واقعية سياسية” لكنّها مشروطة

المومني لـ “البوصلة”: عودة سوريا للجامعة العربية “واقعية سياسية” لكنّها مشروطة

عمان – رائد صبيح

أكد الخبير الإستراتيجي وأستاذ الصراعات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني في تصريحاته لـ “البوصلة” أنّ تسارع عملية عودة مقعد سوريا للجامعة العربية وعودة التطبيع مع النظام السوري جاءت في سياقٍ من “الواقعية السياسية”، وفرضته استداراتٌ وتغيراتٌ متسارعة لدول الإقليم الفاعلة وعلى رأسها تركيا والسعودية وإيران.

لكنّ المومني شدد على أنّ عودة سوريا للجامعة العربية لن تكون بهذه السهولة، لا سيما وأنّ هناك عددًا من الدول العربية ترفض ذلك، فيما الدول الوازنة التي تدعم العودة جعلتها مشروطة بالخطوات التي سيتخذها النظام السوري تجاه عملية سياسية حقيقية تعيد بناء سوريا، لافتًا في الوقت نفسه إلى أنّ هناك عوامل أخرى ضاغطة في هذه المسألة يفرضها المجتمع الدولي المشتبك مع المسألة السورية متمثلا بأمريكا وأوروبا وتركيا وروسيا وإيران وغيرهم.

عوامل أسهمت بالتسريع  

وقال المومني إن مسألة عودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية، ومسألة التطبيع مع النظام السوري، مسألة لطالما كانت مطروحة لا سيما وأنّ هناك دولاً عربية كثيرة تؤيد ذلك.

واستدرك بالقول: لكن هناك مجموعة من التطورات أسهمت في تسريع ذلك، وهذه التطورات تتعلق بمتغيرات واستدارات حصلت في الإقليم، بمعنى أنّ الإقليم منذ عامين يشهد نوعًا من إعادة تعيير العلاقات الإقليمية – الإقليمية سواءً كانت في سياقها التركي، السعودي، الإماراتي، المصري، والسعودي – الإيراني.

د. حسن المومني: “النظام السوري” يسير باتجاه عودة الإدماج في المنطقة سواءً حصل على المقعد في الجامعة العربية أم لا

“أضف إلى ذلك مسألة ما حصل في الكارثة الإنسانية بعد زلزال تركيا وسوريا”، بحسب المومني.

وأشار إلى أنّ “كل العوامل السابقة سارعت منذ شهرين لا سيما فيما يتعلق بموضوع الزلزال، ساهم بتسريع الاشتباك بين سوريا وعدد من الدول العربية الوازنة في النظام الرسمي العربي”.

واقعية سياسية

ولفت المومني إلى أنّ كل التطورات التي حصلت في المنطقة من منطلق الواقعية السياسية، وإذا أردنا أن نفهم على سبيل المثال الاتفاق السعودي الإيراني فهو يأتي في هذا السياق الذي فرضته مصلحة البلدين.

وقال: “قطعا أي تفاهمات بين دول إقليمية فاعلة، وايّ انفراج بينها سيؤثر على كثير من القضايا التي هي في الأساس أطراف فيها، فطبيعة العلاقات بينهما تحدد طبيعة الاتجاهات وطبيعة النزاع خاصة وأن الحديث عن مسألة مثل المسألة السورية التي يمثل البعد الإقليمي  والدولي فيها عاملاً مهمًا جدًا”.

وأوضح أنّه من الطبيعي بتقديري الشخصي زيادة وتيرة العلاقات وازدياد عدد الدول العربية الراغبة بعودة سوريا للجامعة العربية وإدماج النظام السوري في النظام الرسمي العربي من جديد، على اعتبار أنّ كل ما جُرّب في السابق بقنوات دبلوماسية عقدت في أستانة، وجنيف، وفيينا، لم تأت بحل، فيما استمرارية الوضع الراهن لا يخدم أحدًا.

دول رافضة وأخرى تشترط  ولكن التطبيع مع الأسد حتمي

وأضاف المومني: في مسألة الدول التي تعارض الإدماج، يوجد دول عربية من حيث المبدأ تتحدث عن أنّ الظروف والأسباب التي أدت إلى فقدان سوريا مقعدها في الجامعة العربية ما زالت قائمة وهو ما يمثل الموقف القطري الرسمي الصريح، ويوجد دول مثل الأردن الذي من مصلحته أن تعود سوريا دولة مستقرة عبر عملية سياسية، لكن الأردن صاحب خطة (سياسة خطوة خطوة)، ولكن الأردن يتحدث عن عودة مشروطة بمعنى أنه يجب أن يتخذ النظام السوري خطوات في كثير من الأمور، سواء كان فيما يتعلق بالجنوب السوري والعملية السياسية، واللاجئين، وغيرها من المسائل.

واستدرك المومني بالقول: لذلك يتحدث الأردن عن قضية “خطوة خطوة”، بمعنى أن لا تتم العودة دون تنازلات ودون تكلفة يدفعها النظام السوري في هذا السياق.

وأكد أنّ دولًا أخرى موقفها من سوريا مرتبط بقضايا خاصة فيها، مثلا المغرب موقفه مرتبط بالصحراء الغربية، حيث دعم النظام السوري الجزائر في هذه المسألة، فيما الكويت لديها تحفظ على عودة نظام الأسد للجامعة العربية.

إقرأ أيضًا: المومني لـ “البوصلة”: زخم الاشتباك العربي مع سوريا جاء لهذه الأسباب

لكنّ خبير الصراعات الدولية يعتقد أنّ “النظام السوري” يسير باتجاه عودة الإدماج في المنطقة سواءً حصل على المقعد أو لم يحصل ذلك، فالغالبية من الدول العربية تسير باتجاه التفاعل الدبلوماسي مع سوريا مجددًا.

ولفت بالقول: “لكن بتقديري الشخصي حتى لو استعادت سوريا مقعدها في الجامعة العربية، صحيح أنه سيعتبر جزءًا من النجاح النسبي، لكن المسألة السورية أكبر بكثير من قضية استعادة مقعد في الجامعة العربية”.

وأكد أنّ القضية ما زالت معلقة، وما زال هناك بعد دولي مهم جدًا، أوروبا وأمريكا، وتركيا وقضية الشمال السوري، ونحن نعلم أن تركيا كانت تتواصل مع سوريا قبل الكارثة الإنسانية دبلوماسيًا في لقاءات رباعية تضم سوريا وتركيا وروسيا وإيران.

سيناريو مرجح

ورجح المومني أن يكون هناك نوععٌ من التوافق لحل وسط فيما يتعلق بهذا الأمر، ويكون هناك خطة إدماج، لكن هناك قرارات دولية ومبادئ للمجتمع الدولي، وقد نرى نوعًا من الحل الوسط وخطوات يتخذها النظام السوري وخطوات أخرى تتخذها الجامعة العربية.

ونوه إلى أنّ خيار عودة النظام السوري للجامعة العربية دون توافق تبدو فرصها ضعيفة، ولذلك نسمع التصريحات الجارية اليوم سواءً كانت من قطر أو من الأردن (خطوة بخطوة)، أو اندفاعات الدول الأخرى، ولغاية اليوم لم نفهم حتى اللحظة الموقف السوري، لا سيما وأن سوريا زارها كثير من المسؤولين العرب والرئيس السوري بشار الاسد زار دولاً عربية، فهل كان هناك عرض مقدم من النظام السوري لموضوع إعادة التأهيل وبالتالي تم إنتاج عملية سياسية بهذا المعنى.

ضعف المعارضة السورية أحد الأسباب

وحول المعارضة السورية وموقفها، قال المومني: للأسف، فإنّ المعارضة السورية في السنوات الأخيرة أصبحت مهمشة مقسمة ضعيفة وفقدت أدوارها، فكان في المعارضة منصات كثيرة منها منصة القاهرة، ومنصة الرياض.

وأضاف، “بتقديري الشخصي المعارضة السورية ضعفت بشكل جذري، وفي سياقها المسلح لم تعد قائمة بالمعنى الحقيقي، واختزلت في الشمال السوري وإدلب، وبمعنى أنّ الدول الراعية هي التي تتحكم فيها، وقلنا إن أحد الأسباب والتطورات التي أدت إلى تسريع عودة الحديث عن عودة سوريا للجامعة العربية ما تعانيه المعارضة السورية من ضعف شديد”.

وختم المومني تصريحاته لـ “البوصلة” بالقول: ورأينا في أستانا وجنيف كان هانك محاولات لخلق عملية سياسية ومعارضة واجتماعات في موسكو بينها وبين النظام السوري، وتعثرت تلك المفاوضات عند لجنة الدستور، والمعارضة الآن بأضعف حالاتها اليوم، وهو ما يعطي النظام السوري الانطباع بالخروج منتصرًا في السردية المتعلقة بقضية محاربة الإرهاب وغيرها، وجميع الدول التي كانت راعية للمعارضة السورية تغيرت أولوياتها ومصالحها تبدلت، وهو ما أدى إلى ضعف الدعم الإقليمي والدولي للمعارضة.

اجتماع جدة يبحث جهود حل الأزمة السورية

شارك نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، مساء الجمعة، في اجتماع عربي تشاوري دعت إليه السعودية، وشاركت فيه مصر والعراق ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وبحث الاجتماع غير الرسمي الذي دعا إليه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان سبل تعزيز العمل العربي المشترك في مواجهة التحديات المشتركة ومعالجة الأزمات العربية، وركز الاجتماع على القضية الفلسطينية وجهود حل الأزمة السورية.

وتوافق الاجتماع على أهمية إطلاق دور عربي قيادي في جهود حل الأزمة السورية ومعالجة جميع تبعاتها.

واستعرض الصفدي خلال الاجتماع المبادرة الأردنية القائمة على انخراط عربي سوري مباشر للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية يحفظ وحدة سوريا وتماسكها وسيادتها ويعيد لها أمنها واستقرارها ودورها ويهيئ ظروف العودة الطوعية للاجئين ويخلصها من الإرهاب.

والتقت مبادرة الأردن مع الطروحات التي قدمتها السعودية والدول العربية المشاركة والتي عكست توافقاً على ضرورة التوصل لحل سياسي للأزمة وتفعيل الدور العربي القيادي في جهود التوصل لهذا الحل.

واتفق الوزراء على الاستمرار في التشاور والتنسيق للاتفاق على آليات العمل والخطوات القادمة لإطلاق الدور العربي القيادي في جهود حل الأزمة.

(البوصلة)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: