“باب الرحمة”.. صراع إسرائيلي على هويته وتحقيق أوهام التقسيم المكاني للأقصى

“باب الرحمة”.. صراع إسرائيلي على هويته وتحقيق أوهام التقسيم المكاني للأقصى

البوصلة – ثلاثة أعوام مرت على ذكرى “هبة باب الرحمة”، واستعادة المصلى إلى حضن المسجد الأقصى المبارك، بعد إغلاقه 16 عامًا، وما يزال الصراع الإسرائيلي يحتدم على هويته العربية الإسلامية، ومحاولات الاحتلال للاستيلاء عليه، تمهيدًا لتحقيق حلم تقسيم المسجد مكانيًا.

ففي مثل هذا اليوم من العام 2019، تحدى المقدسيون بصمودهم وإرادتهم القوية إجراءات الاحتلال، وأعادوا فتح مصلى باب الرحمة شرقي الأقصى وأداء الصلاة فيه.

وأفشل الحراك الشعبي كل المحاولات الإسرائيلية لتقويض نتائج الهبة وإغلاق المصلى مجددًا، ومنع الاحتلال من إحداث أي تغييرات جوهرية في المكان، رُغم الممارسات الهمجية وعمليات الملاحقة والاعتقال التي تطال المقدسيين وموظفي دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس المحتلة.

وقضية باب الرحمة تعود إلى عام 2003، عندما أغلقته شرطة الاحتلال، حيث كان مقرًا للجنة التراث الإسلامي، واعتبرته أنه يستخدم لنشاطات سياسية، وفي عام 2017، أصدرت محكمة الاحتلال قرارًا قضائيًا يقضي بإغلاق المبنى إلى إشعار آخر، بموجب “قانون مكافحة الإرهاب”.

لكن اكتشاف المصلون للقفل الذي وضعته شرطة الاحتلال على البوابة الواقعة أعلى الدرج المؤدي للمكان، أحدث موجة غضب عارمة في صفوفهم، فبدأت التطورات تتلاحق في باب الرحمة، وأدى المقدسيون صلواتهم فيه، حتى تحول إلى نقطة للرباط والمواجهة، تُوجت بانتصار المقدسيين ودخولهم المصلى بعد إغلاقه 16 عامًا.

ومنذ إعادة فتح مصلى باب الرحمة، تصاعدت اعتداءات الاحتلال وانتهاكاته الخطيرة بحق المسجد الأقصى، والمصلى، وحتى المصلين يتم ملاحقتهم واعتقالهم وإبعادهم عنهما لفترات متفاوتة، ناهيك عن تدنيس عناصر الشرطة للمصلى بأحذيتهم، وتصوير جميع المتواجدين بالمكان.

ولم تسلم المرابطات من ملاحقات الاحتلال، وحتى على وجودهن في ساحة المصلى لقراءة القرآن أو الجلوس تحت الشمس يتم اعتقالهن، بحجة تحريض الفتيات والنساء على التواجد في المصلى، لعرقلة اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى.

تحقيق 3 مسارات

ويقول نائب مدير عام الأوقاف الإسلامية بالقدس الشيخ ناجح بكيرات لوكالة “صفا” إن الاحتلال أقدم على إغلاق باب الرحمة لمحاولة فرض ثلاثة مسارات، أولًا: يريد تجفيف وجود المصلين والمرابطين في المنطقة، ومنع أي تواجد فلسطيني في المنطقة الشرقية للأقصى، وخصوصًا باب الرحمة.

وثانيًا-حسب بكيرات-يريد الاحتلال أن يُوفر للمتطرفين اليهود مكانًا آمنًا يمارسون فيه طقوسهم التلمودية بكل أريحية، بعيدًا عن أي وجود إسلامي.

وأما المسار الثالث، فإن الاحتلال يسعى إلى تهيئة المكان ليكون موطئ قدم للتقسيم المكاني للمسجد الأقصى وباب الرحمة.

ويوضح أن نجاح المقدسيين في إعادة فتح مصلى باب الرحمة شكل نجاحًا كبيرًا في النضالات الوطنية بتاريخ القضية الفلسطينية، لأنه استطاع أي يمنع التقسيم المكاني ، وأعطى المقدسيين دافعة قوية لمواجهة الاحتلال، وأنه يمكن كسره ومنعه من تنفيذ مخططاته.

ويضيف “حينما يكون هناك إرادة شعبية قوية وتضافر للجهود الرسمية مع الشعبية ورؤية وهدف واضحين يمكن تحقيق الإنجازات ووقف تنفيذ مخططات الاحتلال ضد الأقصى”.

ويتابع أن نجاح المقدسيين وجه رسالة ودرس للأمة العربية والإسلامية، مفادها أنه “بإمكانكم مقاومة المحتل ومحاصرته لا أن يحاصركم، فهو بعث الأمل في الأمة”.

ويقول بكيرات: “ما دمنا حراس أوفياء وسدنة مخلصين لقضيتنا وقدسنا ومسجدنا الأقصى ولأرضنا ووطنا، فإننا نمتلك الإرادة القوية والرؤية الواضحة التي نستطيع من خلالها تحقيق انتصارات على كل الجبهات”.

ويؤكد أن على المقدسيين والفلسطينيين وكل من يستطيع الوصول للمسجد الأقصى أن يرابط فيه، لأننا كلما تجذرنا في المسجد استطعنا أن نحافظ على وجودنا، لأن قضية باب الرحمة لعبت دورًا مهمًا وكبيرًا في تحصين الأمة، وأنها لم تنتهي إلا بتحقيق الانتصار.

وبحسب بكيرات، فإن” ما فعله الاحتلال من محاصرة وتضييق وقمع للمقدسيين منذ عام عامي 2015، و2017، وما بعدها، يُدلل على أن الصراع يحتدم، وأننا على أبواب معركة مفصلية مفتوحة مع هذا الاحتلال”.

ويشير إلى أن سلطات الاحتلال صعدت من درجة انتقامها من المقدسيين إلى مستوى كبير جدًا، حتى اعتدت على الأطفال والبيوت، فهي تعيش حالة هستيرية، بحيث شاركت في خلق جيل مقاوم، ويحافظ على مقدساته ووطنه وعقيدته ويدافع عنها.

رباط ومقاومة

وشكلت هبة باب الرحمة صلة وصل بين هبة باب الأسباط عام 2017، وما قبلها من هبات، وهبة باب العامود عام 2021 ومعركة القدس التي تلتها. كما تقول مؤسسة القدس الدولية

وأوضحت أن هذه الحلقات المتواصلة من الرباط والنضال والمقاومة في القدس هي السور الحامي للمسجد الأقصى، وهي الوضع الطبيعي الذي يجب أن تكون عليه العلاقة مع الاحتلال إلى أن يزول عن قدسنا وأقصانا.

وأشارت إلى أن ذكرى هبة باب الرحمة تأتي هذا العام، في ظل اعتداءات إسرائيلية متواصلة على المسجد الأقصى، ويتوقع أن تشتد في شهر رمضان القادم، بسبب تزامنه مع “عيد الفصح العبري”.

ودعت أهالي القدس ومن يستطيع الوصول إليها من المناطق الفلسطينية إلى شد الرحال والرباط المتواصل الكثيف في المسجد الأقصى لصد هجمة الاحتلال ومستوطنيه على المسجد.

كما دعت أبناء أمتنا إلى المشاركة الفاعلة في “أسبوع القدس” الذي أعلنت عنه أبرز المرجعيات الدينية في الأمة، عبر مختلف أشكال التفاعل والتضامن.

صفا

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: