بعد قرار “الكابينيت”.. هل تقبل السلطة “شروط بقائها”؟

بعد قرار “الكابينيت”.. هل تقبل السلطة “شروط بقائها”؟

أجمع كتاب ومحللون مختصون بالشأن الفلسطيني على أن قَبول قيادة السلطة الفلسطينية بالشروط الإسرائيلية التي أقرها “الكابينيت” الإسرائيلي أمس الأحد لمساعدتها ومحاولة منع انهيارها “مذلة ومهينة” وتضع السلطة في موقف محرج في مواجهة شعبها ومقاومته.

وحذر هؤلاء، في أحاديث منفصلة لوكالة “صفا” من قبول قيادة السلطة لهذه الاشتراطات التي تصب في مصلحة الاحتلال وتجعلها شريكًا أمنياً له، ما سيؤدي لخروج الأمر عن السيطرة خاصة في الضفة الغربية المحتلة.

وقرر المجلس الإسرائيلي الوزاري الأمني المصغر “الكابينت” أمس، تبني مقترح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بالعمل على منع انهيار السلطة الفلسطينية، عبر خطوات وتسهيلات اقتصادية، كما ستكون هناك خطة مالية لإنقاذ السلطة تشمل ضمان قروض، وتسوية ديون، وخصمًا على الوقود ومدفوعات ضرائب مسبقة.

ومع أنّ بيان مكتب نتنياهو لم يتطرق إلى التفاصيل، إلا أنّ وسائل إعلام إسرائيلية كشفت أنّ المقترح ينص على ضرورة أنّ تلتزم السلطة بوقف أنشطتها ضد “إسرائيل” في الساحة القانونية والسياسية الدولية، ووقف “التحريض” في وسائل الإعلام ومنظومة التعليم، ووقف رواتب عائلات منفذي العمليات الفدائية، ووقف البناء الفلسطيني في المناطق المصنفة “ج” بموجب اتفاقية أوسلو.

سيناريوهات مؤلمة

الكاتب والمحلل المختص بالشأن الفلسطيني حسام الدجني، قال لـ “صفا” إن: “إسرائيل جادة في موضوع دعم السلطة ومنع انهيارها لأن الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي يستثمرون في هذه السلطة وفي صياغة كل مؤسساتها والاتفاقيات معها، بالإضافة إلى أن حكومة الاحتلال معنية بأن تبقيها لتشكل حالة من الاستقرار الأمني على المستوى المحلي والدولي”.

وأوضح الدجني أن “إسرائيل” تخشى من سيناريوهات مؤلمة ومن دفع فاتورة أمنية كبيرة خاصة في الضفة الغربية في حال انهارت السلطة.

ورأى أن الشروط الإسرائيلية تعكس عنجهية حكومة الاحتلال اليمينية، لافتًا إلى “أن قيادة السلطة لن تقبلها تخوفًا من أنه ليس من السهل أن تضع هذه السلطة نفسها في هذا المربع”.

وتوقع الدجني أن تكون هذه الشروط موجهة لإرضاء أقطاب اليمين المتطرف في الكابينيت الوزيران “إيتمار بن غفير” و”بتسلئيل سموتريتش” أكثر من أنها موجهة للسلطة والاحتلال؛ “فالاحتلال يدرك أن السلطة في أضعف حالتها ولا يمكنها مواجهة الجماهير والمقاومة في الضفة دون أفق سياسي واضح المعالم”.

وأضاف “السلطة لن تقبل بوضع نفسها في هذا الدور، والذي كان يدفعها للذهاب بهذا الاتجاه هو المسار السياسي التي كانت تضمنه الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وفي حال قبلت بهذه الشروط فإن انعكاس هذا الأمر سيلقي بظلال سلبية على مؤتمر الأمناء العامون المقرر في القاهرة”.

وتابع “السلطة كانت مرتبطة باتفاقيات أمنية وكان هناك أفق.. الآن هناك انسداد والسلطة خياراتها استنهاض قدراتها عبر فرصة القاهرة في مؤتمر الأمناء العامين، ويجب أن تتبنى استراتيجية وطنية واضحة المعالم لمواجهة فاشية للاحتلال”.

رد السلطة وسلوكها

أما الكاتب والمحلل السياسي ذو الفقار سويرجو، فقال إنه: “يتوجب علينا أن ننتظر رد السلطة فيما إذا قبلت بالقرارات والشروط الإسرائيلية الأخيرة أم لا”.

وذكر سويرجو، لوكالة “صفا”، أنه في حال أقدمت السلطة على الموافقة على هذه “المقايضة الرخيصة” فستصبح شريكًا أمنيًا للاحتلال، لافتًا أن “الأمر لن يبقى عند حدود التنسيق الأمني وستصبح السلطة بمثابة جزء من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وهدفها فرض الأمن في الضفة بقوة السلاح، وقد يتطور الأمر إلى الاشتباك مع الجمهور الفلسطيني”.

وأضاف “السلطة ليست بهذا الغباء لأن تقبل، وإن ذهبت نحو ذلك فهي تكتب نهايتها بيدها وستكون شريكة مع الاحتلال، خاصة أن ردة الفعل ستكون أكبر من أبناء فتح أنفسهم”.

وأشار الكاتب سويرجو إلى أن ما تم إعلانه من “الكابنيت” هو ما تريد الكشف عنه الجهات الإسرائيلية.

وتابع “قد يكون هناك بنود غير معلنة بكثير من التفاصيل خاصة في الناحية الاقتصادية وتأمين المال للسلطة وامتيازات لقادتها، وسيكون هناك رشوة كبيرة للسلطة حتى تستطيع تبرير موافقتها على مواجهة الجمهور الفلسطيني، وحينها ستكون ضربة في المقتل للسلطة إذا قبلت”.

وحول ما إذا هذا الأمر سيلقي بظلاله على اجتماع أمناء الفصائل المفترض في القاهرة، رأى الكاتب سويرجو أن الفصائل تسرعت في إعلان قبول الدعوة قبل أن تسمع وتتأكد من ردة فعل السلطة على شروط “الكابينيت”.

وذكر أن “السلطة من الممكن أن تعتمد خطابين أولهما سيكون سريًا مع الإسرائيليين يعبر عن التوافق على امتيازات لشريحة من قيادات السلطة، أما الثاني فسيكون موجهًا للداخل الفلسطيني والمحيط العربي الإسلامي بشأن رفض التعاون مع إسرائيل بهذه الشروط”.

ولفت إلى أن سلوك السلطة على الأرض هو الذي سيحكم ردود الفعل الفلسطينية الشعبية، وليس حديثها، متسائلًا “هل سيكون اقتحامات واعتقالات لرموز للمقاومة؟ حينها سيكون الغضب مضاعفًا وستكون السلطة في وضع حرج وصعب جدًا وقد تنقلب الأمور لمواجهة بين ديكتاتورية السلطة والشعب”.

وتصاعدت الانتقادات للسلطة مؤخرًا في الشارع الفلسطيني على وقع استفحال جرائم الاحتلال، وعدم تدخل الأجهزة الأمنية في صد الاعتداءات الإسرائيلية خاصة التي يقترفها المستوطنون، فضلًا عن استمرارها في التنسيق الأمني وتنفيذ الاعتقالات السياسية واعتقال المقاومين.

(صفا)

Share on whatsapp
Share on facebook
Share on twitter
Share on telegram
Share on email
Share on print

رابط مختصر للمادة:

اقرأ أيضاً

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on email
Email
Share on print
Print

رابط مختصر للمادة: